بين تنقيح القانون المحدث لها وإعادة فتح باب الترشحات من جديد: وتتواصل الولادة العسيرة للمحكمة الدستورية

تجدد الخلاف حول معضلة انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية من جديد، وذلك بعد تقديم مبادرة تشريعية من قبل الحكومة من أجل تنقيح القانون

المحدث لها وتسهيل عملية انتخاب بقية الأعضاء، بالتزامن مع قرار مكتب المجلس إعادة عملية الانتخاب من جديد بعد فتح باب الترشحات. بين الحكومة ومجلس نواب الشعب، أي منهما ستكون له الكلمة الفيصل خصوصا وأن المعارضة في البرلمان تجندت من أجل رفض هذه التنقيحات.

بعد فشل مجلس نواب الشعب في انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية منذ مارس الفارط، هذا الفشل جاء نتيجة إجراء ثلاثة دورات انتخابية متتالية إلا أنها لم تسفر سوى عن انتخاب عضو وحيد من جملة أربعة. وحسب القانون المحدث للمحكمة الدستورية فإن البرلمان ينتخب أربعة مرشحين من بين 12 آخرين يعينون بالتساوي بين كل من رئيس الجمهورية والمجلس الأعلى للقضاء. تعطل تركيز المحكمة الدستورية نتيجة غياب التوافق بين الكتل البرلمانية باعتبار أن المرشح يجب أن يحصد 145 صوتا للفوز بعضوية المحكمة.

وعلى إثر ذلك دخل مجلس نواب الشعب في أزمة خانقة تتمثل في إعادة فتح باب الترشحات من جديد، وهي عملية تتطلب مزيدا من الوقت من فتح باب الترشحات إلى عمليات الفرز والنظر في الملفات. لكن في المقابل، فإن البرلمان وجد نفسه مجبرا على اتخاذ هذا السيناريو بالرغم عن تعهد كل من رئيس الحكومة يوسف الشاهد ورئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي حينها بتقديم مبادرة تشريعية في الغرض تسهل انتخاب أعضاء المحكمة وتسرع في تركيزها.

فتح باب الترشحات بالتزامن مع التنقيح
لكن وأمام الضغط الهائل من قبل الرأي العام والمنظمات والمجتمع المدني والمختصين في الشأن القانوني، بضرورة التسريع في تركيز المحكمة الدستورية، من أجل تعويض الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، خصوصا وأن الدستور نص على إرسائها خلال سنة من تاريخ الانتخابات التشريعية. وأمام هذا التأخير، أصدر مكتب المجلس روزنامة تتعلق بانتخاب ثلاثة أعضاء المحكمة الدستورية منهم مرشحان اثنان غير مختصين في القانون ومرشح واحد مختص في القانون.وذلك تبعا لقرار مكتب المجلس المنعقد أمس، حيث ستمتد فترة قبول الترشيحات من 14 إلى 25 ماي 2018 ، ثم تنظر اللجنة الانتخابية في الملفات من 28 ماي إلى 30 ماي 2018 ، على أن ينظر المكتب في حصيلة عمل اللجنة الانتخابية يوم 31 ماي 2018 ، وتنطلق جلسات التصويت على المرشحين يوم 5 جوان 2018 .

وبالتزامن مع هذا القرار، وبالتحديد بعد 4 أيام قدمت الحكومة مشروع قانون يتعلق بتنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المؤرخ في 03 ديسمبر 2015 المتعلق بالمحكمة الدستورية، مع ورود مراسلة فيها تطالب باستعجال النظر فيها. تنقيح القانون جاء على إثر ما اعتبرته الحكومة في وثيقة شرح الأسباب إمكانية عدم التوصل إلى انتخاب ما بقي من الأعضاء نظرا لصعوبة الحصول على أغلبية الثلثين، حيث لم يذكر النص حالات عدم التوصل إلى نتخاب الأعضاء بعد استنفاد كل المراحل المنصوص عليها بالقانون. وقد جاء مشروع القانون بأحكام جديدة تعتمد من جهة على التدرج والمحافظة على الحقوق المكتسبة لمن سبق انتخابه بأغلبية الثلثين، وترفع من جهة أخرى كافة العراقيل القانونية التي تحول دون إرساء المحكمة أو تعويض أحد أعضائها مستقبلا.

مضامين التنقيحات
التنقيح يكمن بالأساس في الفصل 12 من خلال إضافة فقرة فرعية رابعة «فإن لم يحرز العدد الكافي من المرشحين الأغلبية المطلوبة، يتمّ المرور إلى دورة ثانية يتمّ فيها انتخاب بقيّة الأعضاء بالاقتراع السرّي بالأغلبية المطلقة. وفي حالة عدم اكتمال العدد المستوجب من الأعضاء، يتمّ تدارك النّقص في دورة ثالثة بالمرشّحين المحرزين على أكبر عدد من الأصوات، مع مراعاة الاختصاص في القانون من عدمه». ثم تنقيح ثاني في الفصل 11 باضافة فقرة فرعية ثالثة «وإن لم يحرز العدد الكافي من المرشحين الأغلبية المطلوبة فيما بقي من نقص، يتمّ المرور إلى دورة جديدة يتمّ فيها انتخاب بقيّة الأعضاء بالاقتراع السرّي بالأغلبية المطلقة. وفي صورة عدم اكتمال العدد المستوجب من الأعضاء، يتمّ تدارك النقص في دورة أخرى بالمرشحين المحرزين على أكبر عدد من الأصوات، مع مراعاة الاختصاص في القانون من عدمه».

تخوفات بالجملة وانتقادات
من جهة أخرى، فإن تنقيح مشروع القانون شهد انتقادات عدة من قبل عديد النواب خصوصا المعارضة، حيث اعتبروا أنه يجب الامتثال إلى قرار مكتب المجلس وإعادة عملية الانتخاب، دون تنقيح القانون. واعتبروا خلال جلسة الاستماع التي عقدتها لجنة التشريع العام مع وزير العدل أنه من غير المعقول انتخاب العضوة روضة الورسغني بأغلبية الثلثين ثم النزول إلى 50 زائد واحد من أجل انتخاب بقية الأعضاء. في حين اعتبر بعض النواب أن تغيير الاغلبية المطلوبة تستوجب بالضرورة تغيير شروط الترشح أيضا، وعديد النصوص الأخرى لأن الغرض لا يكمن بالأساس في تركيز المحكمة الدستورية بل يجب أن تكون تركيبتها متناسقة.

تخوفات عديدة من تنقيح القانون، والاستغناء عن دور المجلس في انتخاب الهيئات الدستورية، فتقليص العدد المطلوب من أجل انتخاب الأعضاء، يعتقد البعض أنه سيساهم في دخول أشخاص متحزبين داخل المحكمة الدستورية، وأن تهيمن عليها الأحزاب. هذا وقد هددت المعارضة بتعطيل المصادقة على مشروع التنقيح من خلال الطعن فيه أو محاولة تعطيله صلب اللجنة والجلسة العامة في حالة تمريره. لكن في المقابل، يبقى السؤال المطروح حول مآل قرار المجلس الذي قد يكون سيد نفسه ويرفض المبادرة، أو أنه سيلغيها ويعيد فتح باب الترشحات بقرار جديد، أو أن يعمق الأزمة من خلال تواصل عمليات قبول الترشحات بالتزامن مع تنقيح القانون.

لجنة التشريع العام تنظر بالتزامن في تنقيح بعض فصول قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال، ومشروع قانون يتعلق بمكافحة الاثراء غير الشرعي فيما يتواصل عقد جلسات الاستماع بخصوص تنقيح قانون المحكمة الدستورية ثم مناقشة فصوله والمصادقة عليها قبل تمريرها إلى الجلسة العامة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115