دون خلافات أو انقطاعات لأكثر من مرة. نزيف سقوط الفصول استمر خلال الجلسة العامة المنعقدة يوم أمس بمجلس نواب الشعب فصلا تلو الآخر، ليعكس هشاشة التوافق المزعوم بين الكتل، حتى أن مقترحات الحكومة بدورها سقطت وعديد الفصول الهامة مما يطرح عديد التساؤلات حول مآل المجلة.
انطلقت الجلسة العامة بالمصادقة على الصيغة الأصلية للفصل 150 ضمن القسم الرابع المتعلق بتبويب الموارد، في حين تم تعديل الفصول 156 ،162،157 من خلال التنصيص على الأخذ برأي المحكمة الإدارية العليا في الأوامر الحكومية المتعلقة بضبط تبويب المهمات والبرامج والمنح والأجور الممكن إسنادها حسب أصناف ورتب الأعوان الموضوعين على ذمة الجماعات المحلية وأيضا في المقابل تمت المحافظة على صيغ الفصول من 152 إلى 155 ومن 159 إلى 161 و165، ثم من 167 إلى 171 والفصول 174، 175.
في المقابل تم تعديل بسيط في الفصل 156 بالتشديد على رأي المحكمة الإدارية العليا في كافة الأمر الحكومي المتعلق. كما تم قبول مقترح تعديل يتعلق بتحسين الصياغة في الفصول 158، 164،166،173،175،، بالإضافة إلى الفصل 163 من خلال إضافة فقرة «تولى السلطة المركزية إعلام الجماعات المحلية قبل يوم 30 جوان بالتقديرات الأولية للاعتمادات التي سيتم تحويلها بعنوان السنة المالية الموالية، على أن تعلمها قبل يوم 10 سبتمبر بالاعتمادات النهائية المخصصة لها..».
لكن تم رفض الفصلين 172، 151 بعد قبول مقترحي تعديل حكومي يتعلقان بكيفية إدخال تنقيحات على ميزانية للجماعات، وأيضا حول آراء المحكمة الإدارية ودائرة المحاسبات في رصد الاعتمادات بميزانياتها السنوية. تكرر إسقاط الفصول بالرغم من تقديم مقترحات حكومية يفترض أن تكون توافقية تم التفاوض بشأنها في لجنة التوافقات، جعل نواب المعارضة ينتقدون كثرة سقوط الفصول خصوصا خلال الجلسات السابقة، مما يؤكد وجود نوايا لتأخير المصادقة على المجلة برمتها إلى ما بعد الانتخابات البلدية، خصوصا أن إسقاط بعض الفصول قد يؤثر على بعض الفصول المصادقة عليها لارتباطها فيما بينها.
خلافات وتواصل سقوط الفصول
من جهة أخرى، انتقد بعض النواب منهجية أشغال لجنة التوافقات، التي تعتبر غير قانونية باعتبار أنها غير منصوص عليها ضمن النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، ولا تصدر تقريرا عن أعمالها. وعلى إثر ذلك هذا الخلاف والتخوفات من تكرر إسقاط الفصول تم رفع الجلسة العامة من أجل مزيد التشاور بين رؤساء الكتل صلب لجنة التوافقات بطلب من رئيس كتلة حركة نداء تونس سفيان طوبال، وإيقاف ما سمي «بكسر التوافقات». كسر التوافقات جاء في حدود الفصل 177 المتعلق بطبيعة مجلس الجماعات المحلية والهيئة العليا للمالية المحلية التي تم التوافق حولها على أنها هيئة استشارية ولا تصدر قرارات.
وبعد توقف الجلسة لأكثر من ساعتين، استأنفت بعرض الفصل 177 بصيغته الأصلية، حيث لم تقدم جهة المبادرة مقترحا تعديليا نظرا لعدم التوافق حوله، لكن كتلة حركة النهضة اعتبرت أنها سحبت مقترحها لفائدة مقترح الحكومة وفي حالة عدم تقديم الحكومة، فإنه يجب التصويت على مقترحها، لكن التصويت أسقطه، ليسقط بدوره الفصل بأكمله. كما سقط أيضا الفصلان 185،178 المتعلقان بالمحاسبة ورفع الدعوى، وهو ما أبرز عديد التخوفات من قبل الكتل البرلمانية من تأخر المصادقة على المجلة خصوصا أن اغلب الفصول الهامة تم إسقاطها. وتم تنقيح الفصل 179 المتعلق بصلاحيات محاسب الجماعات المحلية بإضافة مهمة جديدة تتمثل في متابعة مسك محاسبة أموال الجماعة المحلية.
بين التعديل والمصادقة
وتم الحفاظ على صيغة الفصول من 180 إلى 184 ثم 188 ومن 190 إلى 192، في حين تم تنقيح الفصل 186 من خلال إضافة «للجماعات المحلية الاستعانة بأصحاب مهن المحاسبة لمسك محاسبتها بمقتضى اتفاقية يصادق عليه مجلس الجماعة المحلية وفقا لنموذج يعدّه المجلس الأعلى للجماعات المحلية ويُنشر بالجريدة الرسمية للجماعة المحلية»، مقابل تعديل الفصل 187 «يكلّف رئيس الجماعة المحلية بناء على اقتراح من المحاسب من يتولى جردا عاما لتلك الأملاك من بين الأعوان العموميين أو من بين أعضاء المهن المحاسبية وفقا لقواعد المنافسة، على أن تتحمّل الجماعة المحلية تأجير هذا الأخير». كما تم تنقيح الفصل 189 على مستوى الصياغة.
من جهة أخرى، تجدد الخلاف حول كسر التوافقات حيث تم رفض مقترح تعديل حكومي نظرا لتمسكها به وعدم قبول مقترحات الكتل في الفصل 193 المتعلق بالطعن في قرارات مجال وإعداد توازن الميزانية، ليسقط بدوره الفصل بأكمله. هذا وقد تم تنقيح الفصل 194 المتعلق بالمراجعة السنوية لحسابات الجماعات المحلية، مع المحافظة على صيغة الفصول 195،197،198 وتعديل بسيط في صياغة الفصل 196، وأيضا تعديل الفصل 199 «يسيّر البلدية مجلس بلدي مُنتخب طبقا للقانون الانتخابي. ينتخب المجلس البلدي في أول اجتماع له من بين أعضائه رئيسا ومساعدين ورؤساء لجان مع اعتبار أحكام الفصل 7 من هذه المجلة ووفقا لأحكام القانون الانتخابي».
في حل المجلس البلدي
كما تم تعديل الفصل 200 المتعلق بحل المجلس البلدي بالتنصيص على أنه لا يمكن حله إلا إذا استحال اعتماد حلول أخرى وبمقتضى أمر حكومي معلل بعد استشارة المجلس الأعلى للجماعات المحلية وبناء على رأي المحكمة الإدارية العليا وعلى مداولة مجلس الوزراء ولأسباب تتعلق بإخلال خطير بالقانون أو بتعطيل واضح لمصالح المتساكنين وذلك بعد الاستماع إلى أعضائه وتمكينهم من حقّ الدفاع. وفي حالة التأكّد، يمكن للوزير المكلف بالجماعات المحلية إيقاف المجلس عن النشاط بناء على تقرير معلل من الوالي وبعد استشارة مكتب المجلس الأعلى للجماعات المحلية، وذلك لمدة أقصاها شهران. كما يمكن لرئيس الجماعة أو لثلث أعضاء المجلس الطّعن في قرارات الإيقاف أو الحل أمام المحكمة الإدارية الابتدائية المختصّة. وللمعنيين طلب توقيف تنفيذ القرارات المذكورة في أجل 5 أيام من تاريخ إعلامهم بالقرارات. ويبتّ رئيس المحكمة الإدارية المختصّة بالنّظر في مطلب توقيف التنفيذ في أجل لا يتجاوز 10 ايّام من تاريخ تقديم المطلب.
تواصل سقوط الفصول
أغلب الفصول المتعلقة بحل المجلس البلدي تم تنقيحها بقبول مقترحات حكومية، على غرار الفصل 201 بالتشديد على أنه يتمّ إعلام كلّ من الوالي المختص ترابيا والهيئة العليا المستقلة للانتخابات بمعاينة الشغور ما عدا استنفاد حالات سدّ الشغور وفقا للقانون الانتخابي، وينحلّ المجلس البلدي بالاستقالة الجماعية أو الاستقالة المتزامنة لأغلبية أعضائه التي تُوجّه إلى الوالي المختصّ ترابيّا وإلى هيئة الانتخابات. ومع المحافظة على صيغة الفصول 202،205،207،209،211،213،2015 تم تعديل الفصل 203 المتعلقة بلجنة التسيير المؤقتة في حالات الشغور، ثم تعديل بسيط في الفصل 204. في المقابل، شكل الفصل 206 نقطة خلافية والمتعلق باللجان القارة للمجالس البلدية، حيث تم رفض مقترحات التعديل المقدمة من قبل كتلة حركة النهضة بإضافة لجنة تعنى بالتونسيين بالخارج ضمن لجنة الشؤون الاجتماعية، بالإضافة إلى مقترح تعديل ثاني مقدم من قبل نفس الطرف يتعلق بحذف الفقرة الأخيرة من الفصل المتعلقة بإسناد لجنة المالية لمن غير القائمات التي منها اختيار الرئيس ونائبيه. وعلى إثر ذلك تم رفض مقترح التعديل المقدم من قبل جهة المبادرة، ليسقط الفصل بأكمله.
الوضعية تكررت أيضا في الفصل 208، بعد رفض مقترح تعديل من قبل كتلة حركة نداء تونس يتعلق باعتماد اللجان في تقاريرها مؤشرات تراعي الفوارق بين الجنسين، تم رفض مقترح تعديل ثاني مقدم من قبل كتلة حركة النهضة والثالث المقدم من قبل الكتلة الحرة ليسقط الفصل برمته. وتمت المصادقة على الفصل 210 بعد تعديل بسيط في الصياغة، ثم تعديل الفصل 112 بالتنصيص على أن تنعقد الدورة العادية للمجلس وجوبا جلسة تمهيدية بإشراف رئيس المجلس البلدي أو من ينوبه من بين المساعدين شهرا على الأقل قبل انعقاد الدورة، يدعى إليها متساكنو المنطقة البلدية لسماع مداخلاتهم في المسائل ذات الصبغة المحلية وتعريفهم بالبرامج البلديّة...
جدل حول مبدأ التناصف
كما تم تعديل الفصل 216 بالتأكيد على أنه في صورة عدم اكتمال النصاب يدعى المجلس للانعقاد بعد 3 أيام على الأثل مهما كان عدد الحضور. إلى جانب تعديل الفصل 217 بالتنصيص على أنه يمكن إجراء الاقتراع السري بطلب من ثلث أعضاء المجلس أو إذا دعي المجلس لانتخاب أو للبت في تسمية أو تقديم ترشحات. وتجند العنصر النسائي في الجلسة، لإسقاط الفصل 218 ليسقط الفصل بفارق 7 أصوات، بعد رفض مقترحات التعديل المقدمة من أجل تخصيص جلسة سنوية لمناقشة تقرير حول الاجراءات الكفيلة بدعم حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين. وتم تعديل الفصل 219 المتعلق بالحضور في مداولات المجلس البلدي، في حين تمت المحافظة على صيغ الفصول من 220 إلى 222 لتبلغ الجلسة القسم
المتعلق بالدوائر البلدية.
وعاد الجدل من جديد بخصوص التناصف بيم المرأة والرجل في حدود الفصل 223، وذلك بعد رفض مقترحات التعديل المتعلقة بتعيين رئيس المجلس البلدي على رأس كل دائرة رئيسا يقع اختياره من بين أعضاء المجلس البلدي مع مراعاة التناصف في حالة وجود أكثر من دائرة. وعلى إثر ذلك تمكن العنصر النسائي من إسقاط الفصل للمرة الثانية على التوالي. هذا وتم تعديل بسيط في الفصل 223، مع المحافظة على الفصل 224، على عكس الفصل 225 الذي تم تعديله وقبول مبدا التنصاف « تحدث هيئة استشارية بكل دائرة يحدد عدد أعضائها بقرار من رئيس البلدية..، ويراعى مبدأ التناصف وتمثيلية الشباب عند تعيين أعضاء مجلس الدائرة..». وفي الأخير حافظت الجلسة العامة على صيغة الفصول من 226 إلى 233، وتبلغ بذلك القسم المتعلق بالصلاحيات الذاتية للبلديات. وانتهت الجلسة العامة من النظر في كافة الفصول التي تم تداولها في لجنة التوافقات، على أن تخصص جلسة التوافقات اليوم في الفترة الصباحية من اجل النظر في بقية الفصول، وتستأنف الجلسة العامة أشغالها في الجلسة المسائية.