على مشروع مجلة الجماعات المحلية، بلغ مجلس نواب الشعب الفصل 149 من جملة 392 فصلا خلال جلسة يوم أمس. لكن في المقابل، فإن عملية المصادقة رافقتها عديد الفصول المسقطة نتيجة الخلافات حول مقترحات التعديل بين الكتل البرلمانية، مما يستدعي جولة أخرى من جلسات لجنة التوافقات.
بعد جلسة عامة أول أمس اتسمت بالتوافق والأجواء الطبيعية، شهدت جلسة يوم أمس منذ انطلاقها خلافات بين الكتل البرلمانية في عملية المصادقة على الفصول المندرجة ضمن قسم القواعد العامة للميزانية ومواردها، وذلك مباشرة بعد سقوط مقترحات التعديل في الفصل 126 ثم التصويت ضده، على غرار الفصلين 127 و128. وتجدر الاشارة إلى أن رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر، أعلن بصفة رسمية عن استقالة النائب علي بالنور من كتلة آفاق تونس، وبذلك تقلص عدد الكتل في البرلمان إلى 9 كتل طبقا للفصل 40 من النظام الداخلي للبرلمان الذي ينص على أنه اذا نزل عدد اعضاء الكتلة عن سبعة لأي سبب من الأسباب تفقد الكتلة وجودها.
استكمال المصادقة
الفصل 126 المتعلق بالتزام الجماعات المحلية بالشفافية والتشاركية ومراعاة المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين في إعداد ميزانياتها السنوية في وثيقة شاملة وموحّدة وواضحة، على أساس تقديرات واقعية وصادقة ونزيهة تتضمن كل الموارد والنفقات ومختلف التعهدات، حيث سقط الفصل المذكور بعد تصويت كتلة حركة نداء تونس ضده وأيضا 4 مقترحات التعديل مقدمة في نفس الفصل من قبل كتل حركة النهضة وآفاق تونس والجبهة الشعبية والوطنية. نفس الوضعية تكررت أيضا في الفصل 127 «تتكفّل الدولة تدريجيا وبواسطة قوانين المالية والقوانين الجبائية والقوانين المتعلقة بالأملاك بجعل الموارد الذاتية تمثل النصيب الأهم لموارد كل جماعة محلية. وتلتزم السّلطة المركزية بمساعدة الجماعات المحلية على بلوغ التكافؤ بين الموارد والأعباء المحلية...». وقد سقط الفصل بعد تصويت بقية الكتل ضد مقترحات التعديل المقدمة من قبل كتلتي آفاق تونس والجبهة الشعبية. ومع تواصل سقوط الفصول الواحد تلو الآخر توقفت الجلسة في حدود الفصل 128 الذي يحدد الموارد الذاتية للجماعات المحلية، بالتصويت ضده.
اتهامات وتشنجات
الخلاف تجدد مع سقوط هذه الفصول، وعودة الجدل حول حضور النواب وغيابهم، حيث دعا رئيس كتلة حركة النهضة نور الدين البحيري إلى نشر نتائج التصويت لمعرفة أسماء المتغيّبين والحاضرين، محملا في ذلك المسؤولية لرؤساء الكتل. هذا وقد استظهر النائب عن كتلة حركة النهضة أيضا حسين الجزيري، بوثيقة تثبت أنّ نواب حزبه هم الأكثر حضورا في جلسات التصويت على مشروع قانون مجلّة الجماعات المحلية، مستشهدا أيضا بالإحصائيات التي نشرتها منظمة «البوصلة»، التي أثبتت أن نواب كتلة النهضة هم الأقل غيابا في التصويت على فصول مشروع المجلة المذكورة.
التشنجات وتبادل التهم بخصوص الغيابات والاتهامات بمحاولة تعطيل المصادقة على مشروع المجلّة قبل الانتخابات البلدية خصوصا من قبل كتل المعارضة، جعل نواب كتلة نداء تونس ينسحبون من الجلسة العامّة، فيما أعلنت النائبة الثانية لرئيس البرلمان فوزية بن فضّة عن رفع الجلسة ودعت لاجتماع رؤساء الكتل. وبعد فض الخلاف استأنفت الجلسة العامة أعمالها في حصة ما بعد الظهر، من خلال المصادقة على الفصول من 129 إلى 135 بصيغتهم الأصلية ومن 137 إلى 139، مقابل سقوط الفصل 136 المتعلق بضبط المعاليم والرسوم والحقوق والمشاركة في نفقات أشغال التعمير المخول للبلديات ضبط مبالغها أو تعريفاتها، ثم تمت المصادقة عليه في ما بعد، مع التنصيص على ضرورة أخذ رأي المحكمة الإدارية العليا في ضبط الأمر الحكومي المتعلق بالتصرف في الأملاك العمومية والخاصة التابعة للجماعات المحلية في حدود الفصل 140، ثم المحافظة على صيغة الفصول من 141 إلى 143.
بين التعديل والاسقاط
من جهة أخرى، تم تعديل الفصل 144 على مستوى الصياغة، مع المحافظة على صيغ الفصول 144، 145، في حين تم تعديل الفصل 146، من خلال التنصيص على أن يتم توزيع موارد صندوق الدعم اللامركزية والتعديل والتضامن بين الجماعات المحلية وفقا لمعايير تتعلق بعدد السكان ونسبة البطالة، الطاقة الجبائية،ّ طاقة التداين، ويمكن تخصيص موارد إضافية لتغطية أعباء خصوصية لبعض الجماعات المحلية. كما تم تغيير عنوان القسم الثالث من الباب الرابع المتعلق بالنظام المالي للجماعات المحلية، ومع رفض مقترحات التعديل المقدمة في الفصلين 147 و148 تم إسقاط الفصل برمته، مقابل المصادقة على الفصل 149.
وبهذا تكون الجلسة العامة قد بلغت شوطا هاما من أجل انهاء المصادقة على مشروع مجلة الجماعات المحلية، بالرغم من وجود بعض الخلافات الجزئية بين الكتل البرلمانية، على أن تستأنف الجلسة أعمالها يوم الثلاثاء القادم وفسح المجال أمام لجنة التوافقات من أجل الحسم في بقية الفصول الخلافية.