يتعلق الأول بقرض من أجل تمويل برنامج دعم الإصلاحات في قطاع المياه، أما الثاني فيتعلق بالمؤسسات الناشئة. مشروع القانون الثاني يعتبر من أهم المشاريع الحديثة والهامة التي تمت إحالتها على مجلس نواب الشعب خلال الفترة الأخيرة، باعتباره سيخلق عديد فرص الشغل ودعم الاقتصاد الوطني.
صادقت الجلسة العامة في الجزء الأول من أعمالهاعلى مشروع قانون يتعلق بالموافقة على عقد القرض المبرم بين الجمهورية التونسية والمؤسسة الألمانية للقروض من أجل إعادة الإعمار لتمويل برنامج دعم الإصلاحات في قطاع المياه، بـ 78 نعم 19 محتفظ 12 ضد. مشروع قانون القرض بقيمة مائة مليون أورو المنتظر المصادقة عليه، يهدف بالأساس إلى دعم تنفيذ جملة من الإصلاحات الشاملة والإصلاحات الخصوصية في قطاع المياه من أجل تحسين القدرة على انجاز استثمارات جديدة والحفاظ على ديمومة الاستثمارات المنجزة في القطاع المذكور. وقدرت نسبة الفائدة للقرض بـ 2.9 بالمائة، على فترة سداد بـ 15 سنة منها 5 سنوات إمهال.
أهمية الاصلاحات في قطاع المياه
لكن قبل مناقشة مشروع القانون تم تأجيله على حساب مشروع قانون المؤسسات الناشئة، بسبب التزامات وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي زياد العذاري، حيث قرر النائب الأول لرئيس المجلس عبد الفتاح مورو الاجتماع برؤساء الكتل للتشاور حول موعد استئناف الجلسة. وبعد تأخر دام لساعتين استأنفت الجلسة العامة أشغالها، بحضور كاتب الدولة للموارد المائية عوضا عن العذاري. وتحدث نواب الشعب خلال النقاش العام عن المشاكل التي تعاني منها الجمعيات المائية، حيث قال النائب رضا الدلاعي أن هذه الجمعيات تعاني من عدة مشاكل منها ارتفاع المديونية وضعف الصيانة والموارد البشرية، حيث يجب إصلاح قطاع المياه بشكل جذري وإيصال الماء الصالح للشرب إلى جميع المواطنين وخاصة متساكني الأرياف. من جهتها تطرقت النائبة عبير العبدلي إلى أهمية الإصلاحات في قطاع المياه ضرورية في ظل نقص المياه خاصة في المناطق الريفية، مطالبة بضرورة استكمال مجلة المياه لتتمكن الجمعيات المائية من القيام بدورها وانهاءالمشاكل الحاصلة بينها وبين الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه.
إشكاليات الجمعيات المائية
في المقابل، انتقدت المعارضة مواصلة الحكومة انتهاج الديون، حيث قال النائب الجيلانيالهمامي:أن الحكومة مصرة على المواصلة في انتهاج سياسة التداين، خصوصا وأن أغلبها موجه للتسيير وليس للاستثمار والدليل على ذلك أن القرض موضوع النظر موجه لتغطية عجز الميزانية وليس للقيام بالإصلاحات في مجال المياه. كما انتقد النائب سالم لبيض ما جاء في وثيقة شرح أسباب مشروع القانون الذي اعتبره لا يوضح الخطة التفصيلية لإصلاح قطاع المياه لأن القرض موجه لتغطية عجز الميزانية، مشيرا إلى أن القباضات المالية لها 7000 مليار ديون غير مستخلصة مقابل توجه الحكومة نحو التداين.
وفي رده على تساؤلات النواب، قال كاتب الدولة للموارد المائية عبد الله الرابحي أن مشكل المياه مشكل عالمي حيث أن هناك عديد الدول تخصص أموالا طائلة في القطاع، مضيفا أن قطاع المياه شهد عديد التحسينات والدليل على ذلك انخفاض انقطاع الماء الصالح للشراب. وبين أن الدولة خصصت أربعة آلاف مليار لقطاع المياه، على غرار إعداد مشروع لإصلاح القطاع من خلال العمل على مجابهة استنزاف الموارد المائية ومواصل تعبئة السدود. وأوضح أيضا أن الجمعيات المائية تعاني اشكالات متراكمة منذ سنوات، حيث سيتم اصلاحها في إطار مراجعة مجلة المياه.
مشروع قانون المؤسسات الناشئة
من جهة أخرى، ناقشت الجلسة العامة على مشروع قانون يتعلق بالمؤسسات الناشئة، حيث يهدف هذا القانون إلى وضع إطار محفز لبعث مؤسسات ناشئة تقوم خاصة على التجديد واعتماد التكنولوجيات الحديثة وتحقق قيمة مضافة عالية وقدرة تنافسية على المستويين الوطني والدولي. ويوضح مشروع القانون مزايا المؤسسات الناشئة والمتمثلة أساسا في القطع مع المنوال الاقتصادي السائد وتركيز منوال جديد خالق للثروة ولمواطن الشغل وباعث للأمل. مشروع القانون من شأنه أن يجعل من تونس بلدا رائدا في المؤسسات الناشئة في جنوب المتوسّط والعالم العربي وإفريقيا، وهو يرتكز على أربعة محاور أساسية أولهما المحور القانوني، ثم استحداث آليات الاستثمار والتمويل، وثالثا تطوير الكفاءات، وأخيرا الاندماج الجغرافي. النقاش العام بين نواب الشعب انقسم بين مثمن له وبين منتقد، حيث قال محمد فريخة أنه يجب مساندة مشروع القانون المتعلق بالمؤسسات الناشئة، مع التنبيه إلى ضرورة التصدي لهجرة الكفاءات التونسية للخارج. وبين أنه في حالة استمرار نزيف هجرة الكفاءات للخارج، فإن البلاد ستشهد في السنوات المقبلة نقصاعلى مستوى الموارد البشرية الضرورية لتسيير البلاد. في حين انتقد النائب عماد أولاد جبريل مشروع القانون، حيث اعتبر أن الحديث عن تونس الرقمية في ظل افتقاد فئات كبيرة من الشعب التونسي لوسائل الاتصال الحديثة وضعف شبكة الانترنات والهاتف، معتبرا أن مشروع القانون لا يستهدف جميع شباب تونس.
ثورة في مجال بعث المؤسسات
واعتبر عدد من النواب أن مشروع القانون المتعلق بالمؤسسات الناشئة يمهد الطريق لتونس حتى تكون من ضمن الدول المتقدمة ورائدة على المستوى العربي والإفريقي، باعتباره سيساهم في تطوير الاقتصاد الرقمي وصناعة الذكاء. وقالت النائبة ليلى أولاد علي أن مشروع قانون المؤسسات الناشئة جاء متأخرّا، حيث يجب العمل على عدم احتكار قطاع الشركات الناشئة من قبل رجال الأعمال لتستفيد منه الكفاءات الشابة. كما طالب نواب الشعب بضرورة التنصيص على عدم المنافسة بين الشركات الصغرى والمتوسطة وبين الشركات الناشئة، ثم عدم التأخر في إصدار الأوامر الترتيبية في الغرض.
في المقابل، قال وزير تكنولوجيا الاتصال أنور معروف أن مشروع قانون المؤسسات الناشئة سيحدث ثورة في مجال بعث المؤسسات، حيث أن العديد من الباعثين الناشئين مستعدّون للعودة إلى أرض الوطن. وأكد على وجود العديد من العراقيل التي تحول دون خلق المؤسسات الناشئة، وهو ما جعل مشروع القانون يأخذ بعين الاعتبار مقترحات كلّ الإدارات من أجل خلق ديناميكية اقتصادية من خلال جلب المستثمرين والباعثين التونسيين بالخارج.
المصادقة على فصول مشروع القانون
ومع انتهاء النقاش العام، انطلقت الجلسة العامة في المصادقة على فصول مشروع القانون، حيث تم تعديل الفصل 2 بعد تقديم كتلة آفاق تونس لمقترح تعديل ينص على اعتبار أن المؤسسات الناشئة هي كل شركة تجارية. كما تم التصويت على مقترح تعديل حكومي للفصل 3 المتعلق بإسناد علامة المؤسسات الناشئة، مقابل رفض مقترحات التعديل المقدمة من قبل الكتل الديمقراطية والجبهة الشعبية. هذا وقد بلغت الجلسة العامة الفصل 7 ليتم رفعها بطلب من رئيس كتلة حركة نداء تونس سفيان طوبال من اجل التشاور للتواصل الجلسة الى غاية ساعة متاخرة من ليلة امس من اجل استكمال المصادقة على بقية الفصول.