في ما بينها، تحاور نواب الشعب يوم أمس في جلسة عامة مع الوزراء المعنيين حول عدد من المواضيع المختلفة والقضايا المطروحة. واقترح رئيس مجلس النواب محمد الناصر على رؤساء الكتل التفكير في بعث مبادرة حوار وطني بخصوص الوضع العام بالبلاد على أن يكون البرلمان هو المشرف على الحوار.
عقد مجلس نواب الشعب يوم أمس الجلسة العامة المخصصة لإجراء حوار حول مجالات التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والتكوين المهني والتشغيل وشؤون الشباب والرياضة والشؤون الثقافية، وذلك بحضور الوزراء المعنيين بهذه القطاعات. الجلسة العامة وإن تكاثفت فيها تدخلات النواب، إلا أن الحضور اقتصر على أصحاب الكلمة فقط.
وضعية القطاع التربوي
نواب الشعب ركزوا في تدخلاتهم حول قطاعي التعليم العالي والتربوي، أكثر من بقية المجالات، خصوصا في ما يتعلق بالإشكال الحاصل من قبل الأساتذة الجامعيين وحول مناظرة «الكاباس»، وأيضا مناظرة الدخول للماجستير المهني في علوم التربية. وتحدث نواب الشعب عن الإصلاح التربوي، حيث أن كافة الحكومات المتعاقبة بذلت جهدا في ملف الإصلاح التربوي، حسب ما بينه النائب عن كتلة آفاق تونس كريم الهلالي مطالبا النيابة العمومية بالتحرك للتحقيق في حادثة وفاة التلميذتين بالمبيت في مدينة تالة من ولاية القصرين. كما تساءل أغلب النواب عن أسباب الحرائق المتواترة بالمبيتات المدرسية.
كما تحدث النقاش العام حول التهديدات المتتالية من قبل الأساتذة بحجب الأعداد، حيث طالبت النائبة عن كتلة حركة النهضة فريدة العبيدي أنه يجب إبعاد التلاميذ عن التجاذبات السياسية والنقابية، مع المطالبة بالتدخل العاجل في المدارس التي سجلت حالات إصابة بفيروس الكبد. كما تساءل بعض النواب عن موعد تفعيل القانون القاضي بانتداب 2 % من ذوي الإعاقة في الوظيفة العمومية. في حين تحدثت النائبة عن كتلة حركة نداء تونس أسماء أبو الهناء عن مشكل الأساتذة الجامعيين كما طالبت بالتدخل العاجل لوزارة التربية بخصوص البنية التحتية المتدهورة للمؤسسات التربوية والعمل على حل مشكلة مناظرة «الكاباس».
إشكاليات التعليم العالي
وفي هذا الإطار، طالب نواب الشعب بضرورة توضيح الإشكال الحاصل بين وزارة التربية ووزارة التعليم العالي بخصوص مرحلة التكوين للناجحين في مناظرة الدخول للماجستير المهني في علوم التربية. في حين تساءل البعض الآخر عن وجود خطة عمل مشتركة بين وزارات التربية والتعليم العالي والتشغيل والتكوين المهني لإصلاح المنظومة التعليمية وملاءمة الشهائد الجامعية مع سوق الشغل. كما تحدث البعض عن ضرورة تشغيل أصحاب الشهائد العليا، حيث طالب البعض بضرورة تقديم مخطط إصلاحي لمنظومة التعليم العالي، بالاضافة إلى تطوير مراكز التكوين العمومية التي تشكو العديد من النقائص حيث يجب إعادة النظر في هيكلتها بما يتماشى مع سوق الشغل.
قلة التساؤلات حول الرياضة والثقافة
وبخصوص قطاع الثقافة، والذي عرف تساؤلات أقل من قبل النواب خصوصا حول استغلال الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للقاعات الرياضية وهو ما قد يحرم الشباب من استغلالها لمدة طويلة، في حين تحدث البعض الآخر عن افتقار دور الشباب للتجهيزات الضرورية. وقالت النائبة عن كتلة حركة النهضة شهيدة بن فرج أنه يجب تفعيل الأنشطة الرياضية والثقافية لتحصين الشباب من الظواهر السلبية على غرار العنف والانتحار والمخدرات، معتبرة أن تهميش منظومة التكوين المهني من أكبر الأخطاء التي تم ارتكابها. هذا وبخصوص الرياضة فقد اقتصرت التدخلات على تحسين وتوفير المنشآت الرياضية في مختلف جهات الجمهورية، حيث طالب النواب بضرورة دعم الجمعيات الرياضية المحلية لما تقدمه من خدمات للشباب وللنتائج الإيجابية التي تحققها وطنيا ودوليا.
ردود الوزراء
من جهة أخرى، قال وزير التربية حاتم بن سالم أن التحقيقات المتعلقة بالحرائق التي جدت مؤخرا ببعض المبيتات المدرسية أفضت إلى عدة تساؤلات وهو ما جعل الوزارة ترفع قضية في الغرض ضد مجهول، مبينا أن البنية التحتية لأكثر من 500 مؤسسة تربوية تتطلب التدخل العاجل لصيانتها. كما بين أن نظام السداسي أثبت عدم نجاعته ويستوجب ضرورة إصلاحا عميقا في المنظومة التربوية وفق مقاربة تشاركية وفي إطار الحفاظ على المكاسب وتدعيمها، معتبرا أن نقابة التعليم الثانوي لها مطالب مالية لا يمكن للوزارة تحملها، مؤكدا على أن عملية حجب الأعداد ليست قانونية. في حين قال وزير التعليم العالي أن عدد الطلبة في تراجع مقابل ارتفاع عدد الأساتذة لكن المشكل يكمن بالأساس في الاختصاصات. وبين أن الوزارة بصدد الحوار مع الأساتذة الجامعيين بخصوص مطالبهم من أجل إيجاد الحلول اللازمة، مشيرا إلى أنه لا يمكن لأي أستاذ جامعي التدريس بالخارج دون أخذ الموافقة من وزارة التعليم العالي حيث لا تتم الموافقة على الاختصاصات التي فيها نقائص.
وتتالت تدخلات الوزراء لتشمل أيضا وزير التشغيل فوزي عبد الرحمان الذي بين أن الوزارة حددت أولوياتها في مجال التشغيل ومهامها الرئيسية تقوم على التكوين والتشغيل والمبادرة الخاصة، من أجل التقليص من البطالة إلى نسبة 12 % إلى غاية سنة 2020. كما أضاف أن منظومة التكوين المهني موزعة بين القطاعين العام والخاص، مما جعل الوزارة تراجع الاختصاصات لملاءمتها مع متطلبات سوق الشغل. وقالت وزيرة شؤون الشباب والرياضة أنه تم تخصيص حوالي 70 %من الميزانية للرياضات الفردية، مشيرة إلى أن مشروع قانون مقاومة العنف في الملاعب بصدد الدراسة على أن يعرض على رئاسة الحكومة للمصادقة وإحالته للمجلس. وقال وزير الثقافة محمد زين العابدين ان الوزارة بصدد تأسيس ثقافة بناءة تقوم على الإبداع والابتكار، مشيرا الى انه بصدد إحداث دور ثقافة جديدة في إطار تكريس الحق في الثقافة وثقافة القرب.