بعد مصادقتها على مشروع قانون المالية لسنة 2018: نسخة جديدة تنبثق عن لجنة المالية، فماذا تبقى من النسخة الأولى

يبدو أن مشروع قانون المالية لسنة 2018 قد شهد تغييرا جذريا بعد المصادقة عليه من قبل لجنة المالية والتخطيط والتنمية في مجلس نواب الشعب قبل عرضه على الجلسة العامة.

عديد الفصول الخلافية تم تعديلها بالتوافق مع الطرف الحكومي الممثل في وزارة المالية، الأمر الذي أحدث نسخة جديدة من مشروع قانون المالية.

بعدما صادقت لجنة المالية والتخطيط والتنمية على مشروع قانون المالية لسنة 2018 برمته بـ 12 مع، ومحتفظ وحيد وهي النائبة عن آفاق تونس ريم محجوب، واثنين ضد هما كل من النائب عن الجبهة الشعبية ورئيس اللجنة المنجي الرحوي والنائبة عن التيار الديمقراطي سامية عبو، يبقى السؤال المطروح حول ما تبقى من النسخة الأولى من مشروع القانون، بعد التعديلات التي تم القيام بها صلب اللجنة، تناغما مع المقترحات المقدمة من قبل مختلف الأطراف المهنية في جلسات الاستماع.

تغيير هام
مشروع قانون المالية لسنة 2018 تغير كثيرا، مقارنة بالنسخة الأولى المتأتية من الحكومة يوم 14 نوفمبر 2017 ، حتى أن البعض من النواب اعتبروه مشروعا خاصا بلجنة المالية، وليس مشروع الحكومة، حيث تضمن في نسخته الأصلية 67 فصلا، وقامت اللجنة باسقاط بعض الفصول وإضافة ثلاثة فصول جديدة. الكتل التي صادقت على مشروع القانون وهي كل من حركتي نداء تونس والنهضة والحرة لمشروع تونس والاتحاد الوطني الحر اعتبروا أن مشروع قانون المالية خرج من لجنة المالية في حلة جديدة بعيدة عن الفصول المجحفة التي وضعتها الحكومة خصوصا في ما يتعلق بالضغط الايجابي والزيادة في الأسعار.

في هذا الإطار، قدمت كتلة حركة نداء تونس خلال أشغال اللجنة عديد المقترحات تم قبول أغلبها باعتبار تمثيليتها الأكبر في اللجنة مقارنة ببقية الكتل، حيث تغيرت أوجه الفصول شكلا وموضوعا خصوصا منها التي كانت فيها أعباء إضافية على المؤسسات في علاقة بالإنتاج والمنتوجات والتصدير بإضفاء معاليم على الاستهلاك حسب ما بينه النائب عن كتلة حركة نداء تونس وعضو اللجنة المنجي الحرباوي، الذي أضاف أن هذه التعديلات ستساهم في الحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطن. كما تمت إضافة فصل مقدم من قبل النائب عن حركة النهضة الهادي بن براهم، يتعلق باجراءات تعريفية للتحكم في عجز الميزان التجاري بمراجعة الأداءات الديوانية بنسبة 9 %من حجم الواردات التجارية التونسية، على أن يرفع في الأداء الديواني على المنتوجات الصناعية بـ 30 %. كما يفرض أداء بنسبة 36 %على واردات بعض المنتجات الفلاحية غير الأساسية كالفواكه الاستوائية.

معاليم ديوانية على المنتوجات التركية
وقد سعت اللجنة إلى تعديل الفصول المتعلقة بالمعاليم الديوانية، وذلك من خلال التنصيص على عدم الزيادة في المعاليم الديوانية بالنسبة للمواد الأولية والأساسية المستهلكة في تونس ولا يتم انتاجها داخليا. كما تم الاتفاق في إطار المحافظة على المنتوجات الوطنية، على ضرورة إخضاع المنتوجات التركية بالرغم من وجود اتفاقية مشتركة بين الجانبين التركي والتونسي بعدم وجود أية معاليم ديوانية، على امتداد 5 سنوات، الأمر الذي رفضته الحكومة بعد التشاور مع الجانب التركي حيث تم الاتفاق في الأخير على أن تكون المعاليم لمدة سنتين ثم يقع التراجع عنها تدريجيا. وفي هذا الإطار، تمت إضافة فصل ينص على إخضاع بعض المنتوجات المستوردة من تركيا، إلى أداءات ديوانية في حدود 90 %من المعاليم المطبقة، بهدف التحكم في عجز الميزان التجاري وضمان توازن المبادلات التجارية. وحسب الفصل فإن هذه المعاليم الديوانية الموظفة استثنائيا على المنتجات ذات المنشأ التركي تطبق لمدة سنتين ابتداء من غرة جانفي 2018 على ان يتم تفكيكها تدريجيا بعد انقضاء السنتين وعلى امتداد ثلاث سنوات. ويندرج هذا الإجراء تطبيقا للفصل 17 من اتفاق الشراكة المبرم بين تونس وتركيا، الذي ينص على أنه يمكن لتونس اتخاذ إجراءات استثنائية لفترة محدودة في شكل معاليم ديوانية على أن لا تتجاوز المنتوجات المعنية نسبة 20 بالمائة من إجمالي الواردات من تركيا.

صندوق الجوائح وانقاذ الصناديق الاجتماعية
من جهة أخرى، قدمت كتلة حركة نداء تونس عديد الإجراءات من بينها إحداث صندوق الجوائح الفلاحية، الذي يساهم في التعويض للفلاحين، ويساهم أيضا في تنمية المنتوج الفلاحي. وقد قدمت الحكومة مقترحا بأن تكون مساهمة الدولة في الصندوق مقدرة بـ 20 م.د، في حين تتوزع بقية المساهمات بين الفلاحين ومساهمة القطاعات المتداخلة في هذا القطاع. لكن اللجنة رفضت هذا المقترح، وطالبت بالترفيع في مساهمة الدولة إلى حدود 30 م.د، وهو ما تمّت المصادقة عليه. كما تمت المصادقة على إحداث صندوق دعم لطالبي المساكن الاجتماعية بالنسبة للأشخاص الذين ليس لهم دخل قار، وذلك في إطار البحث عن تنمية المساكن الاجتماعية ومساعدة من لا يملك موردا قارا، من خلال تمكينه من ضمان أولي بنسبة 20 % في شكل قرض.

المحافظة على القيمة المضافة
في المقابل، حافظت لجنة المالية على تمشي الحكومة في ما يتعلق بالأداء على القيمة المضافة، على اعتبار أنه لم يتم الترفيع فيها منذ مدة، مع التنصيص على عدم الترفيع في المنتوجات المحلية والأساسية كالأدوية على سبيل المثال والمنتوجات الفلاحية. وفي إطار البحث عن الآليات الممكنة لإنقاذ الصناديق الاجتماعية، فقد تم التنصيص على أن مساهمة اجتماعية موظفة على دافعي الضرائب للجميع بالتساوي حسب المدخول بنسبة 1 % إضافة على ضريبة في الدخل لتوفير موارد إضافية للصناديق الأمر الذي سيشكل حلا فعليا على حد تعبيرهم للصناديق الاجتماعية يسبق حلول إعادة الهيكلة. كما طالبت كتلة حركة نداء تونس بضرورة الترفيع في المبلغ المحدد للتنمية المقدرة بـ 5743 م.د، وتركيز بنك الجهات. وفي هذا الإطار، تعهد وزير المالية بأن يتم الانطلاق في الإجراءات الفعلية من أجل تجسيد بنك الجهات بداية من سنة 2018.
ومن المنتظر أن تقوم لجنة المالية والتخطيط والتنمية بداية من الأسبوع المقبل في صياغة التقرير النهائي وإحالته على مكتب المجلس الذي سيحيله بدوره على الجلسة العامة من أجل المصادقة عليه فصلا فصلا، بعد قبول مقترحات التعديل الضرورية من قبل الكتل البرلمانية في مجلس نواب الشعب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115