مثل كل بداية سنة برلمانية جديدة، تنطلق الصراعات بين الكتل البرلمانية خصوصا بين الكتل الأكثر تمثيلا وبين كتل المعارضة، حول اقتسام الحصص في ما بينهم على مستوى رئاسات اللجان القارة والخاصة ومكاتبها وأيضا حول عضوية مكتب المجلس. وبما أن النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب يتيح للكتل الأكثر تمثيلا باولوية اختيار المناصب في هياكل المجلس المذكورة، فإن بقية الكتل تكون مجبرة على أخذ ما تبقى من نصيب.
لكن في المقابل، وبالرغم من الاتفاق الحاصل بين كتلة الجبهة الشعبية والكتلة اليمقراطية حول ترؤس الجبهة للجنة المالية للسنة الثانية على التوالي، والاستغناء عن التوافقات السابقة بأن تكون رئاسة اللجنة دورية كل سنة، إلا أن الخلاف تجدد هذه المرة حول منصب نائب رئيس اللجنة بين الكتلة الديمقراطية وكتلتي حركتي النهضة ونداء تونس. هذا الأمر، حتم على ممثلي المعارضة في اجتماع مكتب المجلس برؤساء الكتل مقاطعة الاجتماع بسبب ما اعتبروه تراجعا عن الاتفاقات السابقة حول تركيبة اللجان البرلمانية وخاصة فيما يتعلق بخطة نائب رئيس لجنة المالية التي اتفق سابقا على اسنادها لنائبة الكتلة الديمقراطية سامية عبو.
نواب المعارضة وجهوا أصابع الاتهام إلى كتل الائتلاف الحاكم، حيث اعتبر رئيس الكتلة الديمقراطية سالم الابيض أن قرار مقاطعة الاجتماع يعود إلى ما اعتبره وجود تلاعب بما تم الاتفاق حوله سابقا، إضافة إلى التراجع عن نتائج اخر اجتماع تم خلاله الحسم في رئاسة اللجان التشريعية ونوابهم ومقرري اللجان. واعتبر الأبيض ان السبب الرئيسي وراء هذا التراجع يكمن بالأساس في وجود أغراض سياسية بحتة، خصوصا وأن كتلتي النهضة ونداء تونس قررتا المرور الى التصويت باعضاء مكتب المجلس فقط، والحال ان الاجتماع يضم ايضا رؤساء الكتل، وهو ما جعل حضورهم يبدو صوريا. وأوضح ممثلو الكتلة الديمقراطية أن خطة الرئيس تسند وجوبا لممثل الاغلبية في صفوف المعارضة وهي كتلة الجبهة الشعبية، معتبرا ان هناك اطرافا لا تريد لكتلته البرلمانية ان تحظى بخطة نائب رئيس .
انسحاب المعارضة
انسحاب كتلة الجهة الشعبية والكتلة الديمقراطية من الاجتماع، كان بسبب أن الاتفاقات السابقة يبدو أنها لم تلق الرضاء من قبل كتلتي نداء تونس والنهضة اللتان عقدتا الأيام البرلمانية الخاصة بهما في مناسبات سابقة وقامتا باختيار رئاسات اللجان، ولا يزال التوافق في ما بينهم حول رئاسة لجنة الفلاحة، وهو ما جعلهم يطالبون يوم أنس بضرورة إعادة التوزيع من جديد. الإشكال يكمن بالأساس مثل كل بداية سنة برلمانية في توزيع المسؤوليات حيث تم تاجيل هذه المسالة بطلب من كتلة نداء تونس التي طالبت بالعودة الى نقطة الصفر والتراجع على كافة الاتفاقات السابقة. في حين اعتبر نائب رئيس كتلة حركة نداء تونس محمد سعيدان أنه لا توجد اتفاقات سابقة حول توزيع المسؤوليات ، مذكرا بان كتلته طالبت خلال الاجتماع السابق برفع الجلسة للتشاور بخصوص المقررين الذين لم يتم الاتفاق بشأنهم واعادة توزيع المهام من جديد وهو امر موثق في محضر الجلسة. وأضاف ان المعارضة طالبت خلال اجتماع أمس بالنظر فقط في خطة المقررين، مبينا ان هناك اشكالا بسيطا في لجنة المالية لا علاقة له بالاسماء بل نظرا لأنه من غير المعقول أن يكون رئيس اللجنة ونائبه من المعارضة.
وبالرغم من عدم رضا المعارضة، إلا أن مكتب المجلس اتخذ قراراه في حسم المسألة (أنظر المؤطر) ومنح منصب نائب الرئيس إلى كتلة حركة نداء تونس، وتم توزيع الحصص بين الكل البرلمانية مع إقرار تأجيل الجلسة العامة الافتتاحية المقررة صباح اليوم إلى يوم غد الأربعاء وفق ما صرح به رئيس المجلس محمد الناصر. كما بين الناصر أنه تم التوافق حول توزيع المهام صلب مكاتب اللجان البرلمانية التشريعية والخاصة، على أن تنطلق لجنة المالية والتخطيط والتنمية بداية من الأسبوع المقبل في مناقشة مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2017 ومشروع قانون ميزانية 2018.
حصص الكتل
توزيع الحصص بين الكتل البرلمانية، لم يتغير كثيرا مقارنة بما أقرته الأيام البرلمانية للكتل أو مقارنة بالسنة النيابية الفارطة، ومع اعتبار نصيب كتلة حركة النهضة بـ 3 لجان قارة و3 لجان خاصة، فقد حافظت كتلة حركة النهضة على رئاسة لجنة الصناعة ولجنة الحقوق والحريات، مقابل استرجاع لجنة الفلاحة من قبل كتلة حركة نداء تونس التي تحصلت بدورها على كل من رئاسة لجنة التشريع العام ولجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح. وعلى مستوى اللجان الخاصة فقد ترأست حركة النهضة كلا من لجنة التونسيين بالخارج والأمن والدفاع والتنمية الجهوية، في حين تم منح كل من لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة التصرف في المال العام ولجنة المرأة إلى حركة نداء تونس. وترأست الكتلة الحرة لمشروع تونس لجنة الصحة والشّؤون الاجتماعية واللجنة الخاصة لذوي الإعاقة، في حين ترأست الجبهة الشعبية لجنة المالية ولجنة الشباب واللجنة الخاصة لشهداء الثورة، ليكون نصيب الكتلة الديمقراطية رئاسة لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية، على أن تمنح رئاسة اللجنة الخاصة الانتخابية لكتلة الاتحاد الوطني الحر.