حول جدول الأعمال في علاقة كذلك بالاستحقاق الانتخابي البلدي.
لم يأت اجتماع رؤساء الكتل البرلمانية في مجلس نواب الشعب أول أمس بحضور رئيس المجلس محمد الناصر، بأي جديد يذكر بخصوص عقد دورة برلمانية استثنائية من عدمها بعد عدم توفر الشروط القانونية المتعلقة بالجهة المخول لها للدعوة إلى عقد هذه الدورة. وحسب النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب والدستور فإن عقد دورة استثنائية يتطلب توفر 73 إمضاء على الأقل أي ثلث نواب الشعب وهو ما لم يحصل، أو بطلب من رئيس الحكومة، أو رئيس الجمهورية حسب الفصل 57 من الدستور.
هذه الجهات الثلاث لم تتقدم رسميا إلى حد الآن بطلب رسمي، بالرغم من الضغوطات المسلطة من قبل الأحزاب أو منظمات المجتمع المدني من أجل استكمال سد الشغور صلب تركيبة مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمصادقة على مشروع مجلة الجماعات المحلية. لكن في المقابل، فإن تذبذب المشهد السياسي خلال هذه الفترة في علاقة بالتحوير الوزاري المعلن عنه واستكمال تهيئة مناخ المسار الانتخابي البلدي، حتّم على المجلس تأكيد استعداده لعقد دورة استثنائية في أي وقت إن طلب منه ذلك، وهو ما تأكد من خلال اجتماع رؤساء الكتل وكذلك اللقاء الذي جمع محمد الناصر رئيس المجلس برئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي إذ تم حينها الإعلان عن استعدادات مجلس نواب الشعب لعقد دورة استثنائية خلال الشهر الحالي حال استيفاء الإجراءات المنصوص عليها في هذا الخصوص.
بين التحوير الوزاري وعودة أشغال المجلس
مجلس نواب الشعب حاول تحمل المسؤولية وإبراز موقفه الرسمي إزاء الدورة الاستثنائية، خصوصا بعد التصريحات التي تلت اللقاء الذي جمع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي برئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، حين تم الحديث عن أن الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة الناخبين للاقتراع والذي تضبطه الآجال بثلاثة أشهر قبل يوم الإقتراع وهي آجال لا تزال محور نقاش وخلاف قانوني حتى الآن، سيتم إصداره فور استكمال سد الشغور صلب هيئة الانتخابات.
التوجه العام حاليا للبرلمان يتمثل في انتظار ما سيسفر عنه التحوير الوزاري وطلب رئيس الحكومة بعقد دورة برلمانية استثنائية من أجل منح الثقة للوزراء الجدد في طلب عقد دورة استثنائية يكون جدول أعمالها جلسة عامة لمنح الثقة أم قد يتم استغلال هذه الدورة لاستكمال جدول الأعمال في علاقة بالمسار الانتخابي. لكن تحديد موعد الجلسة العامة يبقى رهين تاريخ وصول الدعوة من قبل رئيس الحكومة حسب الفصل 142 من النظام الداخلي للمجلس “يدعو رئيس المجلس مكتب المجلس للاجتماع في غضون يومين من تلقيه الملف المتضمن لطلب عقد جلسة للتصويت على منح الثقة للحكومة أو لعضو من الحكومة. ويتولى المكتب في اجتماعه ذاك تحديد موعد الجلسة العامة في أجل أسبوع من اجتماع المكتب”.
جدول أعمال الدورة الاستثنائية
لكن في المقابل، فإن عقد الدورة البرلمانية الاستثنائية من أجل منح الثقة للوزراء الجدد سيترك المجال أمام الكتل البرلمانية من أجل تحديد بقية جدول الأعمال سواء باستكمال الشغورات صلب الهيئة، أو المصادقة على مشروع مجلة الجماعات المحلية، أو في حالة ورود مشاريع قوانين جديدة من قبل الحكومة. طلب رئاسة الحكومة لعقد الدورة البرلمانية سيقلص أيضا من التجاذبات التي طرأت على اجتماع مكتب المجلس الأخير حول جدول الأعمال أو حتى حول عدم التمكن من الحصول على 73 إمضاء باعتبار أنه لا يمكن رفض أي طلب مهما كانت الجهات الثلاث التي أرسلته لاستيفائه الشروط القانونية دون الحاجة إلى التصويت صلب المكتب. لكن سيبقى الخلاف الوحيد القائم في جدول الأعمال ما بعد الجلسة العامة لمنح الثقة، وذلك بعد اشتراط كتلة حركة نداء تونس عقد دورة استثنائية والاستجابة لمطالب الكتل الأخرى بسد الشغور صلب الهيئة واستكمال النقاش بخصوص مشروع مجلة الجماعات المحلية، مقابل قبول تمرير مشروع قانون المصالحة على الجلسة بعدما انتهت منه لجنة التشريع العام مع جاهزية تقريره النهائي. ويذكر أن هذا المطلب شهد رفضا من قبل الكتل المعارضة الممثلة في البرلمان، كالكتلة الديمقراطية والجبهة الشعبية بالأخص.
عديد السيناريوهات مطروحة الآن أمام مجلس نواب الشعب، لكن الأقرب وبعد إعلان رئيس الحكومة يوسف الشاهد عن التشكيلة الوزارية الجديدة ستكون الأولوية للجلسة العامة من أجل منح الثقة للتشكيلة الجديدة للحكومة. هذه الجلسة الاستثنائية التي قد تنعقد في بحر الأسبوع القادم قد تكون الفرصة الأقرب للكتل البرلمانية من أجل التفاهم حول جدول الأعمال ليدخل بذلك المجلس في دورة برلمانية استثنائية تدوم ثلاثة أسابيع.
اختلاف حول آجال الدعوة للانتخاب
كما اختلفت الكتل البرلمانية كذلك خلال اجتماع رؤساء الكتل في التأويل القانوني المتعلق بدعوة رئيس الجمهورية للناخبين من أجل الاقتراع سواء أن يكون يوم 9 سبتمبر أو يوم 17 ديسمبر، حيث اعتبر البعض أنه لا يمكن احتساب موعد اقتراع القوات الحاملة للسلاح باعتبارها عملية استثنائية مثلما لا يحتسب تاريخ يوم اقتراع الناخبين بالخارج في الانتخابات التشريعية أو الرئاسية أو حتى عمليات الاستفتاء. وفي هذه الحالة فإن المدة الفاصلة أي باعتماد تاريخ 17 ديسمبر، ستمكن من المصادقة على مشروع مجلة الجماعات المحلية بالعمل ليلا ونهارا، واستكمال سد الشغور صلب الهيئة. لكن تصعب المسألة في حالة إضافة مشاريع قوانين أخرى في جدول الأعمال وطلب استعجالها كقانون المصالحة على سبيل المثال بطلب من كتل نداء تونس، وهو ما يستوجب عقد جلسات توافقات بين الكتل من أجل رسم خارطة طريق واضحة، تنقسم بين دورة برلمانية تعقد خلال الشهر الحالي، واستكمال ما تبقى من أعمال عالقة خلال الدورة البرلمانية الرابعة في مفتتح شهر أكتوبر القادم.
تغييرات في الانتظار...
من جهة أخرى، من المنتظر أن يحمل التحوير الوزاري تغييرات في مجلس نواب الشعب على مستوى التمثيلية وذلك بعد تعيين النائب عن حركة نداء تونس عن دائرة ألمانيا حاتم الفرجاني كاتب دولة لدى وزير الشؤون الخارجية مكلف بالدبلوماسية الاقتصادية، وهو ما يستوجب تعويضه في منصبه كنائب، وأيضا في عضوية مكتب المجلس كمساعد رئيس المجلس مكلف بملف التونسيين بالخارج. هذا الأمر سيزيد من الضغط على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المنشغلة حاليا بالإعداد لفتح باب الترشحات بالنسبة للانتخابات البلدية، باعتبارها ستكون مجبرة على إجراء انتخابات جزئية في دائرة ألمانيا وذلك حسب الفصل 34 من قانون الانتخابات والاستفتاء الذي ينص «في حالة استنفاد المترشحين من القائمة الأصلية يتم تنظيم انتخابات جزئية في أجل أقصاه تسعين يوما من تاريخ حصول الشغور..»
. إجراء انتخابات جزئية في ألمانيا جاء نتيجة غياب أي شخص آخر في القائمة الانتخابية المترشحة لنداء تونس عن تلك الدائرة في الانتخابات التشريعية لسنة 2014، وهو ما يزيد من مهام الهيئة خلال هذه المرحلة باعتبار أنه يجب عليها أن تعد مراحل التسجيل وقبول الترشحات عن تلك الدائرة وإجراء يوم اقتراع خاص بها.