الشعب في سد الشغور صلب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بالرغم من عقد جلستين عامتين متتاليتين نهاية الأسبوع الفارط. إلا أن نواب الشعب والكتل البرلمانية بالتحديد لم يتمكنوا من التوافق على الأسماء المرشحة، لتكتفي الجلسة بذلك بانتخاب شخصية وحيدة وهو فاروق بن محمد الهادي بن الحاج حسن الودرني في صنف القضاء العدلي. هذا ويستمر النقاش والجدل صلب البرلمان بخصوص صنف القاضي الإداري، بعد إجراء ثلاث عمليات اقتراع إلا أنه لم يتحصل أي من المترشحين الثلاثة على النصاب المطلوب المتمثل في 145 صوتا، في انتظار التوافق كذلك حول صنف الأستاذ الجامعي والذي يحظى بثلاثة ترشحات أيضا.
عملية مقصودة !!
الجلسة العامة توقفت يوم السبت الفارط بعد إجراء عملية انتخاب ثالثة في صنف القضاء الإداري، إلا أن مجموع النواب الحاضرين في الجلسة لم يتجاوز 137 نائبا، وهو عدد لا يكفي حتى ينال المرشح الأصوات اللازمة. غياب النواب أثر على سير الجلسة، خصوصا بعد توافق الكتل البرلمانية قبل بداية عملية الاقتراع الثالثة وبعد فشل الدورتين السابقتين. إلا أن أغلب النواب وبعد طول انتظار لأكثر من ثلاث ساعات ومع تواصل انسداد الحلول، غادر أغلبهم مقر المجلس. وفي هذا الإطار، اعتبر البعض أن العملية مقصودة والهدف منها تعطيل عملية سد الشغور صلب الهيئة بهدف تعطيل المسار الانتخابي البلدي، باعتبار أن الأحزاب ذات التمثيلية الأكبر في البرلمان ونعني بذلك حركتي النهضة ونداء تونس غير مستعدتين لهذا الموعد.
مهلة للتوافق أو العودة إلى المربع الأول
غياب الحلول أمام انعدام التوافق وعدم توفر النصاب، أجبر مجلس نواب الشعب على اتخاذ قرار لم يحبذه كثيرا، لما له من تأثيرات سلبية أمام الرأي العام، حيث تقرر وبعد انعقاد عديد الكتل في ما بينها أو بين أعضائها استكمال عملية الانتخابات في دورة استثنائية يكون موعدها في شهر سبتمبر. هذه المدة ستكون كافية بالنسبة للكتل البرلمانية، من أجل التوافق والحسم في الأسماء المترشحة سواء بالالتزام بما تم الاتفاق حوله في جلسة التوافقات السابقة، أو العودة إلى المربع الأول من التوافقات. الإشكال يكمن بالأساس في المترشحة نجلاء بنت الهاشمي بن محمد الصيد إبراهم والتي تحظى بدعم واسع من قبل كتلة حركة النهضة بالإضافة إلى العنصر النسائي من النواب، الذين يعتبرون أنه من الضروري ترشيح إمراة في هيئة الانتخابات احتراما لمبدأ التناصف حسب تصريح النائبة عن الكتلة الوطنية ناجية عبد الحفيظ. في المقابل لا تزال كتلة حركة نداء تونس متشبثة بترشيح ماهر بن عبد القادر بن التيجاني الجديدي، والذي لم يكن محل توافق في جلسة التوافقات.
وفي هذا الإطار، قال نائب رئيس كتلة آفاق تونس كريم الهلالي في تصريح لـ«المغرب» أنه مبدئيا تم الاتفاق على عقد جلسة عامة في دورة استثنائية يكون موعدها خلال شهر سبتمبر، مشيرا إلى أن البعض اقترح ولو أن المسألة صعبة جدا إعادة فتح باب الترشحات في الصنفين المتبقيين خصوصا وأن أغلبهم غير محايدين، إضافة إلى أن عدد المترشحين في الصنفين المتبقيين قليل جدا، وهو مطلب تم طرحه من قبل عديد النواب.
كتلة آفاق تونس عبرت عن استيائها لما يحصل في عملية شد الشغور، حيث بين الهلالي أن الهدف من كل هذا يتمثل في تأجيل الانتخابات البلدية وهو ما تدفع اليه بعض الأحزاب، خصوصا كل من حركة نداء تونس ومشروع تونس والجبهة الشعبية. موقف آفاق تونس جاء شبيها بموقف المعارضة في البرلمان، التي تعتبر أن تأجيل الانتخابات البلدية أفضل بكثير من تركيز هيئة انتخابات غير محايدة، ولعل أبرز دليل على ذلك عدم ضغط الكتل البرلمانية على نوابهم من أجل حثهم على البقاء وعدم مغادرة المجلس إلا بعد انتهاء الجلسة العامة، على غرار وجود عديد الأوراق البيضاء.
الغيابات هي السبب...
من جهة أخرى، تعتبر كل من كتلتي النهضة ونداء تونس أن السبب وراء تأجيل سد الشغور صلب هيئة الانتخابات ليس غياب التوافق الذي تم حسمه يوم السبت قبل بداية الدورة الثالثة من الاقتراع في صنف القضاء الإداري، بل أن غياب نواب الشعب نتيجة طول جلسات التوافق هو السبب الحقيقي. وبين النائب عن حركة النهضة بشير الخليفي في تصريح لـ»المغرب» أن الكتل بلغت التوافقات قبل عملية التصويت إلا أن الحضور كان ضعيفا وهو ما أطاح بنتائج الدورة الثالثة، مشيرا إلى أن التوافقات سيتم الإيفاء بها على أن تنطلق الجلسة العامة في شهر سبتمبر بعملية الانتخاب حسب ما تم الاتفاق حوله.
موقف حركة النهضة جاء متناغما مع موقف كتلتي حركة نداء تونس والحرة لمشروع تونس الذين حسب تصريح كل من النائبين خولة بن عائشة وعماد أولاد جبريل، اللذان يعتبران أن التوافق موجود إلا أن هناك بعض الكتل حادت عنه، وبالرغم من ذلك فقد تم الاتفاق في الأخير على مساندة نفس المترشحين لكن الغيابات أثرت على عملية الاقتراع. ويذكر أنه تم الاتفاق خلال لجنة التوافقات على أن المترشح الذي يتحصل على أكثر أصوات يكون المترشح التوافقي في الدورة التي تليها، بالإضافة إلى إمكانية ترشيح العضو نبيل بفون لرئاسة الهيئة والذي يكون بحاجة إلى 50 صوتا زائد واحد ليصبح الرئيس، على أن يتم اختيار نائب الرئيس بين أعضاء مكتب الهيئة المتكون من تسعة.
عدد النواب غير المشاركين حسب الكتل
في المقابل، طالبت كتلة الإتحاد الوطني الحر بتوضيح المسألة في أقرب الآجال والخروج بحل من هذا المأزق الذي ستكون له تأثيرات سلبية على المسار الانتخابي. وقال نائب رئيس كتلة الاتحاد الوطني الحر توفيق الجملي لـ«المغرب» أن ما انتهت إليه الجلسة العامة الأخيرة بعد جلسات ومشاورات طويلة أمر مخجل، حيث يجب التوصل إلى حل من خلال بعض التنازل من قبل الكتل الأكثر تمثيلا في البرلمان ، لان مثل هذه الأزمة لا تشرف المجلس خاصة وأن كتلتي النداء والنهضة انقلبتا على الاتفاق الحاصل بين رؤساء الكتل البرلمانية. وحسب منظمة «بوصلة» فلم يشارك 22 نائبا من كتلة حركة نداء تونس في عملية الاقتراع في الدورة الثالثة، 11 من غير المنتمين، 9 من الحرة لحركة مشروع تونس، 5 من الكتلة الوطنية،4 من الكتلة الديمقراطية، 3 من الاتحاد الوطني الحر، 8 من الجبهة الشعبية، 3 من كتلة آفاق تونس، 14 من حركة النهضة.
يبقى مصير تركيبة مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مجهولا إلى حد اللحظة في انتظار التأكيد النهائي من قبل مكتب المجلس الذي سيحدد موعد الدورة الاستثنائية، وروزنامتها.