صادقت الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب مساء أمس الإربعاء على مشروع القانون الأساسي المتعلّق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلّة بموافقة 133 نائبا ورفضه من طرف 5 نواب فيما إحتفظ نائب وحيد بصوته وسط رفض نواب المعارضة للسلطة التي يمنحها القانون لمجلس نواب الشعب.
السلطة التي يمنحها مشروع القانون الأساسي المتعلّق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلّة في الصيغة التي وقعت المصادقة عليه، تتمظهر أساسا في فصلين وهما الفصل 24 والفصل 33 حيث إعتبرت النائبة سامية عبو مثلا ان الفصل 24 يمس من إستقلالية الهيئات الدستورية ويجعلها مرتهنة بمجلس نواب الشعب والأحزاب التي تمتلك الأغلبية النيابية من خلال آلية عدم المصادقة على التقرير المالي وما ينجرّ عنها.
حيث ينص الفصل 24 في الصيغة التي وقعت المصادقة عليه بها، على انه في صورة عدم تقديم الهيئة لتقريرها المالي في الآجال القانونية دون مبرر أو رفض مجلس نواب الشعب المصادقة عليه يحدث المجلس لجنة تحقيق تشريعية وتختار اللجنة خبيرين محاسبين...قصد إعداد وتقديم تقرير في الغرض إلى اللجنة تعرضه من بعد على مجلس نواب الشعب ويناقش في جلسة عامة.
مجلس النواب يسحب الثقة
وعلى ضوء تقرير لجنة التحقيق وتقرير الخبراء ونقاش الجلسة العامة، يمكن لمجلس نواب الشعب اللجوء الى مقتضيات الفصل 33 من هذا القانون والذي يمثّل آداة الضغط على أعضاء ومجالس الهيئات الدستورية من وجهة نظر نواب المعارضة بإعتبار التنصيص من خلاله على انه يمكن لمجلس نواب الشعب سحب ثقته من مجلس الهيئة أو عضو أو أكثر بقرار من ثلثي أعضائه، في أجل أقصاه 15 يوما من تقديم طلب معلل يقدم لرئيس مجلس نواب الشعب من ثلث الأعضاء على الأقل.
حدد الفصل الحالات التي تتيح سحب الثقة من مجلس الهيئة الدستورية أو عضو صلب مجلسها في حالة الحياد الفادح عن مهامها الدّستورية أو الاخلال الواضح بالواجبات المحمولة على أعضاء مجلس الهيئة بمقتضى الفصلين 2 و 9 من هذا القانون أوالاخلال بالواجبات المنصوص عليها بالفصل 24 من هذا القانون.
وقد إقترح نواب المعارضة تعديل الفصل في تجاه منح أعضاء الهيئات الدستورية ذاتهم سلطة إعفاء عضو آخر ولكن وقع رفض مقترح التعديل وإعتماد الصيغة الأصلية للفصل بموافقة 118 نائبا، حيث إعتبر النائب عن حركة النهضة رمزي بن فرج خلال دفاعه عن التنصيص على سلطة المجلس على الهيئات الدستورية ان السلطة الأصلية في البلاد هي البرلمان ومنه تنبثق الحكومات وهو الذي يعين أعضاء الهيئات الدستورية.
كما رأى النائب ان مقترح المعارضة يمكن يحدث تكتلات داخل مجالس الهيئات الدستورية لإزاحة مجموعة من الأعضاء لعضو آخر يختلف معهم وإعتبر ان مثل تلك الحالات والخلافات حدثت وانتجت تصدعات داخل عدد من الهيئات في تونس دون ذكر اي منها.
رسالة سياسية...
خلافا لجدل سلطة المجلس على الهيئات الدستورية أثار الفصل 24 جدلا داخل الجلسة العامة، حيث وقع التوافق أول أمس خلال إنعقاد لجنة التوافقات على إعتماد مقترح التعديل تقدم به نواب عن حزب آفاق تونس وكتلة الجبهة الشعبية، ولكن خلال الجلسة العامة أمس وبعرض مقترح التعديل لم يحظ سوى بتصويت 44 نائبا وهو ما أعتبرته رئيسة الكتلة النيابية ريم محجوب رسالة سياسية لهم ولوحت بسحب حزب آفاق كل مقترحات التعديل التي تقدم بها بخصوص ما تبقى من مشروع القانون.
وما اثار حفيظة نواب المعارضة ونواب حزب آفاق تونس هو إعتماد نفس مقترح تعديل تقدم به نواب كتلة الحرة لحركة مشروع تونس بتصويت 111 نائبا، والمتمثل في إضافة لفظ «على ان لا يقلّ عددهم عن الثلث»، لتحديد الحد الأدنى من النواب الحاضرين للمصادقة على التقرير المالي للهيئات الدستورية حيث اورد الفصل في صيغته الأصلية على ان يصداق مجلس نواب الشعب على التقرير المالي بأغلبية أعضائه الحاضرين، إذ ان المشكل ليس في مقترح التعديل إنما في الجهة التي تطرحه.
ومن أهم التعديلات التي طرأت على مشروع القانون خلال الجلسة العامة تغيير عنوان مشروع القانون من «القانون الأساسي المتعلق بمجلة الهيئات الدستورية المستقلة» الى «مشروع قانون أساسي يتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة» وإلغاء لفظ مجلة من المشروع وهو تعديل أثار خلافا في بداية الجلسة العامة لتضمن الفصل الأول من المشروع للفظ مجلة ولكن وقع ترحيله الى نهايتها.