في إطار الزيارة التي أدتها أمس المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى تونس، عقد مجلس نواب الشعب جلسة عامة ممتازة على شرف هذه الزيارة وذلك في إطار الدور الديبلوماسي للسلطة التشريعية. الجلسة العامة والتي شهدت حضورا مكثفا لنواب الشعب، من أجل الاستماع إلى كلمة المستشارة الألمانية من أجل التعرف على ما حملته هذه الزيارة إلى تونس من مقترحات وبرامج. تطلعات النواب انحصر اغلبها في تقديم ألمانيا لمساعدات وبرامج اقتصادية واجتماعية وأمنية، قد تخرج البلاد من الأزمة الخانقة، بالإضافة إلى أهم الملفات المطروحة حاليا في ما يتعلق بالانتخابات البلدية والجهوية واللامركزية والحكم المحلي حسب الباب السابع من الدستور، نظرا لأهمية التجربة الألمانية في هذا المجال.
الدور التونسي في ليبيا
وقد افتتح الجلسة العامة، رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر من خلال كلمة القاها أكد خلالها على أهمية العلاقات الثنائية بين كل من تونس وألمانيا، حيث مثلت هذه الزيارة فرصة من أجل مزيد دعم هذه العلاقات في مختلف المجالات والاختصاصات. وبين الناصر أن هذه الزيارة تجسد اهتمام ألمانيا بالبلاد التونسية، بالإضافة إلى مساعدتها لتونس في مجابهة التحديات وعلى رأسها الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني. واعتبر محمد الناصر أن نجاح تونس في مجال التنمية وبسط الاستقرار الاجتماعي سيساهم بالضرورة في نشر الأمن في مختلف أنحاء البلاد وذلك خدمة للمصلحة العامة في تونس والمصالح المشتركة مع ألمانيا بصفة خاصة، وأوروبا بصفة عامة.
وقد مهد محمد الناصر في خطابه إلى أهمية الدور الذي تلعبه تونس من أجل بسط الأمن في المنطقة في ظل الأزمة التي تعيشها الجارة ليبيا، حيث طالب في هذا الإطار بضرورة اجراء اصلاحات في مختلف المجالات، خصوصا في المستوى الاقتصادي والاجتماعي والتشجيع على السياحة ودعم التخصص المهني والجامعي والبحث العلمي، وهو ما سيساهم في القضاء على الارهاب ومكافحته. الملف الليبي كان من أهم الملفات التي تم طرحها في مقابلة رئيس المجلس بالمستشارة الألمانية وعلى غرار كلمة الناصر، فقد بينت ميركل أنها على قناعة أن تونس لها طاقات إقتصادية كبيرة خصوصا وأن الشعب التونسي يعتبر شعبا شابّا ومتعلّما، لكن يجب إعادة الثقة في النظام التونسي، مشيرة إلى أن تونس جارة لليبيا وهي معنيّة بالقضية الليبية إلى جانب الجزائر ومصر.
طرد المهاجرين غير الشرعيين
من جهة أخرى، فقد جاء خطاب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مكملا لخطاب الناصر في البرنامج الذي يتم الإعداد له بين الطرفين وخاصة الموضوع الأمني والذي يبقى في حاجة الى معالجة شاملة تنطلق من خلال الاستقرار الاجتماعي وتحسين الاقتصاد الوطني وإيجاد الحلول الضرورية للشباب، الأمر الذي من شأنه أن يسحب البساط من الجماعات الإرهابية المتطرفة التي تستغل ظروف هذه الفئة من أجل تسفيرهم عن طريق الهجرة غير الشرعية ثم الاستقطاب الارهابي. موضوع الإرهاب يطرح بالأساس لدى المستشارة الألمانية وضعية اللاجئين في بلدها، والجدل الذي أحدثه، لكن يبدو أن تصريحها هذه المرة بدى واضحا ومؤكدا بعد إصرارها على طرد المهاجرين بالقوة بالنسبة للذين ليس لهم حق التواجد في ألمانيا في حالة رفضوا المغادرة عن طواعية، مع ضمان استعداد ألمانيا لاستقبال اللاجئين الفارّين من الحروب، وسيجدون المساعدات الضرورية في ألمانيا.
المستشارة الالمانية اعتبرت أنه من المهم القضاء على الإرهاب من خلال تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي لتونس، قبل المقاربة الأمنية. كما قدمت رسائل مطمئنة في هذا الإطار لدعم تونس قائلة في ذلك أنه بإمكان التونسيين التعويل على جمهورية ألمانيا في دعم تونس سياسيا واقتصاديا، باعتبار وجود عديد النقاط المشتركة بين الطرفين من بينها محاربة الإرهاب. كما أضافت أن تحسّن الوضع الاقتصادي سيساهم في قطع الطريق أمام الإرهابيين والمهربين والمتاجرين بحياة الشباب في الهجرة غير الشرعية. كما أكدت دعوتها لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي من أجل الحضور في قمة مجموعة السبعة من أجل مناقشة بعض المواضيع الاقتصادية والأمنية في إطار التعاون الألماني التونسي، مشيرة إلى أن هذه الخطوة الألمانية تأتي في إطار الانفتاح على القارة الافريقية والاستثمار فيها وتحسين البنية التحتية.
الاستفادة من التجربة الالمانية
لكن في المقابل، فإن هذا الدعم سيتجسم بالأساس من خلال الاستفادة من التجربة الألمانية مثل ما بينته ميركل في كيفية تركيز اللامركزية والانتخابات المحلية، باعتبار أن ألمانيا لديها عديد الخيارات في مجال الدولة الفدرالية. وبينت أنه تم وضع برنامج لتدريب الشباب التونسيين في البرلمان الألماني وذلك بهدف تذليل الصعوبات التي قد تطرأ على مسار السلطة المحلية، إضافة إلى أن الوفد الاقتصادي الذي يرافق المستشارة يمثل أكبر دليل على عزم ألمانيا للتعاون مع تونس في العديد من المجالات، إلى جانب وجود أكثر من 250 شركة ألمانية في تونس توفر 55 ألف موطن شغل.
نواب الشعب ثمنوا خطاب المستشارة الألمانية، خصوصا من خلال الوعود التي أطلقتها في البرلمان بعد مقابلة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، وهو ما يعتبر تعهدا وجب استثماره مع ضرورة تكثيف الزيارات بين الطرفين سواء بين نواب الشعب أو صلب السلطة التنفيذية. وقد سبقت هذه الزيارات لقاءات مكثفة بين عضو مجلس نواب الشعب عن دائرة ألمانيا ورئيس مجموعة الصداقة البرلمانية التونسية الألمانية حاتم الفرجاني، بالإضافة إلى عدد من نواب الشعب مع سفير ألمانيا في تونس من أجل التمهيد الى المحاور المتعددة التي تم التباحث فيها بين الطرفين التونسي والألماني خلال هذه الزيارة.