في ما إذا كانوا يرغبون في الاعتصام كتابة بالحصانة (أي التمسك بالحصانة كتابيا)طبق أحكام الفصل 69 من الدستور من عدم ذلك.
بعد الجدل الذي أحدثته مطالب رفع الحصانة عن عدد من نواب الشعب، أحالت لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية تقريرها إلى الجلسة العامة، من أجل النظر والحسم في طلب رفع الحصانة عن 9 نواب تعلقت بهم 11 ملفا قضائيا. ونظرا لسرية المعطيات والأشغال المغلقة للجنة والجلسة العامة، فإن بعض المصادر أكدت أن اللجنة أوصت بعدم رفع الحصانة عن 4 نواب وهم النواب عن كتلة حركة نداء تونس شاكر العيادي وأنس الحطاب والمنصف السلامي وعن آفاق تونس حافظ الزواري. وفي المقابل، أوصت اللجنة برفع الحصانة عن 4 نواب وهم كل من عبادة الكافي عن كتلة الحرة لحركة مشروع تونس وكلثوم بدر الدين عن كتلة حركة النهضة والنائبين عن كتلة حركة نداء تونس الطاهر بطيخ و لطفي علي. كما اعتبرت اللجنة طلب رفع الحصانة عن النائب عدنان الحاجي مخالفا للدستور بما أنه لا يمكن مؤاخذة نائب عن أعمال يقوم بها في إطار عمله النيابي وبالتالي تم إرجاع الملف لوزارة العدل .
إجراءات رفع الحصانة
إجراءات تقديم رفع الحصانة مضبوطة في النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، حيث أنه حسب الفصل 29 يتم النظر في رفع الحصانة على أساس الطلب المقدم من السلطة القضائية مرفقا بملف القضية إلى رئيس مجلس نواب الشعب. ويتولى رئيس المجلس إعلام العضو المعني وإحالة الطلب المبين أعلاه ومرفقاته إلى لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية التي تتولى دراسته والاستماع إلى العضو المعني الذي يمكنه إنابة احد زملائه من الأعضاء لإبلاغ رأيه أمام اللجنة. هذا وتتولى لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين الانتخابية النظر فيما يعرض عليها من ملفات وإعداد تقارير في شأنها في أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ الإحالة. ترفع اللجنة تقريرها إلى مكتب المجلس الذي يحيله إلى الجلسة العامة.
حول أسباب رفع الحصانة
مطالب رفع الحصانة لعدد من النواب تتعلق بقضايا عادية في أغلبها، كحوادث السير أي أنها خارج نطاق العمل التشريعي أو أن شبهة التهمة لا تتعلق بصفته كنائب شعب، كقضية النائب المنصف السلامي المتعلقة بدعوى ضد مقال بجريدة «المغرب» وقد تعلقت به الدعوى باعتباره المدير العام للمؤسسة الناشرة.. فالهدف من هذا الإجراء تمكين ذوي الحق من حقوقهم أمام القضاء. الجلسة العامة ستنظر في هذه الطلبات على ضوء التقرير الذي أعدته اللجنة والذي يوزع على كافة الأعضاء قبل انعقاد الجلسة العامة. على أن يتم في ما بعد الاستماع إلى تقرير لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية، ثم إلى العضو المعني إذا رغب في ذلك أو لمن ينوبه من زملائه الأعضاء. ثم يتخذ المجلس قراره في خصوص طلب رفع الحصانة أو إنهاء الإيقاف بأغلبية الحاضرين من أعضائه. وحسب الفصل 33 فإذا اتخذ المجلس قراره برفض طلب الحصانة أو اقتراح إنهاء الإيقاف، فإنه لا يمكن تقديم طلب أو اقتراح ثان يتعلق بنفس الأفعال التي كانت موضوع الطلب الأول أو الاقتراح المرفوض.
جدل يعطل أشغال الجلسة
وخلف الأبواب الموصدة، انطلقت الجلسة العامة للنظر في مطالب الطعن، إلا أنها سرعان ما توقفت لوجود خلل إجرائي عطل سير أعمال الجلسة. ويتمثل هذا الخلل في أن بعض النواب المعنيين بطلب رفع الحصانة لم يتمسكوا بها أصلا، وهو ما اعتبر البعض أنه في هذه الحالة لا داعي لرفع الحصانة، وهو ما يعني أن إجراءات دراسة الملفات منقوصة. هذا النقاش تسبب في التطرق إلى تأويل الفصل 69 من الدستور الذي ينص على أنه «إذا اعتصم النائب بالحصانة الجزائية كتابة فإنه لا يمكن تتبعه أو إيقافه طيلة مدة نيابته في تهمة جزائية ما لم ترفع عنه الحصانة»، حيث اعتبر عدد من النواب أنه كان من المفروض قبل أن يحال ملف النائب على لجنة الحصانة لا بد أن تكون لديه وثيقة تفيد عدم اعتصامه (أي عدم تمسكه) بالحصانة البرلمانية.
لكن يبدو أن مثل هذه الاجراءات لم تتم، أو تغافلت عنه اللجنة المذكورة حيث اعتبر نواب الشعب أنه يجدر بالنيابة العمومية استدعاء النائب ومن الممكن أن يعبر عن عدم اعتصامه بالحصانة ويقف أمام القضاء بصورة عادية دون المرور على لجنة الحصانة في البرلمان. وفي الأخير قررت الجلسة العامة إرجاع ملفات رفع الحصانة الى وزير العدل لاستيفاء الإجراءات وذلك بعرض الامر على النواب المعنيين والنظر في ما اذا كانوا يرغبون في الاعتصام كتابة بالحصانة طبق احكام الفصل 69 من الدستور، على أن يتم في ما بعد إعادة المسألة إلى اللجنة المختصة ثم عرضها على الجلسة العامة.