بالرغم من مصادقة مجلس نواب الشعب على القانونين المتعلقين بالمجلس الأعلى للقضاء، والمحكمة الدستورية منذ نوفمبر 2015، إلا أنه لم يتم تركيز أي هيكل منهما إلى حد الآن بالرغم من إجراء الانتخابات المتعلقة بالمجلس الأعلى للقضاء والإعلان عن نتائجها في شهر نوفمبر الفارط، وأداء أعضائها لليمين الدستورية. عديد المشاكل والصعوبات تحول دون تركيز الهيكلين في ظل توقف نشاط الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين بعد خروج رئيسها على التقاعد والذي يشغل كذلك منصب رئيس هيئة القضاء العدلي، حيث كان من المفروض أن يدعو هذا الأخير إلى عقد جلسة أولى للمجلس القضائي بعد شهر من الإعلان عن نتائج الانتخابات، والذي سيمهد لتركيز المحكمة الدستورية باعتبار أن هناك نسبة من تركيبة المحكمة تتم من قبل المجلس القضائي.
اتهام رئيس الحكومة بالتعطيل
وفي هذا الإطار، انتقدت المعارضة صلب مجلس نواب الشعب ما اعتبرته وجود نية لتعطيل إرساء المجلس الأعلى للقضاء وكذلك تركيز المحكمة الدستورية بالرغم من أهمية المؤسستين في النظام السياسي والقضائي، خصوصا وأنها لن تتمكن من ممارسة حقها في الطعن في أي مشروع قانون يصدر عن المؤسسة التشريعية في حال أرادت ذلك. وصرح النائب عن الكتلة الديمقراطية غازي الشواشي لـ«المغرب» أن هناك أزمة مفتعلة من قبل رئيس الحكومة يوسف الشاهد بمعية أطراف أخرى من داخل الأحزاب الحاكمة ومن بعض الجهات القضائية من أجل تعطيل إرساء المؤسستين الذي يؤدي ضرورة إلى تعطيل عمل المرفق القضائي. ودعا الشواشي الشاهد الى ضرورة التحلي بالمسؤولية الكاملة و احترام موجبات الدستور والقانون المنظم للمجلس الأعلى للقضاء وذلك بإصدار الأوامر اللازمة ذات العلاقة بتسميات القضاة المقترحين من طرف هيئة القضاء العدلي والجلوس مع ممثلي القضاة للتحاور معهم و إيجاد الصيغ المناسبة لتجاوز بعض المشاكل الإجرائية، بالإضافة إلى حلحلة الوضع في اتجاه التسريع في استكمال تركيز المؤسستين في أقرب الآجال.
القضاة وحدهم المسؤولون
تحميل المسؤولية لرئيس الحكومة يوسف الشاهد لم يقتصر على الكتلة الديمقراطية فقط، بل اتهم نواب كتلة الجبهة الشعبية كذلك الشاهد بمحاولة تطويع القضاء لأجندات حزبية يحول دون إمكانية الطعن في عدم دستورية مشاريع القوانين. وصرح النائب عن الجبهة الشعبية مراد الحمايدي لـ«المغرب» أن المجلس الأعلى للقضاء يلتئم في أول جلسة له في ظل غياب الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، والذي كان من المفروض أن تتم تسميته من قبل رئيس الحكومة، مشيرا إلى أن هذه المسألة ستعطي الحق في الطعن أمام القضاء الإداري بالنسبة للقضاة الذين يَرَوْن أن في الترشيحات المشار إليها خرق للقانون وفيها مساس من حقوقهم.
المعارضة صلب مجلس نواب الشعب أجمعت على أنه يستوجب حسم المسألة بعيدا عن التجاذبات السياسية، باعتبار أن الخلاف وإن وجد يجب أن يقتصر على القضاة وهم المسؤولون الوحيدون من أجل فض هذا الخلاف، بعيدا عن القرارات السياسية مهما كانت الجهة الصادرة عنها. وتجدر الإشارة إلى أن المجلس الأعلى للقضاء يعتبر هيئة دستورية ضامنة في نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية طبق أحكام الدستور والمعاهدات الدولية المصادق عليه، في حين أن المحكمة الدستورية تعتبر هيئة قضائية مستقلة ضامنة لعلويّة الدستور وحامية للنظام الجمهوري الديمقراطي وللحقوق والحريّات في نطاق اختصاصاتها وصلاحياتها المقررة بالدستور والمبيّنة بهذا القانون.