لا تزال فكرة تشكيل كتلة برلمانية موحدة بين كل من حركة نداء تونس وكتلة الحرة لمشروع تونس مجرد حديث إعلامي لا غير قد تندثر مع انطلاق السنة النيابية القادمة، الأزمة التي تسببت بدورها في خروج نواب من النداء من كتلتهم البرلمانية، يبدو أنها السبب الذي يحول دون تركيز هذه الفكرة على ارض الواقع وفي هذا الإطار يقدم النائب بالبرلمان والناطق الرسمي باسم حركة مشروع تونس حسونة الناصفي في حواره لـ«المغرب» حيثيات هذا الموضوع بالإضافة إلى علاقة الحزب بما يحدث في ليبيا وأيضا إمكانية توليه منصب الأمانة العامة للحزب.
• لا تزال مبادرة اندماج كتلة حركة نداء تونس بالحرة حبرا على ورق مقابل تكوين كتلة جديدة تعتبر منافسة، ما مدى صحة هذه المبادرة؟
المشاورات بيننا وبين النداء انطلقت بشكل إيجابي مبني على قناعة الطرفين بضرورة توحيد العائلة الوسطية و خاصة منها المكوّنة للنداء في شكله الأصلي و قمنا بسلسلة من اللقاءات لترجمة هذه الرغبة إلى اتفاق يرتكز على أساسين أولهما برلماني من خلال توحيد الكتلتين والتفتح على بقية الكتل الوسطية التقدمية واستعادة التوازن السياسي داخل المجلس بعد أن اختلّ بشكل كبير في السنتين الأخيرتين و ذلك إما بتكوين جبهة برلمانية أو الاتحاد في كتلة واحدة تكون وازنة سياسيا وتشريعيا ورقابيا بعد أن حددنا محاور الالتقاء الرئيسية. أما الأساس الثاني فهو في علاقة بالمسار الحزبي أي توحيد الحزبين ودخول السنة السياسية الجديدة بهيكل موحّد إما في شكل ائتلاف حزبي أو حزب موحّد وجامع للطرفين ومنفتح على أفق سياسية أخرى. لكن يبدو أن العملية أصعب مما كنا نعتقد ولم نتوفّق في الوصول إلى هذا الهدف إلى حدّ الآن و قد لا نصل لذلك في حقيقة الأمر لعدم توفّر الأرضية لذلك وهي بقاء عناصر الأزمة التي أدت بنا إلى هذا الوضع و تشبثها بنفس الموقع وهذا لا يمكن أن نقبله خاصة أنها كانت قناعة تامة لدى الجميع دون استثناء بضرورة تحييد المدير التنفيذي للنداء عن المشهد السياسي و يبدو أنه رافض لهذا الخيار وبالتالي رافض لكل النوايا الصادقة في التجميع و التوحيد.
موقفنا واضح و لا تراجع عنه لن نتوحّد تحت قيادة حافظ قائد السبسي باعتباره جزءا من المشكل وليس الحلّ. أما عن المولود البرلماني الجديد أو كتلة الشاهد كما يسميها البعض فنتمنى لها النجاح في عملها و أن تكون هيكلا يساهم في تيسير دور المجلس وليس العكس و هي في النهاية مشروع لتجميع بعض الشتات النيابي لذلك نحن لا ننظر لها إلا من منظار إيجابي فحسب خاصة أنها تجمع في صفوفها مجموعة من العناصر كنا نعتقد أن ما تحمله من تناقضات أكثر بكثير من عناصر التقائها و لكنهم اجتمعوا في كتلة واحدة و هذا دليل على أننا بصدد متابعة مشهد جديد بما يحمله من متغيرات سواء على مستوى القناعات أو الخيارات أو المصالح.
• تراجع تمثيلية كتلة الحرة لحركة مشروع تونس، سيؤثر على أدائها في البرلمان؟
أعتقد أن مردودنا لن يشهد تراجعا بل العكس هو الصحيح. فالكتلة اليوم أكثر تماسكا و انسجاما و رغم تأسفنا لخروج بعض الزملاء بشكل غير مفهوم و دون أدنى تبرير مقنع لكننا نحترم اختياراتهم و نحن اليوم ماضون أكثر من ذي قبل في نفس الخطّ وسنواصل العمل بالجدية المعهودة و هذا ما قمنا به في الفترة الأخيرة من خلال حسن استعدادنا للدورة النيابية القادمة وستكتشف أن كتلة الحرة لمشروع تونس ستعود أقوى مما كانت عليه وهذا وعد منا لأبناء وطننا عموما وأبناء حزبنا بصفة خاصة إيمانا منّا «وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون».
• المشروع انبثق عن نداء تونس، كيف يمكن العودة الآن؟
لم نتحدث إطلاقا عن عودة للنداء. كنا نتحدث دائما عن ضرورة توحيد العائلة التقدمية والتي كان من أبرز مكوناتها نداء تونس. كل مشاوراتنا كانت تصبّ في هذا السياق منذ سنتين و قمنا بعديد المحاولات ولن نيأس من تكرار هذه المحاولات لإيماننا الراسخ بأن التشتت لا يخدم مصلحة أي طرف منا بقدر ما يمثل خدمة مجانية للمنافس. و من ناحية أخرى أعتقد أن الأسباب التي غادرنا من أجلها النداء مازالت قائمة إلى الآن و كل ما نبهنا له و ما حذّرنا منه و من تبعاته منذ 3 سنوات تقريبا هاهي بلادنا تحصد تبعاته بشكل كارثي غير مسبوق. بل أن من شرّع و مهّد الطريق لما حصل في النداء في 2016 و 2017 و 2018 يحاول اليوم ركوب الحدث ليجترّ كلاما قلناه سابقا دون خوف أو تردّد و دون أن نكون أصحاب سلطة أو نفوذ مثلما هو حالهم اليوم و هاهم اليوم يلعبون الدور الأسوأ في التاريخ السياسي لبلادنا بنحرهم لما تبقى في الحزب الذي أخرجهم من الظلمة إلى النور.
• ما صحة انك قد تتولى خطة الأمين العام للحزب؟
في حركة مشروع تونس و إلى حدّ الآن محسن مرزوق هو الأمين العام للحزب و هو منتخب مباشرة من المؤتمر. ولكن هناك تفكير جدّي داخل الحركة في إدخال بعض الإصلاحات الهيكلية و هو ما تم إقراره من قبل المكتب السياسي بعد الانتخابات البلدية عندما قمنا بعملية تقييم شامل سواء على المستوى الهيكلي أو السياسي الاستراتيجي أو الانتخابي وسيتم عرض مجموعة من المقترحات على المجلس المركزي للحزب الذي سينعقد يوم 23 سبتمبر الجاري للمصادقة أو التعديل أو الرفض و المقترحات تتعلق بأكثر من مؤسسة لتشمل الهياكل المحلية و المركزية و كيفية إضفاء مزيد من النجاعة على العمل الحزبي. و بالتالي كل ما يتم تداوله حاليا في هذا الموضوع يبقى مجرّد تخمينات لا ترتقي لمرتبة الحقيقة إلا بعد انعقاد المجلس المركزي و هو أعلى مؤسسة في الحركة بين مؤتمرين.
• وبخصوص المبادرة التي تنطلق اليوم من اجل السلام في ليبيا خاصة وأنكم تسعون إلى أداء زيارة من اجل لقاء خليفة حفتر، ما خلفية هذا الموضوع؟
هي مبادرة أطلقتها حركة المستقبل الليبية وهي حركة تجمعنا معها علاقات متينة وجيدة بل إستراتيجية إقليميا ودوليا. واختارت حركة المستقبل بلادنا وحزبنا لإطلاق مبادرة وحملة دولية لجمع الإمضاءات من أجل السلام في ليبيا ستتزامن مع اليوم العالمي للسلام.
نحن نعتقد أن الشأن الليبي يهمنا بشكل كبير ولابد من تفعيل كل الآليات الممكنة لحلحلة الأوضاع في ليبيا ديبلوسيا وشعبيا ونحن نؤمن بأن كل ما يحصل في ليبيا له انعكاس مباشر على تونس وخاصة في ولايات الجنوب لذلك سنكون في طليعة القوى الحية التي تسعى لإرساء السلام في هذا البلد وسنمضي في ذلك بالتعاون مع شركائنا في تونس أو في الخارج من أجل هذا الهدف لنزع الأسلحة فيها والتقليل من خطورة الأوضاع . مع العلم أن حركة مشروع تونس كانت سباقة في فتح قنوات التواصل مع الجانب الشرقي في ليبيا ولعبنا دورا إيجابيا في ذلك حتى لا تجد الدبلوماسية التونسية نفسها مرتهنة لدى طرف دون غيره في التحاور والتفاوض والتباحث حول القضايا المشتركة. ومبادرتنا اليوم تتنزل في نفس السياق ونحن مصرّون على ضرورة أن تلعب بلادنا دورا بارزا وأساسيا في حل الأزمة الليبية نظرا للانعكاسات الإيجابية التي قد نلحظها على بلادنا في المستقبل سياسيا واقتصاديا و اجتماعيا.