ضروريا لعشرية أضرت بالبلاد والعباد والبعض الآخر يرون فيه انقلابا على الدستور ينبغي أن يُسقط فيما تتراوح المواقف الأخرى بين هذين الحديّن ..
وبالطبع تكون هذه الانقسامات أشد في ما يتعلق بمسار صياغة الدستور الجديد وبكل ما يحف به من سياقات قانونية ومن مناخ سياسي عام ..
ولكن الثابت على كل حال أننا أمام لحظة حاسمة في تاريخنا الحديث ..لحظة لا يجوز فيها لأحد أن يستبد بالقرار وأن يخطّ فيها طريقا للبلاد رغم أنف نخبها وشعبها ..
إن أبسط حقوق المواطنة هو حق النقاش في الشأن العام وحق التعبير عن الرأي المساند أو المخالف ،وهذا الحق هو من الحقوق العينية – إن جازت الكلمة – أي حق قائم لكل فرد ولا يسقط بمجرّد قيام البعض به ..فلا أحد يحق له أن يفكر وأن يعبّر نيابة عن المواطن /الفرد سواء أكانت هذه الجهة في الحكم أو في المعارضة.
يوم أمس قدّم العميد الصادق بلعيد مسودة مشروع الدستور الجديد إلى رئيس الدولة، والرئيس قيس سعيد يملك عشرة أيام – كحدّ أقصى – لعرض هذا المشروع على عموم التونسيين وهو يملك كما لا يخفى على أحد حق تعديل هذه المسودة جزئيا أو كليا..ومباشرة إثر هذا الأجل الأقصى (30 جوان) لتقديم مشروع الدستور تدخل البلاد في حملة حول الاستفتاء ونظريا –دوما –لا يحق إلا للمسجلين لدى هيئة الانتخابات القيام بالحملة لفائدة «نعم» أم «لا» وربّما أيضا للمقاطعة لمن قبل بأن يُسجل موقفه هذا خلال هذه الأيام لدى الهيئة ..
الخوف كل الخوف هو أن تطغى الإجرائية الشكلانية على هذه المرحلة الحساسة والدقيقة فيحرم التونسيون من نقاش معمق لأهم وثيقة في البلاد.
لا يعنينا هنا الموقف السياسي من المسار برمته - على أهمية هذا الموقف - ولكننا نريد التركيز على حق كل المواطنات والمواطنين في مناقشة هذه الوثيقة وعلى حق (بل واجب) وسائل الإعلام في دعوة الخبراء والمختصين والمثقفين للحوار حول الدستور بصفة إجمالية أو بصفة تفصيلية وخاصة في المواضيع الخلافية وألا يعتبر هذا النقاش الضروري للمجتمع ممنوعا لأن المتدخلين لم يسجلوا أنفسهم لدى هيئة الانتخابات ..
واضعو هذه المسودة يبشروننا اليوم بديمقراطية «حقيقية» ولكننا نخشى أن يتواصل مسار التعتيم والمرور بقوة وان يحرم بالتالي المواطنات والمواطنون من حق مناقشة هذه الوثيقة بتعلة أن هذا النقاش سيؤثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على الاستفتاء ..
دون الفصل بين مساري مناقشة الدستور المتاح للجميع والاستفتاء المباح فقط إلا لمن أودعوا تصاريح بذلك لدى هيئة الانتخابات،دون هذا الفصل الضروري لن نتمكن من مناقشة جماعية لهذا النص الذي قد يحدد قواعد العيش المشترك لسنوات قادمة ..
في الحقيقة لقد سلكت السلطة القائمة منذ 25 جويلية مسارا واحدا عماده المرور بقوة وفرض الأمر الواقع ولكن الرهانات اليوم أعظم بكثير..
ننتظر أن يُنصت لصوت العقل في هذا البلاد حتى لا نستعيض عن الفشل بالخراب.
بعد تقديم مسودة مشروع الدستور إلى رئيس الدولة: لا تحرموا التونسيين من حق مناقشة الدستور!
- بقلم زياد كريشان
- 10:44 21/06/2022
- 1714 عدد المشاهدات
التونسيات والتونسيون مختلفون في تقييم أوضاع البلاد وفي حكمهم على المسار الذي انتهجته منذ 25 جويلية 2021،فبعضهم يرون فيه تصحيحا