من كان منهم ينتمي الى حزب او من الشخصيات المشاركة في لجان الهيئة الاستشارية من اجل جمهورية جديدة.
والسؤال ببساطة هو هل للهيئة ولجانها ما يكفي من الوقت لصياغة دستور جديد انطلاقا من الصفر او حتى من نتائج الاستشارة الإلكترونية؟، وطرح سؤال عن الوقت مرده الاستنادا لما تحقق من تقدم في الصياغة او النقاشات خلال الايام الفارطة.
هنا الاجابة لا يمكن ان تغفل عن العودة الى الرزنامة التي رسمت لأشغال الهيئة وفصلت مراحل تطور النقاشات المتعلقة بمسار الدستور، من المسودة صفر الى المشروع النهائي الذي سيعرض على التونسيين في 30 جوان للإطلاع على مضمونه وتحديد توجهات التصويت عليه واعتبار هذه الرزنامة هي الوحدة المعيارية التي تتم العودة اليها لمعرفة الاجابة عن السؤال.
اذ نظريا تضبط الرزنامة آجالا ومواعيد ضيقة تفترض انه و بحلول الدقائق الاولى من صباح اليوم، ان تكون الهيئة الاستشارية التي يرأسها الصادق بلعيد انتقلت الى المرحلة الثانية من اشغالها وفق الرزنامة التي ضبطها المرسوم عدد 30 و الاوامر الرئاسية المتعلقة به. لكن هذا لم يحدث ويبدو ان حدوثه قد يكون بعد يومين او اكثر.
اذن كان منتظرا وفق الرزنامة ان نكون اليوم في مرحلة «التأليف» التي تشرف عليها لجنة الحوار الوطني وهي ثلاث لجان هيئة بلعيد، المقرر ان تنطلق من اليوم في اشغالها التي تستمر الى 20 من الشهر الجاري قبل عرض المسودة الاولية لمشروع الدستور على رئيس الجمهورية وانتظار ان ينشرها الرئيس في 30 من جوان الجاري.
مرحلة «الحوار الوطني» الذي يجمع اعضاء لجنتي الهيئة معا لمناقشة الصيغة الاولية للدستور، لن تنطلق خلال الساعات القليلة القادمة على الأقل نظرا الى ان احدى اللجنتين وهي لجنة الشؤون القانونية لم تنطلق بعد في أشغالها اضافة الى ان اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لم تنته بعد من صياغة تقريرها المتضمن لتصورها.
هذه اللجنة التي يشرف عليها الرئيس المنسق للهيئة الصادق بلعيد بنفسه تأخر انطلاقها وقد فسّر بلعيد الامر على انه لا يمكن للجنة القانونية ان تباشر عملها ما لم تنته نقاشات اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لترفع تقرير يستعين به خبراء وأساتذة القانون في صياغة مشروع مسودة الدستور والتي بدورها ستكون حجر اساس الحوار الوطني.
هنا اذا جمعنا بين تأكيد بلعيد على ان اللجنة القانونية لن تنطلق إلاّ متى استكمل النقاش العام في لجنة الشؤون الاقتصادية، وبين ما تم تحقيقه من تقدم في اشغال هذه اللجنة ستكون الصورة الاولية التي تحصلنا عليها هي ان الحيز الزمني الذي منح للجان لتشتغل فيه وتقدم تقريرها الاول لم يحترم وتم تجاوزه، فقد انتهت الاجال دون الانتهاء من المرحلة الاولى التي فصلت بدورها من قبل الصادق بلعيد الى مرحلتين اي ان الهيئة الاستشارية لم تتمكن الى اليوم من الانتهاء من النصف الاول من مرحلة رسم التصورات التي ينتظر اليوم ان تمر اولا بلجنة الشؤون القانونية لتصوغها في مسودة اولية للدستور تستجيب لما قدم اليها من مقترحات من المشاركين والاهم ان تتناغم مع مخرجات الاستشارة الالكترونية. قبل ان تحيلها بدورها الى لجنة الحوار الوطني.
لجنة الحوار ستناقش هذه المسودة وتعدلها ان ارتأت ذلك خلال الفترة الممتدة من 13 الى 20 جوان الجاري، قبل الذهاب الى المرحلة الاخيرة وهي مرحلة التحكيم التي ستكون فيها للرئيس الكلمة العليا.
هذه الرزنامة يتضح جليا ان الهيئة اسقطتها بعدم احترامها للآجال وللتمطيط في اشغال المرحلة الاولى منها واغفال ان ذلك يعنى ضمنيا تأجيل المرحلة الثانية وربما الثالثة، وهذا يعنى ايا كان الموقف من مسار الهيئة وأشغالها ان الوقت الذي منح لها لصياغة مسودة الدستور وإدارة حوار لم يكن كافيا، لذلك فان الاجابة عن سؤال هل منحت الهيئة وقتا كافيا ستكون «لا» لم تمنح وأعضاؤها يدركون ذلك.
هنا تجد الهيئة وأعضاؤها انفسهم امام سؤال مركب منبعه ان الكل تقريبا- والكل تعود على اعضاء اللهيئة- يدرك ضيق الوقت وعدم كفايته ومع ذلك لم تقع المطالبة بتمديد الاجال او الاشتغال بنسق مكثف لتجاوز عقبة الوقت. فهل هذا يعنى ان هناك استعدادا لقبول نص من خارج الهيئة واطر عملها؟ واذا كان هنالك استعداد فهل أن مسودة الدستور جاهزة لتقدم لأعضاء الهيئة ؟.
الاجابة لن تكون بنعم او لا، فجل من شاركوا في اشغال الهيئة من منتمين لاحزاب او منظمات او مستقلين وقعت دعوتهم بأشخاصهم يشددون على ان مشاركتهم ليست شكلية ولا لتوفير غطاء من الشرعية والمقبولية لمسودة دستور جاهزة لا يشاركون في صياغتها، لكن الوقائع المسجلة الى اليوم تجعل من قدرتهم على التأثير او المساهمة في الصياغة محدودة وشبه منعدمة، اذ تأخر انطلاق لجنة الشؤون القانونية في صياغة مسودة اولية وعرضها على لجنة الحوار لمناقشتها والمصادقة عليها ومعالجة هذا التأخر وتداركه يجب ان تتم في 6 ايام.
أيام 6 يبدو جليا أنها لن تكون كافية لمناقشة المسودة صفر او تطويرها مما يعنى امكانية تمرير ما سيقدم للجنة الحوار على ما هو عليه وهنا يفتح الباب لتمرير «نص» تفيد المؤشرات انه قد صيغ من قبل، سواء تصريحات الرئيس في روضة آل بورقيبة بالمنستير في 9 افريل الفارط التي اشار فيها الى نظام الحكم وطريقة الاقتراع او عبر تصريحات متناثرة من قبل الرئيس او اساتذة القانون الثلاثة الذين دأب على الالتقاء بهم، وهم الصادق بلعيد وأمين محفوظ وصالح بن عيسى.
كل هذا يفيد بان هناك احتمالا كبيرا ان تكون مسودة الدستور جاهزة ووقعت صياغتها خارج اطر الهيئة الاستشارية وان هناك ضمانات بتمريرها من قبل الهيئة والا لما اهدر القوم الوقت وأضاعوه في تبادل وجهات النظر حول ملفات وقضايا اجتماعية واقتصادية هي من جوهر فعل الحكم لا من اسس الدساتير.