وعن فهمه كقائم بأعمال التونسيين ومشاغلهم للدين وكيفية إصلاح حالهم إذا اقتدوا بمقاصد الدين ليكون بذلك إماما ووليا يقود شعبه في كل اوجه حياته وتفاصيلها.
خطاب ترك فيه الرئيس معاجمه السابقة وغير اختصاصه من القانون العام الى الفقه وتفسير القران، ليخطب في الحاضرين امامه وهم من الفائزين والمكرمين اثر انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية لحفظ القرأن.
مناسبة اختار الرئيس ان يلقي فيها كلمة لبست لباس الحدث فكانت خطبة دينية. ترك فيها الرئيس المنبر واعتلى السدة المنصوبة وسط قاعة الاستقبال في قصر قرطاج ليخطب في الناس مبشرا ومنذرا، من سوء فهمهم للدين وابتعادهم عن مقاصده الأصلية.
22 دقيقة هي مدة «الخطابة» التي اسقط منها الرئيس اي ملف سياسي او اقتصادي واجتماعي واقتصر على تقديم تصوراته وتفسيراته لنصوص الدين، من قرآن وأحاديث. وشرح لحوادث تاريخية اراد من خلالها ان يؤصل لما يطرحه من خطاب ديني يعتبره الاقرب لروح الاسلام.
خطاب تحدث فيه الرئيس عن ضرورة تدبر احكام القرآن وفهم مسألة التحرير والتنوير وعلاقتهما الوثيقة بمقاصد الدين، واستعان هنا بكتابات لشيوخ وفقهاء سابقين ليبين ان الاسلام «منظومة كاملة تتصل فيها العبادة بالمعاملات» وان تونس كغيرها من دول يدين فيها غالبية الشعب بالاسلام تعيش «مظاهر الجاهلية» وأن الاوان قد حان لإعمال العقل والتفكير والتدبير لفهم القرأن واحكامه.
الدعوة للتدبر في النص القرآني وفهمه بمقاصده كانت القسم الابرز في خطبة الرئيس الذي شدد على ان الاسلام في جملة ما يقوم عليه «يقوم على الاخلاق» وان العبادة ليست مقصودة لذاتها بل لاثرها الواجب ان يترتب على حياة العابد، وهنا انتقد بعض رواد المساجد ونزوعهم للباس التقوى والورع مع مغادرة المسجد.
تفاصيل عدة ونقاط اكثر تطرق لها الرئيس في خطبته التي اراد من خلالها ان يصيب عدة عصافير، فهو وان كان يخطب في القوم وينصحهم ويدلهم على الطريق القويم لفهم الدين والنص القرآني بفهم مقاصده وبانتهاج الاخلاق لم يغب عنه ان يشدد على ان الشعائر الدينية تقام على ايمان الفرد بها لا لان الدستور ينص عليها.
هنا تحدث الرئيس عن ان الثواب والعقاب لا يطالان الدولة فهي لا تحاسب ولا تعاقب ولا تصلب في النار، بل يحاسب الفرد عما اتاه من دينه، وهنا يشدد الرئيس على ان الدين دين امة وليس دين دولة، وان كانت الدولة هنا تتلوى امر الدين بالرعاية ولا بالبحث عن «مشروعية» تضفيها على مواقف سياسية.
هذا الباب الذي فتحه الرئيس في درسه الديني عن ثوابت الدين ومقاصده لم يمر دون ان يعلن مرة اخرى ان الاسلام دين عدل. وهنا شرح الفرق بين العدل والمساواة التي اعتبرها شكلية واعتبر من يتحدث عن المساواة «لا يفقه التفريق بين المساواة الشكلية والعدل» فالمساواة لا تحقق العدل وفق قوله.
درس ديني القاه الرئيس من قصر قرطاج على مسامع التونسيين شرح فيه فهمه للدين وضرورة ان يتبع المسلمون مقاصد الاسلام وان يكفوا عن اتباع الافراد وان يهتدوا بنور الله ولا يشركوا به شيئا، كل هذا اتاه الرئيس وهو يشرح ان الدولة شخص معنوي لا دين لها.
تحدث الرئيس واطال في حديثه عن الدين بعد ان نزع عنه ثوب رجل القانون واعتمر عمامة المشائخ ليخطب في الناس وينصحهم، ولسانه لم يخل من نقد مبطن لخصومه السياسيين الذين المح اليهم بجعلهم نقيضه ممن لم يفقه ان الدين معاملات وعبادة.
تحدث الرئيس كرجل دين وداعية وزعيم لطائفة دينية يخطب ليثقف الناس في دينهم كأنه إمامهم ووليهم، ليسقط في ما انتقده لدى خصومه من استغلال الدين السياسة وتفريق التونسيين طوائف وفرق.
تحدث الرئيس ليكشف عن انه يريد ان يلعب ادوار تتجاوز موقعه كرئيس للجمهورية وتتجاوز الصلاحيات المخولة له لإدارة الشأن السياسي، ليكون اليوم اقرب الى زعيم طائفة يوجهها في كل تفاصيل معاشها ويقودها في كل اوجه حياتها ويرسم لها طريقها في العبادة، تحدث سعيد لا بصفته رئيسا مدنيا بل بصفته الزعيم الديني والسياسي للتونسيين.
هذا الخطاب الديني الصادر عن رئيس الجمهورية كشف ان قيس سعيد له قراءة وتصور لمنصب الرئيس ليمنحه دورا دينيا يعود بنا الى مربعات خلنا انها مضت. مربعات يكون فيها الرئيس «مرشدا» دينيا ودنيويا. يشكل صورته لتكون اقرب الى «الخليفة» الذي يقود الامة في كل معاشها وتفاصيله.
خطاب الرئيس على هامش المسابقة الوطنية لحفظ القرآن: الخليفة السابـع
- بقلم حسان العيادي
- 09:51 20/04/2022
- 1318 عدد المشاهدات
تَسَرْبَلَ رئيس الجمهورية ليلة الاثنين الفارط بثوب رجل الدين، ليخطب في التونسيين لمدة 22 دقيقة ليخبرهم عن دينهم وعن مراده