من مسار سياسي وضعه الرئيس بشكل احادي وفق مشروعه الذي لا يخظى بتوافق واسع.
توافق بات الوصول اليه هو المطلب الاساسي للطبقة السياسية ومنظمات المجتمع المدني، اي الاجسام الوسيطة والتمثلية لتجنب فرض مسار عبر انتهاج سياسة الامر الواقع بما يحول دونه ودون الاستقرار المطلوب لتجاوز الازمات الراهنة وهي كثيرة.
مطالب سترتفع خلال الأيام القليلة القادمة، والسبب ان المسار السياسي قد فُصل وحددت محطاته بما يجعل امكانيات التعديل تنحصر بشكل كلي في المرحلتين الاولى والثانية، اي في مرحلة الاستشارة وفي مرحلة التأليف، وهما المرحلتان السابقتان للاستفتاء وللانتخابات التشعريعية المبكرة في نهاية السنة الجارية.
مرحلة الاستشارة نقترب من توديعها دون اي تقدم محرز في اتجاه تجاوز الازمة السياسية بالحوار لرسم مسار سياسي يحظى بدعم واسع بما يحميه من الهزات ويؤمنه من الانهيار اللاحق لتجنيب البلاد ان تخوض ذات المخاض كل عشر سنوات كما هو الحال اليوم.
اهدار امكانية التعديل وتعزيز المسار الذي اعلنه الرئيس في 13 ديسمبر في مرحلة ألاستشارة التي لا تفصلنا عن نهايتها إلا 5 ايام لا غير. يجعل كل مطالب والضغط من اجل التعديل ترحل الى المرحلة الثانية. وهي هنا مرحلة التأليف والصياغة.
مرحلة رسمها الرئيس على انها مرحلة صياغة الدستور الجديد بالاستناد الى مخرجات الاستشارة الشعبية الالكترونية. وهذه المرحلة تحدث استاذ القانون الدستوري امين محفوظ عن قرب انطلاقها بالإعلان عن اللجنة المكلفة بصياغة مسودة الدستور الجديد.
اعلان جاء فيه ان اللجنة ستعين من قبل رئيس الجمهورية مع امل في ان تتضمن تركيبة اللجنة اسماء تعكس اختلاف التصورات والرؤى لا فقط بشان النظام السياسي بما يسمح بإثراء النقاش للوصول الى دستور لا يهدم ما حقق في مسار الانتقال الديمقراطي والمكتسبات التي تحققت في تونس بعد الثورة.
وهذا ما قد يكون آخر متبقى لتجنب تكرر الخطأ، في اعتماد المغالبة وفرض الموقف والمشروع الخاص بفئة على كل التونسيين بمسميات عدة، وينتهى الامر الى صياغة دستور لن يصمد الا ببقاء من صاغه في الحكم.
لجنة ينتظر ان يعلن عنها الرئيس ضمن حزمة من اللجان التي ستكلف بادارة المرحلة الثانية، وهي الصياغة، فهناك لجنة الصياغة التي ستكون اللجنة التقنية المكلفة بكتابة الدستور، استنادا لنتائج الاستشارة ولكن بالاساس استنادا إلى نقاشات لجنة ثانية، وهي لجنة الحوار الوطني التي تفيد معطيات انها ستكون برئاسة وزير الشؤون الاجتماعية وهدفها قيادة حوار سياسي يتعلق بالدستور الجديد اي اننا قد نشهد حوارا وطنيا مصغر سيكون فاقدا للناجعة اذ حكم عليه ان يكون وفق شروط الجهة المبادرة وهي هنا رئاسة الجمهورية، بان تحدد محاوره وان ترسم مخرجاته بالتحكم في هوية المشاركين فيه وتحديد مربعات النقاش ومحاوره.
هذه المخاوف ستكون هي من يحرك القوى السياسية والاجتماعية اليوم في تونس بهدف الضغط لتعديل المسار في اخر محطة ممكنة للتعديل وهي مرحلة الصياغة التي ستجزأ فيها عملية الصياغة على اللجان.
فرصة ستكون مهمة لتجنب الدفع بالامور الى القصووية ودفع البلاد الى استقطاب حاد في ظل ازمات عدة تمر بها بما قد يهيئ مناخا غير سليم لادارة الاختلاف والبحث عن عقد اجتماعي جديد، مناخ اذا شحن اكثر مما هو عليه اليوم سيكون كما بركة البنزين التي تنتظر شرارة لتأكل نيرانها الكل.