والأمل في «الانفراج « الذي سوق له اثر اللقاء بين الرجلين.
لقاء عقد بعد فترة جفاء وقطيعة بحث الرئيس بكلماته عن نفيها وإبراز متانة علاقته بالمنظمة وبقياداتها. وإشارته المبطنة الى انه يرفض الجلوس والحديث مع اللصوص وغيرها من الاشارة الى انفراجة محتملة في المشهد السياسي.
انفراج تحدث عنه الطبوبي بحذر، وابرزه بكلماته في مناسبتين، الاولى في التسجيل الذي بثته الرئاسة والثانية في حوار له مع «الشاعر المغاربي» تحدث فيه الرجل بشكل حذر عن بوادر انفراج في المشهد دون ان يحدد مدى شموله للمسار السياسي والاقتصادي والاجتماعي ام أنه انفراجة في الملف الاجتماعي فقط بالاستماع لوجهة نظر المنظمة بشأن جملة من الملفات.
هذا ما تبرزه كلمات الطبوبي الذي شدد فيها على انه وجد من الرئيس الاستماع والدعم لتصورات تتعلق بالخطة الاصلاحية للحكومة مع اعلانه عن جزء مما قاله للرئيس، وهو متعلق اساسا بالمشهد السياسي العام وبضرورة اعتماد مقاربة تشاركية في ادارة المرحلة الاستثنائية.
كلمات جوهرها ان الاتحاد وان رصد مؤشرات الانفراج من قبل الرئاسة سواء ان تعلق الامر بعقد لقاء ثنائي هو الاول منذ اكثر من 5 اشهر او في تلميحات الرئيس وتصريحاته للامين العام ودعمه لعدة نقاط تقدم بها الرجل، الا انه لا يحبذ ان يتسرع ويقيم الامر على انه خطوة نحو الحل، فالأمور غير واضحة والمعادلة لم تكتمل بعد.
فما يمنحه الرئيس ويقدمه على انه انفتاح على المنظمات الاجتماعية هو فتح نافذة للاتحاد العام التونسي للشغل ولاحقا لمنظمة الاعراف بهدف تحقيق جزء من شروط صندوق النقد الدولي المتعلقة بضرورة ان تكون خطة الاصلاح محل قبول من الفاعلين وان تكون معلنة. اي انه يبحث عن اشراك الطرفيين الاجتماعيين في الملف الاقتصادي ضمن ضوابط وحدود.
هذا ما يبحث عنه الرئيس وهو ان يكسر الجدار الفاصل بينه وبين المنظمات لضمان انخراطها في مسار تعبئة الموارد المالية عبر الوصول الى صيغة توافقية للإصلاحات الاقتصادية الكبرى بما يضمن الوصول الى اتفاق مع الصندوق. اي ان الرئاسة وان كانت مكرهة على فتح قنوات الاتصال بالمنظمات الا انها تريدها ان تكون محدودة الاثر والتاثير غير ان ما يرغب فيه الرئيس لا يمكن له تنزيله او فرضه على المنظمتين وخاصة الاتحاد الذي اعرب امينه العام عن «امله» دون ان يلزم منظمته بموقف رسمي يقر بوجود انفراجة او بداية الاتفاق، خاصة وان الاتحاد يربط بين المسارات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويجعلهما مسارا وحيد يطالب بأن يكون تشاركيا ومفتوحا لمشاركة القوى السياسية والاجتماعية.
قوى لازال الرئيس يرفض التعامل معها بشكل رسمي، وان كان يلتقى بجزء منها في لقاءات غير معلنة ويتشاور معها عن مخرجات تضمن تحقيق اهداف مساره السياسي الذي اعنله في 13 ديسمبر الفارط اي الاستشارة فصياغة دستور جديد فاستفتاء واخيرا انتخابات تشريعية مبكرة يريد من خلالها تنزيل اصلاحاته وفرض الامر الواقع على القوي السياسية.
وقد باتت هذه القوى تمتلك اليوم الكثير من اوراق القوة واهمها القوى السياسية الاجتماعية اي المنظمات التي تبدى موقفا صريحا بانها لا تدعم 25 جويلية باطلاق، اي انها لا تعترض على خطوة الرئيس في جويلية الفارط ولكنها ترفض ان يكون تقرير الاصلاحات وتنفيذها بقرار يتخذه بمفرده دون تشاور وتوافق واسع.
لذلك فانها تعتبر ان في بحث الرئيس عن توافق واسع في الملف الاقتصادي والاجتماعي لتحقيق شرط المانحين الدوليين لدعم البلاد ماليا فرصة لمزج المسارات مع بعضها البعض، اي ان يصبح الامر اشمل من التوافق على الاصلاحات الاقتصادية الكبرى بل السياسية والاقتصادية والاجتمعية دفعة واحدة وهذا عبر الية الحوار الفعلي.
حوار ينتظر الجميع ان يحل اوانه وان يعلن عنه بشكل صريح من قبل الرئيس، اي ان يعلن سعيد عن انه سينفتح على خصومه ومؤيديه للتشاور بشان الاصلاحات السياسية المنتظرة، وان لايقف عند خطته ومحطات مساره الذي يتضمن «لجنة» ستكلف بمناقشة مخرجات اشغال اللجنة التاليفية للاستشارة.
ما تريده المنظمات والقوى السياسية هو ان يفتح باب الحوار قبل ان يقع حصر الخيارات والاصلاحات وتقدم لهم كما قدمت في الاستشارة كخيارات اجابة عن سؤال موجه، بعبارة اخرى هم يردون ان ينطلق الحوار من الصفر دون توجيهات او قرارات مسبقة.
هذا ما سيحدد انفرج الوضع السياسي في تونس أو بقاؤه في التعقد يوما بعد يوما بما يهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد التي تتجه الى محطات كبرى دون ان تكون الرؤية واضحة مما قد يمثل خطرا غير مسبوق.