وما صاحبها من ارتفاع منسوب العنف السياسي والتحالفات الانتهازية وعجز الحكومة عن المواجهة الجدية للجائحة الصحية ومعالجة مخلفاتها الاقتصادية والاجتماعية ثم فترة تفعيل الفصل 80 وفق القراءة المتوسعة للغاية والتعسفية لرئيس الدولة والإجراءات الاستثنائية والحكم الفردي والرغبة في تغيير جذري لقواعد اللعبة أثناء اللعب مع مواصلة نفس الاختيارات والسياسات الاقتصادية والاجتماعية كما يشهد على ذلك مرسوم (قانون) المالية للسنة المقبلة.
لقد مرت سنة 2021 ببعض حلوها وبالكثير من مرّها وها أن بلادنا تستقبل سنة جديدة في ظروف اقتصادية واجتماعية أكثر عسرا وبمخاطر سياسية أكثر ارتفاعا.
ثلاثة عناصر أساسية ستحدد المستقبل القريب لتونس:
• أولا: بداية ارساء المشروع السياسي لرئيس الدولة انطلاقا من غرّة جانفي بواسطة الاستشارة/الاستفتاء الالكتروني نهاية بالانتخابات التشريعية المزمع عقدها يوم 17 ديسمبر 2022.
الواضح أن قيس سعيد يريد أن يتحكم في الزمن السياسي على امتداد هذه السنة وقد وضع لذلك محطات رمزية من 20 مارس إلى 17 ديسمبر مرورا بـ 25 جويلية، يوم الاستفتاء الشعبي على الإصلاحات الدستورية والسياسية، والسؤال الوحيد الجدي هو ما الذي يريده رئيس الدولة من كل هذا؟ ارساء نظام ديمقراطي تشاركي حقيقي بعيدا عن آفات المال الفاسد؟ أم حكما فرديا يستمد شروط استمراره واستدامته من «النظام القاعدي» الذي سيقضي على الأحزاب وعلى كل الأجسام الوسيطة ليترك فسيحا أمام الحكم المطلق للرئيس وللادارة؟
لا يمكن لأحد أن يجيب عن هذا السؤال بوضوح اليوم. فرغبة الرئيس في ارساء النظام القاعدي والحكم الرئاسوي القوي ولكن اكراهات توازنات القوى داخليا والضغوط الخارجية -كذلك- قد تجبر قيس سعيد على مراجعة بعض حساباته وتأجيل بعض أحلامه ولكن الثابت أن رئيس الدولة سيبذل قصارى جهده للتسريع في إنهاء سطوة الأحزاب وقوة الأجسام الوسيطة، كما أنه سيشتغل على مزيد تمكين رفاقه في «الحملة التفسيرية» من أهم مفاصل الدولة وخاصة في جسم الإدارة المركزية والجهوية والمحلية وهذا مسار قد انطلق بوضوح في هذه السنة مع كل التسميات الجديدة في سلك الولاة.
• ثانيا: لدينا اليوم ميزانية افتراضية قائمة على ابرام اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي في موفى الثلاثي الأول من سنة 2022، ولكن إذا تعذر هذا الاتفاق فإن الحكومة لن تكون قادرة على تمويل ميزانيتها ولا يبدو -كذلك- أن لها خطة بديلة قادرة على تعويض الدعم المالي والاقتصادي والسياسي - بالمفهوم العام للكلمة - لصندوق النقد.
لكن في كلتا الحالتين ستشهد البلاد سياسة تقشفية هامة وتراجعا واضحا للقدرة الشرائية لعموم المواطنين وخاصة للطبقات الوسطى والشعبية وستكون ردة الفعل الطبيعية والمتوقعة تصاعد وتيرة الاحتجاجات والمطلبيات سواء أكانت مهيكلة داخل المركزية النقابية أو منتشرة ضمن ما يعرف بالحركات الاجتماعية.
ما نجهله اليوم هو حجم واتساع هذه الاحتجاجات وهل أن شعبية رئيس الدولة، رغم تراجعها الجزئي، ستكون كافية للحدّ منها أم لا.
• ثالثا: سياسيا رقعة الاعتراض على قرارات رئيس الدولة في اتساع.. نحن لسنا أمام معارضة شعبية كاسحة ولكن اتساع رقعة المعارضة وراديكالية مطالبها ستعمقان الانطباع الداخلي والخارجي أننا ازاء حكم فردي لا يصغي لمعارضيه ومن شأن هذا أن يضع نقطة استفهام كبيرة حول مشروعية الأجندا السياسية لصاحب قرطاج.
المعارضة لقيس سعيّد معارضات يكاد لا يجمع بينها شيء اليوم.. فهل سيستمر هذا الوضع؟ وهل ستتعاضد المعارضة السياسية مع الاحتجاج الاجتماعي؟ وهل سيتمكن قيس سعيّد من عبور كل الصعوبات الكبيرة الاقتصادية والاجتماعية للسنة القادمة؟ كل هذه أسئلة لا نعرف بالضبط مناخات الاجابة عنها وتفاعل العناصر المكوّنة لها مع بعضها البعض..
سنة عسيرة جدا في الأفق وسيمتحن فيها صمود المجتمع التونسي بكل شدة خاصة إذا ما انضافت إلى كل هذا موجة أو موجات وبائية جديدة كما تشير إلى ذلك كل المعطيات..
كل تقديراتنا تؤدي إلى أن البلاد ستشهد منعرجا هاما في 2022.. ولكن في أي اتجاه؟ ذلك هو السؤال ...
بين المشروع الرئاسي والصعوبات الجمة للمالية العمومية وتوسع دائرة المعارضة والاحتجاج: 2022، سنة كل المخـــــاطر!
- بقلم زياد كريشان
- 09:34 03/01/2022
- 786 عدد المشاهدات
ننهي اليوم سنة كانت صعبة للغاية على عموم التونسيين انقسمت إلى نصفين شبه متوازيين: فترة حكم النهضة وحكومة المشيشي