هذا الخبر تزامن نشره مع اليوم العالمي لحقوق الانسان الجمعة 10 ديسمبر الجاري، وهو كفيل بكشف ما باتت عليه الحقوق والحريات بشكل عام في تونس منذ اسابيع عدة هي عمر التدابير الاستثنائية التي اعلن عنها رئيس الجمهورية في 25 جويلية الفارط.
فمنذ ذاك التاريخ غاب بشكل كلي الصحفيون عن الأحداث الوطنية خاصة المتعلقة برئاسة الجمهورية إضافة إلى إيقافات طالت الصحفيين و المدونين مع احالتهم على المحاكم العسكرية وهو ما « صدم » الاتحاد\الفيدرالية واعتبره تدهورا لوضع الإعلام في تونس في مدة وجيزة وانتقالها لمصاف الدول التي تحجب المعلومة و لا تحترم الصحفيين و لا تحترم حق المواطنين في المعلومة
هذا الموقف الصادر عن هيئة دولية للصحفيين، ليس الوحيد الذي يعبر عن تدهور اوضاع الحريات في تونس وهي تحتفى باليوم العالمي لحقوق الانسان، فعدة جمعيات نسوية قادت مظاهرة لتتنديد بسياسات الدولة وصمتها تجاه العنف المسلط على النساء والعشرات من الاحزاب والمنظمات عبرت عن خشيتها مما الت اليه الاوضاع بشكل عام في تونس. اوضاع تردت بصورة ملحوظة رغم الخطاب الرسمي المتمسك بان الحريات والحقوق محفوظة وان البابين الاول والثاني من الدستور اضافة الى توطئته ساريي المفعول رغم الامر الرئاسي عدد 117 الصادر في 22 سبتمبر الفارط.
ملف الحقوق والحريات ليس فقط احترام حق التظاهر ضد سياسات الدولة والسلطة التنفيذية، كما يشير الرئيس قيس سعيد في عدة مناسبات بانه لم يمنع « مواطنا » من التظاهر والتعبير عن رايه وان كان اعتبر هؤلاء في وقت سابق متامرين او مخمورين وخونة وغيرها من الصفات التي نزعت عن معارضي الرئيس انسانيتهم. قبل ان يغير الخطاب منذ الخميس الفارط ويعلن ان تونس تتسع للجميع وان الخلافات تحسم بالعودة للشعب الذي يختار بين البرامج.
غير انه وبعيدا عن الخطاب او الصورة المسوقة من قبل السلطات التونسية التي تريد ان تبرز احترامها للحقوق والحريات، يظل الوضع متجها نحو الانحدار الكلي في هذا المجال، فالسياسات العمومية الراهنة في عدة ملفات تتعلق بالحقوق والحريات العامة والفردية، تكشف عن توجه محافظ يرفض المفاهيم التقدمية للحقوق
والحريات ويعتبرها نوعا ما من المؤامرات او القضايا الهامشية. اضافة الى ملاحقة المدنين امام المحاكم العسكرية وغلق الفضاءات العامة ومصادرة النقاشات المجتمعية وغيرها من اوجه التعسف على الحقوق والحرية دون ان نغفل عن تبويب مسألة الحريات والحقوق\ باستثناء الحقوق السياسية والاقتصادية\ على انها هوامش وفروع لا اهمية لها كما صدر عن الرئيس في عديد من المرات والخطابات، بل انه يذهب الى اعتماد اوصاف تحتقر خصومه « من قبيل المخمورين وكفاءات الخمارات » في فرض لقناعات خاصة بالرئيس على الجميع تسلب الاخرين حقهم في الاختلاف عن السائد او النمطي اضافة الى ان تونس ومنذ 25 جويلية رسخت مقاربة سياسوية وشعبوية في التعاطي مع قضايا الحقوق والحريات تحت شعار «الشعب يريد» أو الارادة الشعبية التي تقف حدودها عند تصور شكل نظام الحكم القادم لا تتقدم عنه انملة لتناقش الحريات والحقوق، ومنها ما اكتسب اثر الثورة. كحرية التعبير والاعلام وحرية الضمير.