فما جد في الأسبوع الماضي في شارع بورقيبة بإقدام شخص له خلفيات في التشدد و الإرهاب بإشهار سلاح أبيض على مشارف وزارة الدّاخلية بتونس العاصمة ، وإقدام شخص على التهجم على الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي وتهديده بالقتل وتهديد عائلته صبيحة يوم الأحد 28 نوفمبر 2021 قرب مقر سكناه ،بعد أن سبق لهذا الشخص أن هدد بذلك ،لا يمكن اعتباره مجرد صدفة ، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار لهجة تحدي السلطة الّتي بدأت تتسع رقعتها يوما بعد يوم. لهجة التحدي هذه تتواتر في تصريحات الغنوشي و أتباعه و مؤيديه و أصبحت تعلن بأن المجلس المجمد نشاطه عائد و هو دائم الحضور في الخارج بمن يمثلونه للتلميح بـأن هذا المجلس يحظى بالإعتراف و التأييد. و هو ما حدا بالنهضة إلى القول بأنه « بان جليا عجز الرئيس قيس سعيد بالرغم من جمعه لكل السلطات بيديه عن تقديم حلول لقضايا البلاد وإمعانه في خطابات التقسيم والاتهام والتهديد ...».
إذا أضفنا إلى هذا موجة احتجاجات المعطلين عن العمل و تهديداتهم و الصعوبات الاقتصادية و مستلزمات تحسين المقدرة الشرائية و إكراهات المفاوضات الاجتماعية و مخرجاتها ، و تواصل العجز والمشاكل في العديد من المؤسسات المنتجة و بعض مؤسسات الخدمات ،و مؤشرات عودة جائحة تفرعات كوفيد 19 الّتي ظهرت بوادرها في العديد من الدول ، فإن الصورة تصبح أكثر قتامة ، و يكون الخوف مشروعا .
لا نقطع خيط التفاؤل رغم كل هذا ، و لكننا نعيد التذكير بأن إيجاد الحلول لما تعانيه البلاد يقتضي تقديم المقترحات لفتح باب الحوار والنقاش حولها مع أصحاب العزائم الصادقة، و أن تجاوز المصاعب لا يتمّ بالتمني و بالتعبير عن حسن النوايا، و إنما لا فائدة تُرجى من الشعارات ما لما لم تكن مصحوبة بالفعل الجاد والعمل الكفيل بتغيير الأوضاع، لذلك سبق أن أكدنا أن الشعب يريد الملموس.
كما هذا يقتضي قطع حبل التردّد و الدخول في الإصلاحات الضرورية العاجلة لإنقاذ البلاد و هو ما يتطلب الإصغاء للأصوات الوطنية الّتي تستعرض المقترحات تلوى المقترحات و ذلك للدفع نحو وضع البرنامج العملي الجاد القابل للتطبيق ، لإنقاذ إقتصاد البلاد من التردّي و لإعادة السير العادي لدواليب الدولة و لمختلف هياكلها ، و كذلك الشروع في إنجاز الخطّة المزمع إتخاذها لتجاوز الأزمة أو على الأقل الإعلان عن فحواها .
و لا بد من القول مجدّدا في هذا المضمار أن الإنقاذ لا يتحقق إلا بالتشاور مع القوى الوطنية الحيّة للبلاد ، الّتي لا تحركها المصلحية الحزبية الضيقة ،و إنما يدفعها حبها للوطن و غيرتها على مستقبله ، كي تعمل و تجتهد ،لتتوصّل إلى صياغة الخطط العملية لتجاوز الأزمة الّتي تعيشها البلاد . هذا الأمر يتطلب العمل بسرعة على كل الجبهات ، لأن البطء والتأخير لا يخدمان البلاد ، ولا يــسّران مهام رئاسة الجمهورية، و لا يخدمان السير العادي لمؤسسات الدولة الّتي بدأ الخوف يتسلّل إلى الساهرين عليها ، ولا ييسّر مجابهة الصعوبات والمخاطر، بتشتيت المجهود المبذول للرقابة والتوقي . و الدّليل على ذلك أنه كلما زاد يوم انتظار برزت مواطن توتر جديدة ، ومحاولات زعزعة إستقرار البلاد و بث البلبلة فيها .و غني عن البيان ، أنه كلما زادت مواطن التوتر كلمّا تعقدت سبل الحل ، فيكثر اللّجوء إلى الارتجال و التسرع، وارتكاب الأخطاء الّتي قد يصعب تجاوزها و تخطّي عواقبها ..
في مناخ من المخاوف: لـم يعد هناك مجال للبطء و التردد
- بقلم المنجي الغريبي
- 10:18 30/11/2021
- 922 عدد المشاهدات
مؤشرات عديدة تدل على أن ما ينتظر تونس لا يبعث على الإطمئنان وهو ما يقتضي الحذر والتحسب مما قد يُهيأ لمستقبل تونس .