الوقت عن نتائج ومردودية السياسات العمومية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي...
ثم إن حكومة الحبيب الصيد كانت تراهن كثيرا على تحسن ولو طفيف في هذين المؤشرين (الناتج المحلي الإجمالي ونسبة البطالة) حتى تبين لمعارضيها، وهم كثّر، بأن جهودها بدأت تؤتي أكلها...
ولكن النتائج وإن لم تكن كارثية إلا أنها متواضعة جدا فالناتج المحلي الإجمالي لم يتطور إلا بنسبة 1 % في هذه الثلاثية الأولى لسنة 2016 مقارنة بنفس الفترة من السنة السابقة بينما بقيت نسبة البطالة تراوح مكانها دون تغيير في مستوى 15,4 % وهي من أرفع النسب منذ ثلاث سنوات...
وينبغي أن نقول بأن نسبة نمو الناتج كان البنك المركزي قد توقعها منذ ثلاثة أسابيع في نشريته الجديدة «التطورات النقدية والظرفية والآفاق على المدى المتوسط» حيث حصر نسبة النمو ما بين 0,9 % و1,1 % وهكذا كان توقعه مطابقا تماما لأرقام المعهد الوطني للإحصاء بينما كان بعض أعضاء الحكومة خلال الأسبوع الفارط يتوقعون أن تقارب نسبة النمو 1,5 %...
كيف يمكن أن نقرأ هذا الرقم؟ وهل يُعدّ بداية جيدة لتحقيق أهداف الحكومة لسنة 2016 أم بداية متعثرة تنبىء بسنة صعبة جديدة؟
لقد راهنت الحكومة في قانون المالية لسنة 2016 على تحقيق 2,5 % كنسبة نمو لهذه السنة ثم راجعتها منذ حوالي الشهر في الوثيقة الإجمالية الأولية للمخطط الخماسي وخفضتها إلى مستوى 2 % وهذا يعني أنه لتحقيق هذا الرقم الجديد، 2 %، وأخذا بعين الاعتبار الـــ 1 % للثلاثي الأول فينبغي علينا تحقيق حوالي 2,3 % كمعدل عام للثلاثيات الثلاث القادمة...
والسؤال هو هل يمكن تحقيق قفزة هامة من 1 % إلى 2,3 % في ظرف ثلاثي واحد؟...
القفزة، مبدئيا، ليست مستحيلة خاصة وان نتائج الثلاثيات الثلاث الأخيرة لسنة 2015 كانت كارثية، فتحسينها وارد جدا ولكن الإشكال هو أننا أصبحنا في حالة نمو هشّ شبه هيكلية وأن تحقيق نسبة 2 %، وهي نسبة متواضعة جدا تبدو وكأنها تحدٍّ ضخم وهذا ما يفسّر إقدام البنك العالمي على تخفيض نسبة نمونا العامة إلى 1,8 % في حين اعتبر البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير أن تونس لن تحقق إلا 1,6 % سنة 2016..
قد يكون من السابق لأوانه توقع دقيق لنسبة نمونا هذه السنة لكن هذه المعطيات الأولية تفيد بأن الهدف المعدل للحكومة (2 %) أضحى بدوره ومنذ الآن هدفا صعب المنال...
هذا النمو الضعيف لآلتنا الإنتاجية نتج عنه بطبيعة الحال عدم القدرة على الحد من تفاقم البطالة التي بقيت في نفس النسبة بــ 15,4 % وقد بلغ عدد العاطلين عن العمل 622,7 ألف من مجموع السكان النشيطين وذلك رغم التراجع الطفيف لنسبة العاطلين عن العمل من أصحاب الشهادات العليا من 31,2 % إلى 31,0 % ولكن الواضح أنه لا حلّ جدي لمقاومة آفة البطالة بمثل هذا النمو الهش الذي لم نتمكن من الخروج منه بعد أكثر من 5 سنوات بعد الثورة...
بداية متواضعة في سنة 2016 ويبقى إنجاز الأفضل ممكنا على كل حال..