في البلاد ولكن الموضوع الأساسي تعلق بالتعيينات الأخيرة في ديوان هشام المشيشي لمستشارين كانوا من رجالات بن علي كتوفيق بكار والمنجي صفرة وغيرهما .. وقال رئيس الدولة بلهجة حادة وقاطعة انه لا يمكن أن يقبل بدخول من أجرموا في حق الدولة ومن لديهم ملفات قضائية مفتوحة ومن أطردهم الشعب في الثورة أن يتسللوا إلى الحكم من جديد وتوجه إلى رئيس الحكومة وذكره أنه كان في لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد للمرحوم عبد الفتاح عمر وانه يعلم بصفته تلك حجم الاختلاسات التي أقدم عليها هؤلاء دوما وفق تعبير رئيس الجمهورية وانه يعول على وعيه الوطني لكي لا يسمح بهذا.
وأضاف رئيس الدولة انه يعرف بالاسم من يقف وراء سعي من أطرد من الحكم إلى العودة إليه عبر المؤامرات والتي أنقذت هؤلاء من أحكام قضائية باتّة وربط دون توضيح المقصود بالزيادات في سلك الولاة وبحصانة القضاة بما يفيد أن بعض الولاة والقضاة هم أدوات لهذه المؤامرات التي تعد لعودة الحرس القديم إلى مواقع السلطة والنفوذ.
ولقد قصد رئيس الدولة أن يقول كل هذا مشافهة لرئيس الحكومة وأن يُشهد عليه كل التونسيين بما يجعل هشام المشيشي في وضع لا يحسد عليه بالمرّة وبما يضيّق عليه إلى الأقصى هامش المناورة السياسية المتاحة أمامه .
لا يملك اليوم هشام المشيشي الا ثلاثة حلول:
• إصدار التعيينات التي قررها بالرائد الرسمي وأن يدافع عنها وأن يعلن بذلك عن القطيعة النهائية مع قرطاج وأن يستعد لحالة من التوتر الدائمة والمستمرة التي قد تستنزفه بسرعة أو ترمي به نهائيا في أحضان النهضة وحلفائها مكررا سيناريو يوسف الشاهد والمرحوم الباجي القائد السبسي ولكن بشكل أعنف واخطر على البلاد بكثير ..
• إلغاء هذه التعيينات وهكذا يعلن نهايته كرئيس للحكومة وتدشين عهد ما دون الوزير الأول .. وهو عهد لا يمكن له على كل حال أن يستمر لو أراد هشام المشيشي المحافظة على الحدّ الأدنى من هيبة الموقع الذي يحتله اليوم.
• الاستقالة نظرا لعدم قدرته على فرض الفضاء المعقول لصلاحيات رئيس الحكومة لا في تعيين الوزراء ولا حتى في تعيين مستشارين وذلك بغض النظر عن الحكم عن مضمون هذه التعيينات .
لقد سبق أن قلنا أن من يعتقد في سحب البساط من الرئيس قيس سعيد بمجرد إيجاد أغلبية برلمانية لهشام المشيشي إنما هو واهم لان رئيس الدولة المنتخب ورغم محدودية صلاحياته الفعلية إلا انه يملك أسلحة فتاكة من بينها سلطة الكلمة والقدرة على محاصرة خصومه وعزلهم شعبيا .
لو لن يعمد رئيس الحكومة إلى «التمرد» كلية على قرطاج يكون قيس سعيد قد سجل يوم أمس انتصارا ساحقا على كل خصومه ووضع رئيس الحكومة في موقع هش إلى ابعد الحدود ..فهو لم يرد فقط تعطيل هذه التعيينات بل « فضح» الواقفين وراءها والقابلين بها على حدّ سواء ..
من كان ينشد الاستقرار الحكومي عليه أن يبحث عن بلد آخر ومن كان يريد عزل قيس سعيد عليه أن ينتظر الانتخابات القادمة .. ومن كان يحلم بالخروج من «عنق الزجاجة» عليه أن يركن من الآن إلى سبات عميق.