دولة قوية وعادلة وبرمجيات جديدة و«حتى حد ما على رأسو ريشة» ولكن عندما تحول رئيس الحكومة الياس الفخفاخ من مُتّهِم للآخرين إلى وضعية ما قبل المُتهَم تحول عنده كل شيء فلم تعد الدولة قوية ولا عادلة ولكن دولة لتصفية الحسابات ولإرضاء نرجسية جريحة فطفق يعزل ويعين يمينا وشمالا وصولا إلى إعفاء رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لأنه «تجرأ» في ملف شبهة تضارب المصالح فكان لابد من تأديبه ومن الإيحاء بأنه كذلك قد يكون مورطا في ملفات فساد وذلك هو المغزى الوحيد لتعيين مهمة رقابية للهيئة ..
ماذا يريد الياس الفخفاخ أن يقول لعموم التونسيين ؟
انه بالإمكان تسخير الدولة لتصفية حسابات شخصية ؟
فلم إذن الثورة على نظام الظلم والمحسوبية؟
ما الفرق – في الجوهر- بين مستبد ينكل بمعارضيه بمختلف وسائل الدولة الرقابية والإدارية والمالية والردعية وبين محاولة التشفي من رئيس هيئة مكافحة الفساد العميد شوقي طبيب ؟ !
قرار إعفاء شوقي طبيب تم اتخاذه أثناء مجلس وزراي يوم أمس، ترى هل اعترض وزراء الأحزاب على هذا القرار ؟ ونقصد هنا بالأساس وزراء التيار والشعب وتحيا تونس ونداء تونس والبديل .. أم أنهم قالوا سمعا وطاعة ؟ أم أنهم مقتنعون بأن هنالك شبهات تحوم حول شوقي طبيب ؟
لو كان هؤلاء الوزراء مقتنعين بالفرضية الأخيرة فلم صمتوا وصمتت أحزابهم إلى حدّ اليوم؟
أم أنهم تصرفوا وكأنما قرارات المجلس الوزاري لا تعنيهم وهي شان داخلي لرئيس الحكومة فبئس الحوكمة وبئس المسؤولية السياسية ..
دولة قوية وعادلة .. قد تكون قوية ضد خصومها وقد تتصرف كالطفل المدلل عندما تفتك منه لعبته .. أما عادلة فلا ..
دولة نغّارة وقيادات حزبية غاضبة لانها ستترك وزاراتها ، فلتدفع هيئة مكافحة الفساد الثمن وليذهب العدل إلى الجحيم ..
فعلا العهود والالتزامات لا تلزم إلا من كان ساذجا ليصدقها .