لنيل ثقة مجلس نواب الشعب والسؤال الجدي هنا هو ماذا يمكننا أن ننتظر من هذا الإعلان ؟
وهل أن التشكيلة الوزارية المقترحة ستكون متماهية مع المبدإ العام الذي أعلنه هشام المشيشي أم لا ؟ أي هل سنكون فعلا أمام كفاءات مستقلة تماما أم أمام فريق تلعب فيه توازنات جديدة دورا أساسيا في تركيبته.
بداية لا ينبغي أن ننتظر معجزة أي إعلانا يسكت كل الأفواه أي أننا لن نكون أمام كفاءات يقر لها الجميع بكفاءتها وباستقلاليتها التامة وذلك لسبب بسيط يتمثل في استحالة توفر شروط الكفاءة العليا مع الاستقلالية التامة مع القبول بالعمل في الحكومة لا فقط في الفريق ككل بل وأيضا في كل وزير (ة) على حدة .
الأغلب على الظّن أننا سنجد أنفسنا أمام قائمة من الأسماء جلّها مجهول لدى الرأي العام باعتبار أن الإدارة التونسية ستكون هي الخزان الأساسي لحكومة المشيشي ثم سيحصل ولاشك جدل حول «الاستقلالية التامة» لبعض أعضاء الفريق بحكم اشتغالهم – ضرورة – مع كل الحكومات السابقة .
لن نكون أمام «فريق الأحلام» تلك هي الحقيقة الأولى التي ينبغي الانطلاق منها وهذا ليس خاصا بهشام المشيشي أو بفلسفته في اختيار أعضاء فريقه الحكومي ، انه واقع تونس اليوم والمتمثل في استحالة تحقيق إجماع إيجابي حول أي كان ..
بعد ذلك وفي صورة اجتياز حكومة المشيشي امتحان منح الثقة بنجاح، هل سينكون أمام حكومة المشيشي «بالفم والملا» أم أمام حكومة الرئيس ؟ وماهو حجم التوازنات والاختيارات الرئاسية في الفريق القادم والتي لا يشك أحد أنها ستتجاوز المفروض دستوريا (الدفاع والخارجية) بكثير .
ولعل الأهم يكمن في نوعية السياسات أكثر منه في طريقة اختيار الوزراء ، أي هل ستنكب الحكومة القادمة على المهام الإنقاذية العاجلة أم ستسعى للاستجابة لرغبات وتصورات رئيس الجمهورية بإعطاء الأولوية للمشاريع التي يراها أساسية اليوم للبلاد ؟ !
ستتسلم حكومة المشيشي مقاليد الحكم في وضع غير مسبوق اقتصاديا واجتماعيا وصحيا: انكماش تاريخي للاقتصاد قد يقارب الرقمين على امتداد كامل هذه السنة وبطالة إضافية قد تجاوزت في هذا السداسي الأول 110.000 طالب جديد للشغل مع عودة قوية لجائحة الكورونا وسط وضع اقليمي غير مستقر على حدودنا الشرقية إضافة إلى كم المطالب التي ستنهال على هذه الحكومة منذ الأيام الأولى لعملها وكل ذلك تحت أنظار أحزاب وكتل برلمانية ستعمل جميعها بشعار: اذهب آنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون.. مع عودة للاستقطاب الحاد داخل البرلمان من جهة وبين حركة النهضة وحلفائها مع رئيس الجمهورية ومشروعه السياسي المبهم إلى حدّ الآن من جهة أخرى .. كل هذا يترك مساحة سياسية ضيقة للمشيشي لفرض أسلوبه ونسق عمله على كل هؤلاء الفاعلين السياسيين والاجتماعيين
ويبقى السؤال الأهم : هل يمكن لحكومة المشيشي وأيا كانت تركيبتها ، أن تستمر لبقية العهدة النيابية ، أي لأربع سنوات كاملة؟ الجواب لا يملكه احد ولكن سيكون لهشام المشيشي الدور الأبرز فيه .
إذ بقدر ما تستجيب هذه الحكومة للمهام الإنقاذية دون تورط في انحراف دستوري ، أي دون أن تتحول إلى آلية سياسية لاستدراج السلطة إلى نظام رئاسي غير معلن ، بقدر ما تكون لها فرص البقاء خاصة إذا ما استطاعت أن تراكم الانجاز ..أما لو كانت عنصرا في إستراتيجية تتجاوزها فأشهرها ستكون حتما معدودة ..
نقول كل هذا ونحن ندرك أن حكومة كفاءات مستقلة تماما هي الخيار الأوحد الآن وهنا ، ولكننا نعلم أيضا أن جهنم معبدة بالنوايا الطيبة ..
الكرة الآن في ملعب المشيشي ، شرط أن يكون للمشيشي ملعب بطبيعة الحال .
ماذا يمكن أن ننتظر من حكومة المشيشي ؟
- بقلم زياد كريشان
- 08:32 21/08/2020
- 2009 عدد المشاهدات
ساعات (أو أيام) قليلة تفصلنا عن إعلان المكلف بتشكيل الحكومة هشام المشيشي عن الفريق الحكومي الذي اختاره