ولشركائها المفترضين في نسج خيوط اتفاق ممكن خاصة حول رئيس الحكومة المكلف والذي لا يجب أن يتأخر تكليفه بعد يوم الجمعة 15 نوفمبر الجاري ..
ولكن بعيدا عن ساحة المناورات الحزبية وتكتيكات التفاوض الملتوية لنر إلى مسألة تشكيل الحكومة القادمة من زاوية نظر انتظارات التونسيين ..فماذا يريد التونسيون من حكومتهم القادمة ؟
لو طرحنا السؤال مباشرة على جموع التونسيين لقالوا بأن انتظاراتهم تتعلق بتحسين القدرة الشرائية ومقاومة غلاء الأسعار والبطالة وبسط الأمن وتحسين المرافق العمومية ومقاومة الفساد والرشوة وتحسين جودة الحياة ،وهي في الحقيقة تكاد تكون مطالب كونية تتقاسمها جل شعوب العالم رغم اختلافات درجات نموها ورفاهيتها وتنوع ثقافاتها .
ولكن التونسيين ليسوا اقل ذكاء من بقية شعوب العالم فهم يعلمون أن تحسينا ملحوظا لحياتهم اقتصاديا ولمحيط عيشهم لا يمكن أن يقع بين عشية وضحاها وانه يتطلب عملا وتخطيطا وتصميما من قبل الحكام وتناغما وثقة متبادلة في حدودها الدنيا بين سائر قوى المجتمع والسلط الحاكمة .
إذن لابد أن تكون البداية من لغة الصدق ومن التشخيص الدقيق ومن رسم أهداف قابلة للتحقق ومن فريق متضامن ومتكون من كفاءات عالية لديها القدرة على القيادة والانجاز والتخطيط في الآجال القريبة العاجلة والمتوسطة والبعيدة ..
في الحقيقة ودون أن يقول ذلك احد من التونسيين بصفة تلقائية عند سؤاله، ولكن هذه هي الانتظارات الفعلية للتونسيين باعتبارها الممهدات الحقيقية للنجاح : قول صادق وأفق للتغيير وكفاءة عالية ومتفانية وفوق كل الشكوك لتحقيقه ..
يخطئ السياسيون لو اعتقدوا بأن مشاكل التونسيين هي من يكون على رئاسة الحكومة : شخصية نهضوية او توافقية ومن سيشغل وزارات السيادة وبقية الوزارات التقنية ..
مشكلة التونسيين اليوم هي في اقتناعهم بوجود حكومة بالمواصفات التي ذكرنا وذلك أيا كان اللون السياسي من عدمه لرئيسها ولأهم وزاراتها ..
حكومة كفؤة وقادرة على الفعل تشتغل صباحا مساء لفائدة الشعب ..
والإشكال دوما ليس في حقيقة هذه المواصفات وانطباقها من عدمه على الحكومة القادمة،الإشكال دوما هو في اقتناع جل التونسيين أن صاحب (ة) القصبة الجديد(ة) وفريقه قادرون على إحداث هذا التغيير المنشود .
فهل يتطابق هذا الانتظار العميق للتونسيين، حتى وإن لم يكن معلنا بمثل هذا الوضوح، مع ما يحتدم اليوم على سطح الأحداث السياسية والمتعلقة بمشاورات وكواليس المفاوضات بين مختلف الأحزاب والمجموعات السياسية ؟
لا وجود لحياة سياسية في أية ديمقراطية دون هذه المفاوضات والمناورات واللكمات فوق «السنتورة» وتحتها أيضا، ولكن في الديمقراطيات الجدية لا يكون كل هذا على حساب انتظارات الناس واستحقاقات البلاد..
اليوم لا يبدو أن هنالك الوعي الكافي بالوضعية الاقتصادية الحرجة لتونس وبالتوتر الحاصل على جل المؤشرات الأساسية للاقتصاد الوطني من نمو ومديونية وخدمة الدين وعجز تجاري وعجز جار وتضخم وبطالة وسعر الصرف الخ بالإضافة إلى الهشاشات الهيكلية لجل قطاعاتنا الإنتاجية، وان هذه الوضعية تستوجب فورا التفكير في حكومة قادرة على الحكم وعلى إنفاذ القانون وبسط سلطانه على الجميع ولديها القدرة التفاوضية المثلى داخليا وخارجيا لقيادة سفينة تونس وسط هذه الأمواج العاتية ..
أسبوع واحد تقريبا يفصلنا عن موعد تكليف شخصية برئاسة الحكومة وهنا سنعلم هل اهتدت النهضة أولا والأحزاب التي قد تتحالف معها ثانيا إلى الشخصية القادرة على طمأنة أولية للتونسيين أم أن حليمة ستعود مرة أخرى إلى عادتها القديمة..