المسؤوليات ضمن هيئته السياسية اثر مؤتمره الانتخابي الأول ..
المفاجأة الأولى والأبرز هي السقوط المدوي لحافظ قائد السبسي نجل رئيس الجمهورية الذي وجد نفسه في وضع اقلي رغم اعتقاده بأن كل خصومه قد أخرجوا أو أطردوا من حزب أبيه، فإذا به يجد أبرز مسانديه سابقا يتحالفون ضده اليوم ليجعلوه دون سلطة تذكر بعد أن كان الحاكم بأمره لمدة تفوق ثلاث سنوات..
يبدو أن مشروع «التوريث الديمقراطي» الذي يحلم به نجل الرئيس وبعض الملتفين حوله لم يعد يستهوي أحدا داخل حزبه بعد أن اتضح رفض عامة التونسيين له..
ولكن السؤال الأهم هل يعني تهميش دور حافظ قائد السبسي نهاية لتأثير الرئيس المؤسس أم هو نوع من التوافق الاضطراري بين صاحب قرطاج ومناهضي النجل داخل الحزب ؟
المعطيات المتوفرة لدينا تفيد بأن تهميش وضع حافظ قائد السبسي في النداء تم دون إعلام مسبق لرئيس الدولة والذي بذل جهدا كبيرا أثناء أشغال المؤتمر لكي لا يخرج نجله كلية من هياكل الحزب ولكي يضمن له حضورا داخل الهيئة السياسية ولِمَ لا مسؤولية ما ولكن يبدو أن التيار الغالب داخل المؤتمر حتى وإن أبدى احتراما يقترب من التقديس للباجي قائد السبسي إلا أنه مصر على إقصاء حافظ من الواجهة الأمامية للنداء ..
كيف نفسر هذه المفارقة ؟ الجواب يبدو سهلا إلى حد ما.. لم يعد أحد، تقريبا، يراهن على المستقبل السياسي للباجي قائد السبسي بما يجعل الانضباط لتوجهاته مسألة نسبية للغاية حتى عند أكثر الندائيين إخلاصا له ..
ولكن هذا الاحترام الذي يحظى به الأب المؤسس لم ينعكس مطلقا على النجل بل أصبح ، حتى داخل النداء نفسه، عائقا أمام استرجاع الحد الأدنى من ثقة الندائيين ..
هل يعني هذا أن النداء الحالي قد طوى والى الأبد صفحة الرئيس المؤسس ؟
الأقرب للحقيقة هو القول بأننا في مرحلة انتقالية أين تأكد فيها الخروج النهائي من قميص الابن وبداية الخروج من جلباب الأب والنظر إلى المستقبل بغير نظارات الباجي قائد السبسي ولكن هل من عناصر حياة لحزب النداء بعد الباجي قائد السبسي ؟
سؤال يبدو أنه كان في محور اهتمام كل من خطط ونفذ لخطة تهميش حافظ قائد السبسي في النداء، إذ لا معنى للقيام بهذه العملية والتي عجز عن فعلها كل المناوئين السابقين «لمولى الباتنيدة» دون التفكير في مستقبل النداء وقياداته ومناضليه اليوم وغدا ..
مهما قلنا عن النداء الحالي فلا مناص من الاعتراف بأنه يملك آلة انتخابية رغم تراجع فاعليتها، وهذه الآلة قادرة على الصمود وعلى منع الحزب من الانهيار ولكن أحد عناصر قوة هذه الآلة هو اعتمادها على رئيس الدولة أي أن الخروج عن جلبابه قد يعرض النداء لنزيف كبير لأنه لا يملك اليوم قيادة فردية أو جماعية قادرة على ملء الفراغ الذي سيتركه الباجي قائد السبسي حتى لو عمد النداء إلى الاستنجاد به دوما كرمز تماما كما فعل النداء في 2012 مع بورقيبة ولكن الرمز دون قيادة فعلية وميدانية لا يمكن له أن يحشد الأنصار أي أن الأغلبية الحالية للنداء مدركة ولاشك أنها بحاجة إلى زعيم يؤمن لها الديمومة..
نداء تونس، لو تأكد التهميش النهائي لحافظ قائد السبسي، سيدخل مرحلة انتقالية جديدة أول تحدياتها هي مدى التقبل الحزبي والوطني للقيادات الجديدة ومعرفة التموقع السياسي الجديد للحزب بعد مؤتمره.
بعبارة أخرى هل سيبقى النداء في صيغته الجديدة معارضا للحكومة ام سيتحول من المعارضة التي وضعه فيها حافظ قائد السبسي والملتفين حوله إلى نوع من المساندة النقدية لاسيما وان مؤتمر النداء قد استجاب لطلب رئيس الدولة ورفع التجميد عن رئيس الحكومة ؟
يبدو أن إزاحة النجل من المواقع القيادية سيفتح الباب امام إمكانات جديدة كالاقتراب من أحزاب أخرى وبالأساس «تحيا تونس» والمرجح أن النداء سيبحث عن تحصين نفسه في تحالف اوسع منه دون اشتراط الدوران حول فلكه .. والسؤال هنا هل سيقبل النداء بتحالف لا يقوده هو وبأن يزكي مرشحا للرئاسية لا ينحدر من صفوفه الحالية ؟
نداء الباجي قائد السبسي قد انتهى ولو مع تأجيل التنفيذ..
نداء ما بعد الباجي بصدد تلمس طريقه في وضع جديد فيه سحب مدلهمة والرؤية فيه - إلى حد الآن – لا تتجاوز الميل الواحد ..
النداء ما بعد الباجي قائد السبسي ؟ !
- بقلم زياد كريشان
- 13:50 11/04/2019
- 2339 عدد المشاهدات
تحولات بالجملة يشهدها الحزب الفائز بالانتخابات في 2014 ، والذي ينتظر توزيع