في التهيكل قبل استحقاقات 2019 نحو تنظيم التشتّت ؟

مؤتمران منتظران في نهاية الأسبوع الأول من شهر أفريل المقبل ، الأول لحزب نداء تونس و الثاني لمشروع حركة

«تحيا تونس» المعلن عن نية بعثها و عن مؤتمرها قبل ثبوت ولادتها قانونا.

إذا ثبت الموعد بالنسبة لنداء تونس فإن أتباع الحزب و مناضليه سيقفون على قدرات حزبهم على التموقع في مختلف الجهات وعلى الحسم في موضوع القيادة الّتي كانت من أسباب الإنقسامات الّذي شهدها الحزب الأغلبي في انتخابات 2014 ،و من ذلك ستتراءى ملامح إحدى القوى السياسية الّتي تتهيأ للمنافسة على مقاعد مجلس نواب الشعب.

و الحديث عن هذا الموعد ،كان بناء على ما تمّ التصريح به،و لكن الكثير من المعطيات تؤّكد وجود صعوبات جدية في لمّ الشتات و الدليل على ذلك التمديد في فترة توزيع الانخراطات وإجراءات إنتخاب الهياكل المحلية والجهوية وظهور و الحسم في خيارات التجميع والانفتاح الّذي ينادي بها بعض مناضلي الحزب.

دون أن ننسى أن العديد من المتخوّفين على مستقبل الحياة السياسية في تونس لا يزالون يأملون في ظهور مبادرة إنقاذ تجميعية يمكن أن ينصهر فيها عدد من الأحزاب و هو ما قد يعطي مبرّرا للندائيين لإلغاء المؤتمر إذا إنخرط في هذا المسار.

أما المؤتمر الثاني الّذي يخص مشروع «تحيا تونس» فإنه إذا تجاوز مرحلة التأسيس دون إشكاليات فإنّه سيكون في سباق مع الزمن لإثبات ذاته قاعديا و سيكون في مواجهة عدّة جبهات في وقت واحد ، خاصّة و أن مؤسّسيه لا يعرفون إلى اليوم حقيقة مناورات حزب النهضة ، و المخرجات الّتي سيعتمدها لخوض التشريعية والرئاسية .

وعندما نتحدّث عن اشكاليات التأسيس فإننا لا نقصد مسألة تسمية الحركة ، أو التنصيص على برنامجها و شعارها فقط ، بل نعني مقتضيات تقديم ملف التأسيس باسم رئيس الحكومة لمصالح وزارته ،و سيكون الشاهد إذا كان ينوي قيادة هذا الحزب أو ضمن هيكله القيادي ،أمام تضارب للمصالح ، خاصّة إذا حصلت منازعات جدية بخصوص هذا التنظيم الجديد، الّذي عقد العديد من الإجتماعات دون أن يكون حزبا في طور التأسيس ، لكن تصرّف من مركز ماسك للسلطة ، يإعتبار أن منح التراخيص لعقد اجتماعات عامّة غير متاحة قانونا إلاّ للهياكل المتكوّنة قانونا أو الّتي هي في طور التكوين (أي قدّمت ملفا للمصالح المعنية). و فضلا عن ذلك فإن الشاهد لا يزال منخرطا إلى اليوم بحزب نداء تونس و هو مطالب بالإستقالة من هذا الحزب بإعتبار أن القانون لا يجيز الانخراط في أكثر من حزب سياسي. ولو أنه يمكن تجاوز هذه الشكلية بمجرد تقديم الإستقالة ، فإن ذلك يعطي فكرة على التسرّع الّذي يرافق تشكيل هذا الكيان الجديد الّذي لا تزال بعض أطرافه غير مستقرّة.

هذا المشهد الّذي يتابعه التونسيون قبل مدّة قصيرة من استحقاقات 2019 ، يعطي صورة غير مطمئنة على مستقبل المناخ السياسي في الأشهر القادمة ،لأن حالة تشتت ما تبقى من النخب السياسية المتبنية تقريبا لنفس التصورات ، تعيد المخاوف للطامحين للإستقرار و المتطلّعين لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الّتي تعيشها و تثبيت الديمقراطية الناشئة .

نفس هذه المخاوف كانت وراء نجاح حزب نداء تونس في تحقيق التوازن و هي مخاوف من «غول» حزب النهضة و أتباعه ،الّذين إستغلوا سوء التنظم في المعارضة «المشتتة» ليلهفوا أول نجاح في الإنتخابات بتشكيل حكومة الترويكا، و ليبادروا بالعمل بكل الطرق على تفكيك كل منظومة لا تساير مشروعهم المجتمعي.

و لكن إن تبدّدت المخاوف بإلتفاف قوى متعدّدة حول النداء و رموزه سنة 2014 فإن خوض الاستحقاقات المنتظرة ،إذا تواصل الحال على ما عليه ، سيكون بقوى أكثر تشتتا، وبمشاركة أقل وهجا و حماسا ، و هذا ما يجعل القوى الديمقراطية والتقدمية ،أكثر توجسا وخوفا ، بالرغم من ان تونس بلد صغير ومحدود الموارد ، و يفترض كما سبق أن أكدنا على ذلك ، أن تكون الخيارات الّتي تحكم البلاد محدودة و سهلة التشكّل و ناجعة . فهل يعود الوعي بمقتضيات المرحلة المقبلة ؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115