سنكون إزاء «ترويكا» جديدة تتكون مما يمكن أن نسميه بحزب الشاهد قبل ميلاده والنهضة ومشروع تونس ولهذا الثالوث لوحده اليوم حوالي 120 نائبا أي الأغلبية المطلقة في مجلس نواب الشعب ولكنها أغلبية هشة من حيث العدد على الأقل إذ تكفي بعض الغيابات هنا وهناك لتنزل هذه الترويكا دون الأغلبية العددية كما أن لا شيء يضمن توافق هذه الأغلبية على كل شيء ..
المهم إذن هو أن البعد السياسي الأساسي للتحوير الوزاري المرتقب هو اعتماده على هذا الثالوث الجديد بما يفيد بأنه لن يبقى من وزراء النداء في حكومة الشاهد 3 إلا من كان ولاؤه للقصبة لا للبحيرة (المقر المركزي لنداء تونس).
ولكن مع هذا الحزام السياسي الجديد لحكومة الشاهد في تركيبتها الثالثة سيتركز الاهتمام أيضا على المغادرين من هم وعلى الوافدين الجدد من سيكونون ..
يقال لنا منذ أشهر بأن رئيس الحكومة بصدد تقييم عمل وزرائه وأن التحوير الوزاري سيأخذ هذا التقييم مأخذ الجد ولكن هنالك تخوفات جدية بألا يكون مردود الوزراء هو العنصر الأساسي في البقاء أو المغادرة فحسابات المحاصصة الجديدة والولاء – من عدمه – لرئيس الحكومة وضرورة أن يكون هذا التغيير محدود العدد كذلك ، كل هذا سيجبر رئيس الحكومة على جملة من الاختيارات والتحكيمات لن تكون الكفاءة هي معيارها الأساسي..
كيف سيتصرف رئيس الحكومة مع وزراء حركة النهضة وبعضهم اثبت غيابا كليا للكفاءة ؟ هل بإمكانه إبعادهم دون الرجوع إلى القيادة النهضوية ؟ لا احد يعتقد ذلك بل الأرجح أن يحتفظ بجل وزراء النهضة هذا إن لم يطعمهم بآخرين وقد يكون مجال تصرف يوسف الشاهد الوحيد هو تغيير الحقيبة لمن كان أداؤه ضعيفا بإجماع كل المراقبين ولكن من فشل في وزارة ما هل سينجح في أخرى ؟ فالفشل ليس تقنيا ولا يتعلق بالجهل بطبيعة قطاع ما بل الفشل مرتبط بالقدرة على الإصلاح والتحسين وذلك أيا كان القطاع المعني ، فهل نجازي الوزير الفاشل بتحويله من مسؤولية إلى أخرى ، وما ذنب القطاع الجديد الذي سنعين عليه وزيرا يشهد الجميع بفشله ؟
نفس هذه الإشكالية ستطرح بالنسبة لوزراء النداء الحاليين فبقاؤهم من عدمه في حكومة الشاهد سيرتهن بالأساس بطبيعة ولائهم للحزب أم لرئيس الحكومة ؟ وواضح أن الكفاءة لا دخل لها في الحسابات وانه قد يصعب على صاحب القصبة الاستغناء عن وزراء موالين له فذلك سيكون رسالة سيئة للبقية تفيد بأن الولاء ليوسف الشاهد لا يجلب منفعة ولا يدفع ضرّا ..
وتبقى مجموعة الوزراء المقربين من رئيس الحكومة ، ماذا سيكون مصيرهم وخاصة مصير من اخفق منهم بوضوح على رأس وزارته ولكنهم دعموه وساندوه زمن الشدة ؟ ! هل سيستغني عنهم أم نشهد كذلك تحويرا في المواقع فقط ليس إلا ؟ !
أكيد أن بعض الوزراء سيغادرون حكومة الشاهد 2 لكي يتركوا حقائب لبعض الوافدين الجدد في إطار التوازنات السياسية الجديدة لحكومة الشاهد 3 ولكن الخشية الكبرى أن نكون بالأساس أمام لعبة الكراسي الموسيقية: تغييرات كثيرة في المواقع والمهام وخروج البعض ولكن دون ضخ فعلي لدماء جديدة ذات قيمة تغير من الصورة الإجمالية للحكومة .
نعلم جميعا أن اللجوء للتحوير الوزاري ليس المقصود الأساسي منه الترفيع النوعي في أداء الحكومة بل ربح معركة الشرعية في الخصومة القائمة بين رأسي السلطة التنفيذية ولكن لو طغت هذه الاعتبارات بصفة كلية على الحكومة الجديدة و كان المبدأ الأساسي هو لعبة الكراسي الموسيقية فحينها نكون أمام تواصل لنفس المشاكل الهيكلية حتى لو أمّنا مرور التشكيلة الحكومية الجديدة ..
ما تفترضه الحسابات السياسوية هو الحصول على تزكية مجلس نواب الشعب ولكن ما يطلبه التونسيون هو الترفيع النوعي في كفاءة هذه الحكومة..
والكرة الآن ، بكل معاني الكلمة ، في ملعب صاحب القصبة فإما الانتصار للسياسوية أو الانتصار للكفاءة .