لسنة 2019 ، لذلك «ستفرش» كل الأحزاب السياسية المعوّلة على تدعيم موقعها في الخارطة السياسية أو إفتكاك موقع جديد أوراقها شيئا فشيئا. و لكن لن تكون الأحزاب السياسية لوحدها محل متابعة ، بل أن ما سيكون محط الأنظار ، تداعيات نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة الّتي سجّلت صعودا ملفتا لـ «التيار المستقل» على حساب الأحزاب التقليدية بما فيها حزبي الأغلبية .
هذا التيار برز إلى حد الآن في شكل مجموعات منفردة، استطاعت أن تكسب ثقة الناخبين على المستوى المحلي، و لكنّها لم تتمكّن من استغلال نتائجها لترجمة تفوّقها في مركز القيادة لعدم خبرتها في فنيات التحالف و لغياب التنسيق كما يجب فيما بينها. و لكن لن يقلّل هذا من شأنها، بل سيجعل الأحزاب السياسية تعمل على كسبها ، خاّصة إذا توصّلت إلى تحقيق نتائج إيجابية في العمل البلدي الّذي تديره.
ولا شك أن ورقة المساواة في الإرث و لو بترك باب الإختيار للمورّث ، سيكون لها دور في الفرز، لذلك ستشهد السنة السياسية عدّة مناورات لتجنب التورط في موقف لا يرضي قاعدة انتخابية واسعة.
نفس الورقة ستكون رافدا لإعادة تشكّل الكتل الانتخابية في مجلس نواب الشعب ، بهدف تمرير المشروع الّذي سيعرض عليه ، و هو ما قد يساهم في رتق التصدّعات في نداء تونس و يُتيح إمكانية إعادة تشكل جبهة واسعة تضم التيّارات العلمانية و الحداثية ، خاصّة إذا لحقت هذه الورقة أوراق أخرى مستمدّة من تقرير لجنة الحريات والمساواة.
في المقابل ، ستزداد «فزّاعة» التمسك بتعاليم الشريعة ،حدّة و قد يؤدي ذلك إلى خلق تيّارين في حركة النهضة ، تُقسّم بينهما الأدوار ، وطرق التعبير عن الرفض. و يتابع الرأي العام ردود الفعل المتشنجّة الّتي تراوح بين «التكفير» والاتهام بالتوظيف السياسي أو بتقسيم المجتمع .لذلك تبقى الخشية من الانفلات واردة ، خاّصة إذا فشلت هياكل حزب النهضة في إحتواء تململ جانب من قيادته و قواعده .
هذه الهوامش السياسية لن تتمّكن من تغييب المصاعب الاقتصادية الّتي تعيشها البلاد و ازدياد حدّتها خاّصة إذا فشلت حكومة الشاهد في إدارة الأزمة ،و في تجنب توتر اجتماعي، وفي الحد من التحركات و المساعي المتمسّكة بتغييره، أو لتعطيل محولات تغيير الأوضاع. دون أن ننسى تبعات الأزمة السياسية و الخيارات المطروحة على رئيس الحكومة و الحلول المتوفّرة له إذا كانت له طموحات سياسية في كرسي الرئاسة.
كل الخيارات تبدو صعبة لمستقبل الشاهد، بدءا من خيارالاستقالة ، لدخول غمار العمل السياسي لحسابه الخاص ، نهاية ببروز توجهات جديدة قد تفرزها مساعي إعادة ترتيب بيت حزب نداء تونس بعد عقد مؤتمره و نجاح أعماله.
إن السنة السياسية الجديدة ، لن تكون هادئة، و ستشهد تقلبات على مختلف الأصعدة ،و سيكون المواطن مرّة أخرى أمام حالة من عدم الإرتياح والتوتر ، خاصّة إذا تواصل تدهور الطاقة الشرائية و الحال أنه كان يعاني من تبعات العطلة الصيفية و نفقات عيد الإضحى و مستلزمات العودة المدرسية.