المقترح من طرف رئيس الحكومة هشام الفراتي بـموافقة 148 نائبا ورفضه من طرف 13 نائبا في مقابل إحتفاظ 8 نواب بأصواتهم.
لو عقُدت جلسة عامة لتجديد الثقة في الحكومة برمّتها لن يجد رئيسها يوسف الشاهد ما يضيفه لخطابه الذي ألقاه أمس امام البرلمان خلال جلسة منح الثقة لوزير الداخلية الجديد هشام الفراتي، فكلمته امس كانت خطاب تجديد ثقة له رئيسا على الحكومة بإمتياز من خلال إستعراضه لما تغيّر منذ اوت 2016 تاريخ توليه القصبة الى حدود أمس.
الشاهد الذي تقدم الى برلمان للحصول على 109 صوت لتمرير تكليفه الجديد على وزارة الداخلية، لم يخصّص من خطابه سوى حيّز صغير لوزير الداخليّة المكلّف لكنه حمّله جوابا، ولو عن غير قصد، لما أتاه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في حواره الأخير بخصوص التغييرات في الوزارة التي يمكن ان تكون قد أربكت العمل الامني وكانت العملية الإرهابية بعين سلطانة دليلا على ذلك.
إذ اكد رئيس الحكومة يوسف الشاهد انه حين يتدخّل ويحدث تغييرات فهو يعمل على ابقاء المؤسسة الامنية محايدة وبعيدة عن كل توظيف ليضيف قائلا «هذه نظرتنا للمؤسسة الامنية وأؤكد من هذا المنبر أننا سنضرب بقوة على يد كل من يريد إقحام المؤسسة الأمنية في الحسابات السياسية».
قبل المرور الى ذلك الحديث عن وزارة الداخلية إستعرض الشاهد جملة من المؤشرات والأرقام التي اكد انها السند الموضوعي الوحيد لتقييم عمله وفريقه الحكومي، فالتصدير في عهد الشاهد حقّق أفضل نسب كما السياحة ونسبة العجز في الميزانية هذه السنة أصبحت 4،3 % بعد ان تركها الحبيب الصيد في 2016 في حدود 3.7 %.
كما ان وضعية المالية العمومية بدأت تتعافي مما سينعكس إيجابيا على التضخّم والقدرة الشرائية للمواطنين التي تدهورت نوعيّا بسبب إرتفاع الأسعار التي تسبّبت فيها عدد من الإجراءات في قانون المالية لسنة 2018 التي كانت مرحلة صعبة وقد تم تجاوزها، وفق رئيس الحكومة الذي واصل التأكيد ان المؤشرات ستتحسّن اكثر في أفق 2020 خاصة مع بعض الإجراءات التي سيقع إتخاذها.
خلال الحديث عن الأرقام والنسب التي تدفع الى الخروج بتقييم إيجابي لعمله وفريقه الحكومي، لم يكن الشاهد متأكدا بعد من العدد النهائي للأصوات التي سيحظى بها وزيره الجديد للداخلية ولم يكن لا هو ولا خصومه متيقّنين من الفوز في معركة ظاهرها نيل وزير الداخلية الثقة لسدّ شغور في وزارة سيادة لكن باطنها كان بقاؤه في القصبة من عدمه.
كما انه يعي جيّدا ان كل تلك النجاحات التي حقّقها لن تغيّر شيئا من المواقف والإصطفاف السياسي الحادّ الحاصل في البلاد والذي إنعكس على البرلمان ونوابه الذين كان كل صوت واحد منهم يُحسب له ألف حساب خلال المعركة السياسة التي كان طرفاها الرئيسيان الشاهد من جهة وحافظ قائد السبسي ورئيس الجمهورية من جهة أخرى.
المداخلات وفق الإصطفاف وتغيير في المواقف
تدخلات النواب بطبيعة الحال كانت وفق الإصطفاف السياسي للنائب او الحزب الذي ينتمي إليه في حال كان منضبطا لقرارات حزبه، فتدخلات نواب حركة النهضة وان تضمنت نقدا محتشما لكنها أكدت منحها الثقة للوزير الجديد ودافعت نوعيّا عن الشاهد ليس لشخصه كما أكد المتدخلون من النواب لكن دفاعا عن الإستقرار السياسي كما انها منحت الثقة لجميع وزراء الداخلية السابقين وسوف تمنح ثقتها هذه المرّة كذلك.
اما موقف حركة نداء تونس فقد أكده النائب منجي الحرباوي الذي إنتقد بطبيعة الحال يوسف الشاهد وأكد ان كتلة النداء أو بالأحرى شقّ الكتلة الموالي لحافظ قائد السبسي لن تصوّت لصالح وزير الداخلية الجديد فهو لم يكن يعلم بعد ان الأوراق ستختلط وسيتغيّر ذلك الموقف الذي تحدّث عنه الى الضدّ.
ليكون أول المتدخّلين عن حركة نداء تونس بعد «توحيد الموقف» هو النائب عماد أولاد جبريل الذي إنتقد كلا من وزيري الشؤون الإجتماعية محمد الطرابلسي والفلاحة والصيد البحري سمير بالطيبّ وأكد ان الكتلة النيابية لحركة نداء تونس ستمنح ثقتها لوزير الداخلية المقترح.
ولم يقتصر تغيير المواقف من منح الثقة من عدمه لوزير الداخلية الجديد المقترح من طرف الشاهد على شقّ حافظ قائد السبسي في الكتلة النيابية فكتلة الحرة لحركة مشروع تونس كانت الى حدود المساء منقسمة بين متوجه للإحتفاظ ومتشبّث بمنح الثقة لطرح الشاهد، ليُعلن حسونة الناصفي خلال مداخلته تغيير الموقف الى منح الثقة كليا لوزير الداخلية الجديد.
المعارضة متفرّج...
المعارضة لم يتجاوز موقعها أمس دور المتفرّج دون ان تكون محدّدا في المعركة، ومداخلات نواب المعارضة كانت منحصرة في الحديث عن الأزمة السياسية ومطالبة الشاهد بحسمها من خلال القدوم للمجلس لعرض ثقة البرلمان فيه مجددا.
الشاهد يتجاهل...
ردود الشاهد على الكم الهائل من الإنتقادات التي وجهت له خلال مداخلات النواب كانت مقتضبة جدّا، وإقتصرت كلمته قبل التصويت أساسا على ان استشعار المواطن بتحسن المؤشرات الإقتصادية يتطلّب بعض الوقت كما أكد ان التشكيك في الأرقام التي إستعرضها لا يستوي خاصة انه ليس مصدرها بل المعهد الوطني للإحصاء.
فهو كان متأكدا حينها من مرور وزير داخليته الجديد وكسبه جولة من المعركة في إنتظار حسمها نهائيّا في حال وُجهت له لائحة لوم او قرّر عرض ثقة البرلمان فيه مجدّدا، والذي طالبه به العديد من النواب من مختلف الكتل النيابية لكنه تجاهل الردّ على مطلب القدوم للمجلس لتجديد الثقة فيه خلال ردّه على المداخلات.