قمة عربية إسلامية تستبق الضغط الأمريكي: إعادة تقديم عرض التطبيع مقابل الدولة الفلسطينية

احتضنت الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية خلال اليومين الفارطين القمة العربية الاسلامية واجتماعاتها التمهيدية،

على امل ان يتوصل المشاركون الى صياغة آليات عمل مشتركة تدعم موقفهم الموحد بالدعوة الى انهاء حرب الابادة الصهيونية على قطاع غزة ولبنان في استباق لتداعيات انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة ومحاولة تقديم عرض بديل للخطط الصهوينية القائمة على توسيع رقعة الحرب و الاستلياء على اراض فلسطينية جديدة.

قمة تجلت منذ بداية الاستعداد لها حدود ممكنها السياسي والدبلوماسي في ظل تمادي الاحتلال الصيهوني في حرب ابادته وتوسيع رقعتها لتشمل لبنان بعد سنة من استهداف قطاع غزة الذي بات شأنه شأن الجنوب البناني تحت وقع خطة الجنرالات الصهيونية الهادفة الى فرض امر واقع امني وجغرافي جديد في المنطقة. هذه الخطة التي يحول نجاحها دون اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، يبدو انها اثارت مخاوف الدول العربية والاسلامية من ارتداداتها على المنطقة ومشاريعها الوطنية لذلك سعت عن طريق التلويح بالرفض وتصعيد الخطاب الى تهيئة الارضية لعرض ديبلوماسي وسياسي واقتصادي يحول دون ذلك يبدو ان خطوطه الكبرى التطبيع العربي والاسلامي الشامل مقابل دولة فلسطينية.

هذا التصور الذي يبدو انه المعلوم من قبل اعضاء الوفود العربية والاسلامية التي توافدت الى الرياض. كذلك الامر في علاقة بالمتغيرات في المشهدين الاقليمي والدولي، في ما يتعلق بخطط الاحتلال وحربه او تصورات الادارة الامريكية الجديدة وسياساتها في المنطقة ودعمها للاحتلال.

هذه العناصر مجتمعة يبدو انها ادت الى عقد هذه القمة بدعوة من المملكة السعودية التي يبدو انها اختارت ان تقطع الخطوة الاولى في رسم الافق السياسي للمنطقة، وهي توحيد الدول العربية والاسلامية خلفها وتبنى موقف موحد في علاقة بانهاء الحرب والضغط على المجتمع الدولي على الاقل، لتحسين التموقع في علاقة بالمفاوضات القادمة المنتظر ان تشرع فيها ادارة ترامب او ترسيخ مكانتها في محيطها الاقيمي والخليجي واخيرا تجنب اية ارتدادات سلبية لتطورات القضية الفلسطينية على الداخل السعودي وعلى مشاريعها لافق 2030.

هذه التقاطعات حركت المملكة العربية السعودية وساهمت في صياغة تصورها الديبلوماسي القائم في مستواه الاول، اي ظاهره، على توحيد مواقف الدول العربية والاسلامية للضغط من اجل انهاء حرب الابادة والاعمال العسكرية الصهيونية في المنطقة، وثانيها استئناف جهود الاعلان عن دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية كحل دائم ينهى الصراعات والحروب في المنطقة.

تصور وقع التعبير عنه في اشغال القمة العربية الاسلامية وقبلها في قمة عربية اسلامية اوروبية احتضنتها الرياض في سبتمبر الفارط واستقبلت خلالها قادة دول عربية واسلامية واوروبية على ارضها للتباحث والتشاور وانتهت باعلان قيام «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»، وهو ما باتت المملكة العربية السعودية تطالب به في خطابها الرسمي بشكل مكثف خلال الاسابيع والاخيرة.

خطاب سعودي يقوم على ثنائية السلام مقابل دولة فلسطينية وقعت اعادة تسويقه في القمة العربية الاسلامية الاستثنائية التي اقيمت يوم امس ، والتي وفق بيانها، امتداد للقمة العربية الإسلامية المشتركة في 11 نوفمبر 2023 التي سعى فيها القادة العرب والمسلمون الى توحيد مواقفهم في بداية الحرب الصهيونية على قطاع غزةـ، وهاهم اليوم في قمتهم الثانية يسعون الى توحيد المواقف بهدف وقف «العدوان» ـ كما ورد في بيان اللقاء التمهيدي ـ الصهيوني على قطاع غزة ولبنان، والضغط على المجتمع الدولي للتحرك بجدية، لإيقاف الاعتداءات المستمرة.

هذه الهواجس المتعلقة بايقاف حرب الابادة الصهيونية على قطاع غزة وايقاف الحرب على لبنان تجلت في كلمات مختلف قادة الوفود المشاركة، ملوك او رؤساء او رؤساء حكومات او وزراء، اذ لم يغفل جلهم عن ادانة الحرب والتنديد بالصمت الدولي وبانتهاك الاحتلال الصهيوني للقوانين والمواثيق وتجاوزه لكل الخطوط الحمراء.

وقد توحدت مواقف الادانة وعبرت عن القلق على مصير الفلسطنين واللبنانين وغيرهم من شعوب المنطقة التي تواجه خطر اتساع رقعة الحرب. بعيدا عن هذه العبارات والمشاعر والمواقف الانسانية تبرز قراءات ومواقف سياسية متمايزة بين شقين مشاركين في القمة في علاقة بالادانة او المطالبة بانهاء الحرب وكيفية تحقيق ذلك والدور العربي والاسلامي.

هنا يبرز الموقف السعودي الذي يسعى الى توحيد الدول العربية والاسلامية خلفه لتبنى مبادرته السياسية غير المعلنة بشكل رسمي الى حد اليوم، وهي التطبيع والسلام الشامل مقابل اقامة دولة فلسطينية ضمن حدود 1967 وهذا ما لمحت اليه كلمات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي قال في كلمة افتتاح القمة بضرورة مواصلة الجهود المشتركة لإقامة دولة فلسطينية ضمن حدود 67 عاصمتها القدس الشرقية، وان الامعان الصهيوني في «عدوانه» يعيق مجهود السلام وذلك ما تكرر في كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بصياغة مختلفة تضمنت رفض تصفية القضية الفلسطينية او انكار الحق الفلسطيني في اقامة دولة في تقاطع مع العرض السياسي السعودي الذي يبدو انه يرغب في استباق اي تحرك امريكي برسم الاطار الممكن للتطبيع وتاكيد شروط السعودية للتطبيع مع الاحتلال الصهيوني والتي سبق وان اعلن عنها اكثر من مرة خلال السنة المنقضية وهي وقف الحرب قبل الحديث عن التطبيع الذي لن يتم دون اقامة دولة فلسطينية

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115