التي لم تشهد اي طعن في نتائجها المعلن عنها من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وهي نتائج كشفت عن توازنات جديدة في المشهد العام بالبلاد لازال في طور التشكل في ظل صمت الفائز بعهدة رئاسية ثانية.
صمت لم تكسر هيمنته على المشهد الاّ بعض التصريحات الصادرة عن جهات مقربة من الرئيس ومساره السياسي كتصريح مدير حملته الانتخابية نوفل سعيد الذي تحدث بشكل مباشر وصريح عن حاجة البلاد الى تنقية المناخ والتهدئة السياسية التي توحّد التونسيين.
كلمات مدير حملة الرئيس الفائز لم تكن عن التهدئة السياسية فقط بل عن ما يمكن اعتباره مجازيا «مصالحة» بين مسار الرئيس السياسي اي مسار 25 جويلية في طوره الجديد وكل القوى المدنية الحية في البلاد، وخاصة اصحاب الاعمال والمستثمرون بشكل صريح ومباشر.
هنا وضح نوفل سعيد المدير القانوني لحملة المرشح قيس سعيد، قراءته لما تحتاجه البلاد خلال الفترة القادمة بقوله انها «تحتاج الى فترة تهدئة سياسية شاملة، وان هذا امر ملح وأكيد باعتبار ان البلاد لا يمكن لها أن تستمر في حالة التجاذبات والمناكفات إلى ما لا نهاية». وفق تصريحاته للاذاعة الوطنية في بداية الاسبوع الفارط.
تصريحات مدير الحملة فتحت الباب لتاويلات عدة، ذهبت الى توقع ان تشهد البلاد خلال العهدة الثانية من رئاسة قيس سعيد انفراجة سياسية وتراجعا لحدة التوتر في المشهد، هذا التوقع يستند الى جملة من العوامل التي تشير الى توفر معطيات موضوعية تدفع الى هذا الانفراج.
ان تصريح مدير حملة الرئيس سعيد، وهو الشخصية الوحيدة التي برزت في الحملة ولها صفة قانونية، تكشف على الاقل عن ان الرجل محل ثقة الرئيس وانه، ولو بشكل غير رسمي، يمكنه ان يتحدث باسمه، هنا تصبح الاشارة الى التهدئة السياسية في البلاد او لمراجعة المرسوم عدد 54 عناصر اساسيا لتسويق التهدئة وجديتها من قبل السلطة من وجهة نظر انصار الرئيس الذين تجنبوا الاقرار الصريح بان التهدئة هدفها الاساسي توفير مناخ للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
ان التصور الذي يسوق اليوم من قبل مناصري الرئيس الفائز في الانتخابات، وان كان غير مكتمل الاركان وغير واضح، يمكن تتبعه لتبين عناصره الكبرى التي تكشف عن تصور جزء من محيط الحكم على الاقل، في انتظار اتضاح الصورة من قبل الرئيس، لعناصر نجاح الرئيس في المرحلة القادمة.
وقد استند الرئيس وحملته الانتخابية الى شعار مركزي هو «البناء والتشييد» وهذا الشعار من وجهة نظر انصار الرئيس غير قابل للتنزيل والتنفيذ دون توفر شروط اساسية له، وهذا الشرط خفض حدة التوتر في المشهد العام لتوجيه رسائل ايجابية للمستثمرين ورجال الاعمال ولعدد واسع من الفاعلين في البلاد.
لتحقق هدف هذه الرسائل يتطلب الامر رص الصفوف خلف السلطة، كما تجب طمأنة عدد واسع من التونسيين ممن يعتبرون ان نهج السلطة منذ 25 جويلية يبعث على توتير المناخ ونشر حالة من الخوف في عدة اوساط من انتكاسات عدة تصيب البلاد، سياسيا واقتصاديا…، لذلك فان مضمون الرسالة الاساسي هو «الطمأنة» بن البلاد تتسع للجميع لكن شرط ان يكون ذلك في اطار «لحظة 25 جويلية».
هذه اللحظة يبدو انها ستشهد تخليا تدريجيا عنها لصالح لحظة 6 اكتوبر، بالتخلي عن ملامحها الكبرى من نصوص قانونية وخيارات سياسية واخضاعها للتقييم والتعديل، ويبقى ذلك فرضية يدفع اليها انصار الرئيس، قد يتبانها هذا الاخير او يرفضها، وهذا ما سنقف عليه بعد ايام معدودات