احتدم الجدل بعد قرارات المحكمة الإدارية: اليوم سيتضح موقف هيئة الانتخابات

ما إن صدر بلاغ للاعلان عن استكمال اشغال الجلسة العامة القضائية للمحكمة الادارية

واستكمال مسار الطور الثاني من التقاضي بصدور احكام النزاعات الانتخابية، دخلت البلاد في مرحلة جديدة عنوانها الابرز: السجال والجدل الذي طال الاحكام واعضاء المحكمة الذين لحقهم التجريح من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

سجال مردّه صدور احكام بقبول ثلاثة طعون شكلا واصلا واصدار المحكمة لقرارها بالغاء ثلاثة قرارات للهيئة العليا المستقلة للانتخابات تعلقت برفض ملفات ثلاثة مترشحين للاستحقاق الرئاسي في السادس من اكتوبر القادم، وهم عبد اللطيف المكي والمنذر الزنايدي وعماد الدايمي، الذين سبق ان رفضت ملفاتهم لعدم استيفاء شرط التزكيات، وذلك ما راجعته المحكمة واتخذت قرارا يقضي بمراجعة التنصيصات التي وضعتها الهيئة والابقاء على ما اعتبرته الجلسة اساسيا وضامنا لحق كل الاطراف، والغت ما أعتبرته تنصيصات غير ضرورية من نموذج استمارة التزكية الذي اعدته الهيئة سابقا.

وقعت مراجعة نموذج الاستمارة وتعديله ليقتصر على المعطيات الاساسية الضرورية مما حسم الاشكال المتعلق باستمارات التزكيات الشعبية ومكن المترشحين الثلاثة المقبولة طعونهم من استيفاء شروط الترشح، و كان هذا كافيا لتعيش البلاد على وقع احداث كان ابرزها التجريج الذي تقدمت به الهئية العليا المستقلة للانتخابات الى المحكمة الادارية والذي كشف عنه الرئيس الشرفي للمحكمة في بلاغ صدر عنه في نهاية الاسبوع الفارط، واعلن انه تم رفض التجريح لانه كان بعد الاجال القانونية اضافة الى ان الاسباب التي قدمت كانت «واهية» وفق وصفه بالاضافة الى انه لا صلة لها بموضوع النزاع الانتخابي.

ولم تقف التطورات عند حد التجريح والتشكيك في عدد من قضاة المحكمة الادارية بل تطورت سريعا اثر تصريح صدر عن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر قال فيه ان «الإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة سيتم مع الأخذ بعين الاعتبار قرارات المحكمة الإدارية والأحكام الجزائية الصادرة في المادة العدلية بخصوص تدليس التزكيات»، اضافة الى ان قائمة أسماء المترشّحين المقبولين نهائيا للانتخابات الرئاسية ستصدر اثر الاطلاع على حيثيات الأحكام الصادرة عن الجلسة العامة وعلى تعليلها، وذلك ما تم تأويله على انه تلميح الى امكانية رفض الهيئة لقرارات المحكمة الادارية كليا او جزئيا.

تصريح صمتت اثره الهيئة ولم تصدر اي تعليق او اي بلاغ لشرح ما قاله رئيسها وما قد يؤدي اليه قوله خاصة وان تلك الكلمات كانت كفيلة بان يحتدم الجدل القانوني والسياسي تحت يافطتين بارزتين تنتصر في احداهما الى الهيئة وتصريح رئيسها وتعتبر ان لقرارات القضاء العدلي/ الجزائي العلوية على قرارات المحكمة الادارية وبالتالي اذا صدر حكم ضد اي مترشح فان الهيئة سترفض ترشحه. اي ان القرارات الصادرة عن المحكمة تصبح غير ملزمة للهيئة.

هذا الراي الذي ذهب بكلمات رئيس الهيئة الى مستويات جديدة من الجدل القانوني والسياسي الذي ظل يتفاقم خلال الاسابيع والايام القليلة الفارطة وصل الى حد التنبيه من مخاطر تهدد العملية الانتخابية والمساس من نزاهتها وشرعيتها، وقابل ذلك على الطرف الاخر موقف مغاير كليا صدر عن عدة اطراف من بينها المتحدث باسم المحكمة الادارية وجمعية القضاة وعدة جمعيات قامت باصدار بيان مشترك حذرت فيه من عدم احترام قرار المحكمة الادارية.

و يستند اصحاب هذا الراي الى قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الخاص بالاستفتاء والذي لم ينتظر صدور الاحكام النهايئة للمحكمة كما يستندون الى فقه القضاء الاداري ويعتبرون ان الهيئة وقراراتها يخضعان الى مراقبة المحكمة الادارية التي تحظى قراراتها في علاقة بالشان الانتخابي بالزامية التطبيق من قبل الهيئة وتكييفها بانها باتة وغير قابلة للطعن او التعقيب.

بالتالي يقول اصحاب هذا الراي بالزامية ان تدرج الهيئة اسماء المترشحين الثلاثة الذين صدرت الاحكام لفائدتهم من قبل هيئة الانتخابات واعتبار ان عدم احترام قرار المحكمة الادارية -خاصة بعد لجوء الهيئة الى التجريح في عدد من القضاة الذين اتضح لاحقا عدم مشاركتهم في الجلسة العامة- سيضع الهيئة في موقف حرج وغير قانوني اذا لم تلتزم بقرار المحكمة وذلك ما قد يمس من نزاهتها ومن نزاهة العملية الانتخابية برمتها.

وضع حرج ودقيق ستتضح كيفية تعامل الهيئة معه والخيار الذي ستلجأ اليه، وهي هنا امام خيارين امّا ان تحترم قرارات المحكمة الادارية وتلتزم بها، او ان تتجاهلها، اي انه عليها ان تدرج كلا من عماد الدايمي وعبد اللطيف المكي والمنذر الزنايدي في قائمة المترشحين المقبولين نهايئا او ان تمتنع عن ذلك، وفي كلتا الحالتين سيغير قرارها المشهد الانتخابي والسياسي في البلاد كليا.

ان رفض الالتزام بقرار المحكمة الادارية والاستناد الى مخارج قانونية محل جدل بين الجميع سيؤثر سلبا على المناخ الانتخابي وعلى العملية برمتها، وقد يولد رود فعل حادة تجاه الهيئة التي ستكون عرضة لهجوم حاد من قبل جزء واسع من المجتمع المدني والسياسي التونسي الذي سيعتبر قرارها دليلا عن انحرافها عن مهامها وانخراطها في العملية الانتخابية كفاعل لفائدة مرشح بعينه ضد البقية.

و قد يكون هذا كافيا لتهديد نزاهة العملية الانتخابية والتشكيك في شرعيتها ومشروعيتها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115