ارتفاع نسبة التضخم والعجز الطاقي وتعثر الموسم السياحي: هل من خطة لنتجنب التداعيات السلبية المحتملة؟

قد يلجأ الناظر أحيانا الى المشهد الاقتصادي والمالي الى تجنب الوقوع في فخ الارقام والمؤشرات،

وذلك عبر تجنب محاولة تفكيكها لمحاولة معرفة التوجهات الكبرى للاقتصاد او القطاع المالي والاكتفاء بالنظر الى الارقام وما تقدمه من صورة موضوعية.

لذلك قد يكون من المفيد اليوم تجنب استقراء المؤشرات الاخيرة الصادرة عن معهد الاحصاء او عن المرصد الوطني للطاقة والمناجم او غيرها من المؤشرات المتعلقة اساسا بوضع الاقتصاد بشكل عام، كنسبة التضخم، او أي مؤشر قطاعي، كارتفاع العجز الطاقي او تراجع نسبة الحجوزات في المنشآت الفندقية، وتقديم هذه الارقام جافة كما هي لتشكيل الصورة الموضوعية.

اذا طبق هذا الامر، فان النتيجة بالنظر الى نسبة التضخم الشهري الصادرة عن معهد الاحصاء، لا تكشف عن تسجيل ارتفاع طفيف بنسبة 7.3 لشهر جوان او عن تسارع ارتفاع نسق الاسعار في مجموعة التغذية والخدمات الفندقية والمطاعم أساسا، وتبين ان سلسة التراجع قد كسرت منحى تراجع التضخم الذي استمر منذ جانفي 2023 الى غاية جوان الفارط حيث سجل ارتفاع طفيف في معدل التضخم بـ 0.1 ٪. هنا يتجلى ان هذا التمشي الايجابي للتحكم في التضخم شهد اليوم عثرة لا يمكن تخطيها بسرعة الاستنتاج وبسرعة القول الى اين ستقود.

مؤشر اخر كشفته نشرية شهر ماي للمرصد الوطني للطاقة والمناجم، وهو تسجيل ارتفاع في عجز الميزان التجاري الطاقي الى غاية ماي 2024 بنسبة 22 ٪ مقارنة بذات الفترة من سنة 2023. بواقع ارتفاع قدر بـ827 مليون دينار، بحوالي265 مليون دولار.

ذات النشرية ـ اي نشرية الوضع الطاقي لشهر ماي 2024 الصادرة عن المرصد الوطني للطاقة والمناجم بينت ان هذا الارتفاع المسجل في العجز قاده عنصران، تراجع الانتاج الوطني وتراجع عائدات الاتاوة المتاتية من عبور الغاز الجزائري للاراضي التونسية بواقع 16 ٪ عما سجل في ذات الفترة من السنة الماضية، اضافة الى تسجيل تراجع لسعر صرف الدينار مقابل الدولار والذي كان مصحوبا بارتفاع اسعار النفط بواقع 7 دولار لمكافئ النفط.

وكشف ما قدمته النشرية عن استمرار النسق التصاعدي للعجز التجاري في الطاقة، الذي بات يمثل وفق معطيات شهر أفريل الفارط قرابة 93 ٪ من مجمل عجز الميزان التجاري العام، ويعود هذا بالاساس الى سببين، عدم استقرار اسعار مواد الطاقة نتجية تطور الاوضاع العالمية وتراجع الانتاج الوطني، مما يعني ان الاسباب التي ادت الى ارتفاع نسق العجز ليست ظرفية وقد تستمر ليتواصل معها النسق التصاعدي للعجز الطاقي اذا لم تسرّع وتيرة الانتقال الطاقي.

المؤشر الثالث الذي وقع الكشف عنه امس، ما صرح به أحمد بالطيب رئيس الجامعة الوطنية لوكالات الأسفار من تسجيل تراجع في نسق الحجوزات في الوحدات الفندقية منذ بداية شهر جويلية الراهن قدر بعشر نقاط، مما يبين ان الموسم السياحي قد لا يكون بالصورة التي وقع تقديمها والتي طغى عليها التفاؤل بعائدات الموسم السياحي وبنمو قد يعود بالقطاع الى تحقيق ارقام ما قبل 2019. وهو ما قد يؤثر على العائدات المالية للقطاع التي كانت تراهن عليها السلطات وهذا سينعكس مباشرة على النمو وعلى المخزون من العملات الاجنبية.

هذه المؤشرات الثلاثة ان نظرنا اليها مجتمعة فانها تقدم بدورها صورة موضوعية تكشف عن تصاعد حدة المخاطر والصعوبات التي تهدد الوضع الاقتصادي والمالي التونسي الذي لم يتعاف من الهزات التي عاشها منذ 2020، وهذا يتطلب من السلطات الانتباه والتحرك لمنع اي ارتدادات سلبية قد تحصل للبلاد

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115