خطط تونس للاستثمار في الهيدروجين الأخضر: هل ستكون «صدمة استثمارية» تدفع بالاقتصاد ؟

في بداية الاسبوع الراهن نشرت رئاسة الحكومة التونسية بلاغا اعلنت فيه عن توقيع مذكرة تفاهم

تتعلق بمشروع انتاج الهيدروجين الاخضر بين الجمهورية التونسية و«شركة توتال للطاقات» و«فاربوند»، بقيمة استثمارات نهائية يتوقع ان تبلغ 40 مليار يورو اي ما يعادل 133 مليار دينار تونسي.

مر موكب التوقيع على مذكرة التفاهم كحدث عادي اقتصر الاعلان عنه على بلاغ صدر عن رئاسة الحكومة مساء يوم الاثنين الفارط قدم بعض الارقام ووضع الاطار العام للمذكرة، دون ارفاقه بحملة اتصالية تسوق فيها الحكومة لنجاحها ورؤيتها والتصور الذي تصبو اليه باضخم مشروع تشهده البلاد منذ الاستقلال.

ما حمله البلاغ اعلان عن اضخم استثمار اجنبي في تونس، سواء أتعلق الامر بمرحلته الاولى التي ينتظر ان تضخ فيها استثمارات بحوالي 8 مليارات يورو اي ما يعادل 25 مليار دينار تونسي خلال السنوات الخمس القادمة، بمعدل 5 مليارات دينار سنويا وهو ما يعادل تقريبا متوسط نفقات الاستثمار العمومي التي برمجت في الموازنات السنوية خلال السنوات الفارطة.

هذا الاستثمار في الطاقات المتجددة والنظفية الذي ينتظر ان ينطلق فيه مجمع الشركات الفرنسية «توتال للطاقات-TotalEnergies» والشركة النمساوية «فاربوند-Verbund» ويتعلق بتطوير وإنجاز مشاريع للهيدروجين الأخضر في تونس. وقد كشف بلاغ رئاسة الحكومة على ان المشروع يهدف إلى تطوير وإنجاز مشروع لإنتاج 200 ألف طن من الهيدروجين الأخضر في مرحلته الأولى على أن تصل الطاقة الإنتاجية إلى مليون طن سنويا في المرحلة النهائية للمشروع بقيمة استثمارات تبلغ حوالي 8 مليار يورو في المرحلة الأولى و40 مليار يورو في مرحلته النهائية.

هذه القيمة الجملية للاستثمار الذي تم ابرام مذكرة التفاهم بشأنه تتجاوز حجم الاستثمارات الاجنية مجتمعة في تونس باضعاف، مما يكشف عن اهميته خاصة وان نجاح تنزيله على ارض الواقع سيمنح الحكومة القدرة على تنزيل مخطط استثماري اشمل يمتد الى سنة 2050 ويهدف الى جلب استثمارات تقدر بـ120 مليار يورو اي اكثر من 370 مليار دينار تونسي لانتاج اكثر من 8 ملايين طن من الهيدروجين الاخضر الذي يوجه جله الى التصدير.

اهمية هذا المشروع الضخم ، الذي يعتبر في مرحلته الاولى اضخم مشروع استثماري في البلاد التونسية، لا تكمن فقط في ما تقدمه رئاسة الحكومة التونسية من توفير مصادر طاقة نظيفة ورخصية اضافة الى تقليص عجز الميزان التجاري الطاقي في البلاد، بل يتجاوز ذلك ليمثل اول «صدمة استثمارية» يمكنها أن تلعب دور القاطرة التي تجر الاقتصاد التونسي خاصة وانها تستهدف توظيف 430 الف شخص مما يوسع قاعدة السوق الاستهلاكية في البلاد ويخلق حاجيات جديدة تخلق حركية انتاجية في البلاد.

هذه الحزمة الاستثمارية الضخمة يمكنها ان تمنح الاقتصاد التونسي خلال السنوات الخمس القادمة دفعة هامة بضخها لـ 5 مليارات دينار سنويا في الاقتصاد على مدى خمس سنوات، مما يعنى توفير فرص عمل وخلق حركية ومبادلات اقتصادية يمكنها ان تنشط الاقتصاد وتخلق نموا حقيقيا ينهى حقبة النمو الهش في البلاد التي وصل اليوم الى مرحلة الانكماش مما سينعكس على مناخ الاستثمار ايجابا ويعيد اليه عناصر الجذب.

مشروع تكمن اهميته في قدرته على خلق رجة نفسية واقتصادية في البلاد كما انه قد يكون علامة تجارية يمكن تسويقها لجلب استثمارات ضخمة وهامة خاصة في مجال الطاقة المتجددة والنظيفة كذلك النسيج الصناعي المتصل بها، اي ان هذا المرشوع سيكون فرصة هامة للبلاد تسمح لها باستكشاف فرص استثمارية يمكنها ان تغير كليا الاقتصاد التونسي، خاصة انها تنتج طاقة غير مكلفة مما سيؤثر على الآلة الصناعية ويمنحها قدرة تنافسية.

فرصة تقف الدولة التونسية على ابوابها يمكنها ان تحدد الكثير على المديين القريب او المتوسط ويجب عليها ان تحسن استغلالها وتوفير فرص النجاح لها واولاها ان تتجه البلاد الى الحسم في خياراتها الاقتصادية وان تستقر على تصور تنموي لا يتغير بتغير انظمة الحكم. ما قد يعيق تنزيل هذا المخطط الاستثماري الضخم ان تفقد الدولة قدرتها على ضمان استمراريتها او ان تتغير التصورات الاقتصادية والسياسية بتغير من يمسك بالحكم، اذ من شأن ذلك ان يولد عقبات تعيق اي استثمار

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115