عن تسجيلها لجريمة تعذيب ارتكبت من قبل قوات الامن في حق المحامي مهدي زقروبة اثناء نقله ولدى تواجده بمركز الايقاف، واكدت ان قاضي التحقيق عاين آثار العنف والتعذيب على جسد الضحية.
بيان جاء اثر كلمة القاها رئيس الرابطة بسام الطريفي الذي اكد بصفته رئيسا الرباطة وعضوا في فريق الدفاع عن زقروبة ان الاخير كان ضحية للتعنيف والتعذيب في مناسبتين، الاولى حينما تعرض لاستعمال مفرط للقوة من قبل قوات الامن التي اوقفته ونقلته الى مركز الايقاف بثكنة العوينة، والثانية في مركز الايقاف.
شهادة تضمنت اقرارا بان المحامي زقروبة تعرض الى اعتداءات بالعنف الشديد المبرح والمؤلم وسوء المعاملة المهينة والقاسية. وذلك ما عاينه فريق دفاعه الذي يضم في تركيبته عميد المحامين حاتم المزيو، الذي اكد بدوره يوم الخميس الفارط ان زقروبة تعرض للتعذيب وسوء المعاملة، وان هذا الامر لا يمكن ان يمر دون عقاب وطالب بتطبيق القانون.
واقعة التعذيب التي أكد وقوعها جل أعضاء فريق الدفاع وعمادة المحامين في بيان صادر عنها يوم الخميس الفارط او في تصريحات عميدها، كذلك الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، كشفت عن ما يمكن اعتباره معضلة مهما كان موقع الناظر اليهما وموقفه أو الخطاب الصادر تجعله يتعاطى معهما.
اولهما، تناقض الروايات الصادرة اليوم في علاقة بتعرض مهدي زقروبة للتعذيب من عدمه، اذ مقابل رواية المحامين والمنظمات، قدمت وزارة الداخلية رواية مناقضة كليا أكدت فيها ان قوات الامن اوقفت المحامي ونقلته وفق ما يضبطه القانون دون اي احداث عنف او تعذيب، وحذرت الوزارة من الملاحقة القضائية لكل من يشير صراحة او بالتلميح الى تعرض المحامي الى التعذيب او سوء المعاملة.
نفي اعلنت عنه وزارة الداخلية، لكن الرد صدر من قبل منظمتين لهما ثقلهما ورصيدهما من المصداقية والموثوقية، وهما عمادة المحامين ورابطة الدفاع عن حقوق الانسان، رد تضمن اشارات صريحة وواضحة الى ان قاضي التحقيق وثق ما عاينه من آثار عنف على جسد الضحية الذي فقد وعيه وتم نقله الى المستشفى.
دحض المنظمات لرواية الداخلية تضمن طلبا صريحا بعرض الضحية على الطب الشرعي في اسرع وقت قبل ان تزول الدلائل الطبية من جسد الضحية. وان يقع «فتح بحث تحقيقي جدي ضد: «كل من ارتكب هذا الجرم الخطير وتحميل المسؤولية الجزائية والإدارية لمن ارتكب هذا الفعل الشنيع المجرم». وفق نص بلاغ الرابطة.
المعضلة الاولى هنا تتعلق بالحقيقة، والموثوقية في احدى مؤسسات الدولة وفي خطابها الرسمي، والمقصود هنا هو وزارة الداخلية التي نفت وهددت بالمحاسبة القضائية، وهي اليوم محل اتهام مباشر وصريح من منظمتين يحظى خطابهما بمقبولية واسعة لدى جزء هام من التونسيين الذين ينقل جزء منهم رواية المنظمات ويدحض رواية الداخلية التي اضحت اليوم محل اتهام ونقد شديدين.
ثانيهما خطاب الكراهية والعنف الذي طغى في منصات التواصل الاجتماعي التي شهدت دفاع جزء من التونسيين على التعذيب بل والتشجيع عليه تحت مسميات عدة وذرائع تكشف عن ازمة قيم تهدد المجتمع التونسي، الذي اضحى منقسما بشدة في ملفات وقضايا يفترض انها من ثوابت العيش المشترك ومرتكزاته. الدفاع عن التعذيب او تبريره باعتبار ان المشتبه به «يستحق ذلك» او غيرها من العبارات المشبعة بالكراهية والتحريض على العنف ليس أمرا هينا او بسيطا يمكن التغاضي عنه بل محاولة فهمه وتفكيكه، وقبل كل شيء وضع حد له.
معضلتان تتطلبان معالجتهما بفتح بحث تحقيقي للكشف عن الحقيقة قبل كل شيء، وتقديم اجابة واضحة ومباشرة تقدم للتونسين معطيات واضحة حول مدى تعرض المحامي مهدي زقروبة الى التعذيب. ثانيهما مكافحة خطاب الكراهية الذي اصبح يتمدد كالنار في الهشيم ويهدد بتفكيك التضامن المجتمعي، فعندما يتشفى بعضهم في ضحية محتمل للتعذيب يحتاج الامر الى وقفة تأمل لتجنب الاسوء