لا نقاش ...المال هو الأساس بين شاكر ومادح ... وذامّ قادح ... تختلف التقييمات للحصيلة التونسية في الألعاب الاولمبية ...ولو حزنا البرنز كله لما صنع الفرحة التي تأتيها ذهبية واحدة أحلامنا دوما تذهب إلى بعيد ...والحلم مباح لكن لا بد أن نعي ما نريد.
لما نتأمل في الفوارق الاقتصادية والعلمية بين البلدان يمكن ان نهتدي مسبقا وقبل انطلاق التظاهرات الرياضية إلى ترتيب للمشاركين... المسألة ليست «زهر وفرتونة» فكل خطوة مدروسة بشكل مسبق ويبقى في كل هذا المال هو الاهم فلا بنية تحتية بلا مال ولا تقدم علمي بلا مال و تحفيز بلا مال. والحالة تلك فان ترتيبنا جاء بشكل يتماشى ووضعنا الاقتصادي بل تجاوزه لما نرى بلدانا تعيش الرخاء دوننا لا نقاش... المال هو الأساس ونحن في تونس هل نقدر على ضخ المال الذي تحتاجه النجاحات الرياضية ؟ أبدا... نحن نعلم أن تونس
تعيش أسوأ مراحلها. فالعجز ضرب كل مجال حياتي بما في ذلك الغذائي حيث سجل الميزان التجاري الغذائي عجزا بقيمة 402،4 مليون دينار خلال السبعة أشهر الأولى من سنة 2016... والنجاحات في أي مجال كان لا تصنعها البطون الخاوية أو المهددة بالخواء.... ولا تمهد لها الإضرابات... فكلنا معني بإخراج اقتصادنا من عنق الزجاجة، ليهتدي البلد إلى توازناته التي لما تحصل يمكن لنا الحديث عن نجاحات رياضية فكم من بلد صديق وشقيق جهز الطائرات الخاصة لوفوده ولم يحسب تكلفة الاقامة لمن بقي في ريو إذا انتهت مشاركته... وفروا المال بسخاء لأنهم يدركون أن توظيف المال بذلك الشكل يمهد إلى نجاحات لاحقة ...فهم عمدوا إلى تلقين الرياضيين مسالك النجاحات... ومن خرج من السباقات لا يعني الخروج من التركيز او الوقوف في طوابير محلات «الأكلات السريعة» التي كانت ابطال الواقفين في صفوفها العرب ومنهم التونسيون وهذه المشاهد تنم عن عدم إدراك كدنا ندرك معه المهازل ودعني اروي حادثتين من واقع المشاركة التونسية في ريو :
1 - حديث «الفرتيج»
لما فشل الرباع كارم بن هنية في محاولة رفع 177 كلغ وهي دون رقمه القياسي الشخصي المتمثل في 180 كلغ سألناه عن السبب فقال «شعرت بدوران في راسي فرتيج» وهذا الدوران له سبب وحيد وهو الإرهاق والإرهاق تبين أن سببه التخفيض في الوزن... وهذه الحالات لا تحصل إلا عند الغذاء غير الموازن فإما أكل زاد وإما أكل غير ملائم... وفي كلتا الحالتين فإن الرباع يتحمل مسؤولية اخطائه فمن أدرك الاولمبياد لا بد أن يكون متشبعا بالعادات الحسنة.وتبعات ما حصل يتحمل أوزاره بالأساس من له دور المراقبة وفي هذه الحالة المدرب ومعه المدير الفني محمد بن عمر الذي بعد أن خلنا أنفسنا نسينا خطأ اولمبياد لندن 2012 وحكاية الخطأ في تسجيل الوزن بشكل جعل أحد رباعينا خارج السباق فإنه يأتي خطأ آخر لأنه المسؤول عن مراقبة الوزن والغذاء والنوم والصحو صباحا مساء. وبما أن الخطأ تكرر فإنه لا مجال للتغاضي ومن واجب بن عمر أن يكون متشبعا بروح المسؤولية ويعلن الاستقالة التلقائية... إذا كان حقا مدركا للحق والواجب... بن عمر وأمثاله لا بد لهم من نقد ذاتي... وترك المقاليد لغيره وعليه أن لا يغضب... ففي الخروج استراحة المحارب.
2 - حكاية الوزن الزائد
المصارع محمد السعداوي أحاطوا مشاركته بهالة كبيرة إلى حد وصلتنا أخبار من تونس تفيد انه شد الرحال إلى ريو على نفقته الخاصة وهذا كلام من البلاهة بمكان لأن تونس لم تعجز إلى حد لم تقدر معه على توفير تذكرة سفر للسعداوي، كلام فيه الكثير من التشويش ومن التشويش ما غيّب التركيز وهذا ما حصل ومن التركيز ما جعل الحفاظ على الوزن يلامس المستحيل.
ليلة المباراة جرى من أجل التخفيض من الوزن وقبل عملية الوزن بساعة لم يكن الوزن المطلوب متوفرا مما حتم الجري من جديد وفي كل هذا يتحمل المدرب فوزي الخرازي أوزار ما حصل وإقالته واجبة ولو أصبح شقيقه على رأس الجامعة ومن يروم التغطية على هذه الاخلالات فهو ابعد ما يكون عن الائتمان والأمانة. خروج الخرازي من المصارعة ومعه بن عمر من رفع الأثقال لا بد أن يتم اتخاذ القرار في خصوصه عن عجل... ولا يمكن أن ننتظر قسم الحكومة ليتولى الوزير أو الوزيرة القرار فهو من مشمولات جامعة الاختصاص وبموافقة من إدارة النخبة التي تعلم أدق التفاصيل... ومثل هذه الأخطاء تنم عن غياب التقاليد في الرياضة التونسية والأخطر من كل هذا غياب الإدراك بجسامة المسؤولية ومنها ما ولد الأخطاء القاتلة كتلك التي قتلت حظوظ الرباع بن هنية ووأدت حظ المصارع السعداوي الذي من خلال متابعتنا لمهزلة الوزن كنا على يقين ان هزيمته وشيكة لا محالة... والأمر يجرنا إلى التأطير العلمي لنخبنا في مثل هذه التظاهرات وما نعنيه ليس العلوم الصحيحة فقط بل العلوم الإنسانية أيضا بمشتقاتها وأهمها علم النفس الرياضي. وحتى نفلح في كل هذا لا بد من الاهتمام بعلوم الرياضة التي بعثنا لها مركزا مختصا خلناه الأول في افريقيا فإذا به قريب من التعطيل... فما الذي يجري في رياضتنا... لا معاهد اختصاص معنية بالتنمية الرياضية ولا مخابر تشتغل ولا مراصد ترصد و إدارات فنية تتكفل بالتقييم العلمي إلى متى البعلي؟
وإذا رمنا النجاح فلنا «زهور» تحتاج التأطير العلمي من الان وفي طليعة هؤلاء المبارز فارس الفرجاني ولاعبة التكواندو رحمة بن علي فلكلاهما في العشرين وأبواب طوكيو 2020 مفتوحة أمامهما على مصراعيها. الفرجاني رغم الهزيمة أمام بطل العالم قال بلغة الأبطال «هزموني» قبل بداية النزال جعلوني أخشى بطل العالم لكن أنا من روع هذا البطل من خلال 11 لمسة في وقت تكهنوا فيه بالهزيمة بنتيجة (0 – 15) ورحمة بن علي تحدثت بلغة الواثقة من نفسها أنا لم أخش بطلة العالم وجاريت النسق وفرضت ما أردت أحيانا... وفي جميع الأحوال المستقبل أمامي وما علي إلا مزيد الاجتهاد لأصبح بطلة أولمبية. رحمة أكدت أن البطولة عقلية... وهذا ما تفتقر إليه الرياضة التونسية فهل شمّر أهل علم النفس الرياضي على السواعد ووفروا الوصفة الشافية ؟
لست ادري أين هي فيالق علم النفس الرياضي التي نشطت مثل خلايا النحل في العاب المتوسط تونس 2001؟
هذه جزئية من منظومة طالها التلف ...