وبلال العيفة ونور حضرية ومصعب ساسي بقيادة مدربهم ماهر الكنزاري؟ لكن يبدو انه قد حُكم علينا منذ ذلك التاريخ أن ننتظر ولادة جيل واعد آخر في ظل الخيبات المتتالية وتبيّن أننا لا نحسن استثمار مواهبنا فجيل 2007 تاهت اغلب عناصره في زحام النسيان وبعضها ودّع أجواء المنتخب منذ ذلك الحين وعجز عن إثبات الذات في بقية الأصناف.
يقول المثل التونسي ‹فالكم عند صغاركم› وهو يكاد ينطبق على واقعنا الكروي الحالي فالفشل بات بمثابة علامة مسجّلة في السنة الحالية لمختلف اصناف المنتخبات من الناشئين الى الأواسط وحتى الأكابر الذين علقنا عليهم أمالا كبيرة خاصة في نهائيات كأس افريقيا للأمم في مصر فقد اكتفوا بالمركز الرابع وبأداء خيّب الانتظارات.
فشل جماعي للمنتخبات الشابة
يخطئ من يعتقد ان النتائج ليست من الأهمية بمكان في الأصناف الشابة فهي مهمة الى حد ما حتى تكون تقييما لاداء الساهرين على هذه المنتخبات التي ستكون في يوم ما نواة المنتخب الاول،لكن عندما تتواتر معالم الفشل في أكثر من صنف ضمن المنتخبات الوطنية فذلك يطرح أكثر من نقطة استفهام عن دور الإدارة الفنية ومتابعتها وتقييمها لعمل مدربي هذه المنتخبات.والمؤلم أن التأهل الى نهائيات كأس إفريقيا بات في حد ذاته يعتبر انجازا وتعد سنة 2013 آخر الحصاد بالنسبة الى منتخب الاصاغر حيث تمكن آنذاك من احراز الميدالية البرونزية لكأس العالم التي جرت بالمغرب كما بلغ ثمن نهائي مونديال الإمارات.أما عن منتخب الأواسط فآخر ‹انجازاته› الحصول على البطولة العربية بالأردن في 2012 في حين أن منتخب اقل من 23 سنة بلغ الألعاب الاولمبية لآخر مرة سنة 2004 واكتفى بالدور الأول وفي 2013 حقق المركز الثالث في الألعاب المتوسطية....
يشير التاريخ أن تداعيات الفشل في السنة الحالية لمنتخب الناشئين بدأ في شهر اوت 2018 عندما انقاد المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة إلى الهزيمة أمام نظيره المغربي بنتيجة (1 - 0) في ملعب مصطفى بن جنات بالمنستير في الجولة الختامية من الدورة الإقصائية لاتحاد شمال إفريقيا التي تحتضنها تونس والمؤهلة لبطولة إفريقيا التي ستقام بتنزانيا عام 2019 وضاع بالتالي حلم التأهل الى نهائيات تنزانيا واكتفى منتخبنا بمتابعة مجرياتها على شاشة التلفاز.
ولم يكن منتخب الأواسط أفضل حالا منه فكل الآمال كانت معلقة عليه لضمان مقعد في كأس افريقيا في النيجر التي جرت في شهر فيفري المنقضي لكنه خسر كل اماله منذ البداية حيث انسحب من الدور التمهيدي الاول اثر هزيمته امام المنتخب الجزائري.
واختتم المنتخب الاولمبي مسلسل الفشل من خلال عجزه عن اقتطاع ورقة العبور الى نهائيات كأس إفريقيا للأمم في مصر في نهاية السنة الحالية وبالتالي أجهض آمال التأهل الى اولمبياد طوكيو في السنة القادمة (2020) اثر فشله في تدارك هزيمته في ذهاب الدور الثالث والاخير من تصفيات كـأس إفريقيا لأقل من 23 سنة أمام المنتخب الكاميروني بهدف لصفر واكتفائه بالفوز (2 - 1) في مباراة الإياب.
ولا يمكن المرور دون الحديث عن مسيرة منتخب الأكابر في كأس إفريقيا للأمم فرغم الاتفاق السائد في الشارع الرياضي على ان زملاء يوسف المساكني لم يكونوا في أفضل حالاتهم في نهائيات ‹كان› مصر في الصائفة الماضية حتى مع بلوغ المركز الرابع فإن أهل القرار في الجامعة التونسية لكرة القدم يعتبرون الأمر انجازا عظيما لم يتحقق منذ سنة 2000 وغاب عن الجريء أن منتخب 2004 بنسخة حمودة بن عمار في رئاسة الجامعة والفرنسي روجي لومار على رأس الإطار الفني دخلا التاريخ من خلال تربع تونس لأول مرة في تاريخها على عرش القارة السمراء.
المال لا يصنع وحده النجاح...
في شهر ماي المنقضي عقدت الجامعة التونسية لكرة القدم جلستها العامة التقييمية واستغلت الفرصة لإصدار نشرية ضمنتها منذ صفحتها الافتتاحية ما اعتبرته ابرز ‹انجازاتها› وفي صدارتها حسب النشرية المذكورة: «تصنيف المنتخب التونسي الاول عربيا والثاني إفريقيا من قبل الهياكل الرياضية الدولية الرسمية وارتفاع حجم الميزانية إلى حوالي اربع اضعاف في سبع سنوات وتحطيم الرقم القياسي للتعيينات الدولية للحكام التي بلغت 48 تعيينا سنة 2018 في حين لم تتجاوز 33 تعيينا على امتداد 5 سنوات كاملة».
واذا تميز تصنيف المنتخب الوطني عالميا فإن ذلك يأخذ بعين الاعتبار عديد المعايير بما فيها المباريات الدولية اما المشاركات الرسمية والتي يحفظها التاريخ فغالبا ما يمرّ فيها منتخبنا بجانب الحدث او يكون الأداء كارثيا على غرار نهائيات كأس العالم في روسيا في صائفة 2018 او كأس افريقيا للأمم 2019.اما فيما يتعلق بمضاعفة الميزانية باربعة أضعاف في 7 سنوات فذلك رقم ليس ذا أهمية ما لم يقترن باستثمار هذه الموارد في تطوير اداء ونتائج المنتخبات فالجامعة ليست مؤسسة اقتصادية لنحاسبها على ما تحققه من فوائض في الميزانية او مضاعفتها بل أن نتائج المنتخبات في المحافل الإقليمية والقارية والدولية هي السبيل الأول لتقييم أدائها وهو ما تفتقده ...الم يكن من الأجدى ضخ هذه الأموال لانتداب إطارات فنية قادرة على رفع التحدي في هذه المنتخبات الشابة وعدم اعتبارها عجلة خامسة يكافأ بها هذا المدرب أو ذاك من أهل القرار؟.
المنتخب الاولمبي على سبيل المثال لم يعرف الاستمرارية في السنوات الأخيرة فقد تداول على تدريبه اكثر من مدرب بدءا من عمّار السويح ونزار خنفير مرورا بماهر الكنزاري وشكري الخطوي وصولا الى فريد بن بلقاسم الذي قد تنسب إليه الجامعة فشل المنتخب في المرور الى نهائيات كأس إفريقيا لأقل من 23 سنة ومنها الى الألعاب الاولمبية بطوكيو 2020 وهو ما يجعلنا نقر بأن الجامعة تتعامل مع منتخبات الشبان كمخبر لتجربة المدربين ويظل المتضرر الأكبر فيما بعد المنتخبات بكل أصنافها لتعيش في دوامة الفشل.