ومن قال إن الساحرة المستديرة ستعيد الحياة الى شوارع العاصمة بعد أن فقدت شيئا من حركيتها في الفترة الماضية؟ ليلة الخميس الماضي كانت ليلة مشهودة انتشى فيها الجمهور التونسي بنجاح المنتخب الوطني في بلوغ المربع الذهبي لكأس إفريقيا التي تقام بمصر الى حدود 19 من الشهر الحالي بعد الفوز على منتخب مدغشقر بثلاثية نظيفة حملت توقيع كل من الفرجاني ساسي، يوسف المساكني ونعيم السليتي ليضرب نسور قرطاج موعدا مع المنتخب السينغالي في نصف النهائي غدا الأحد بداية من الخامسة مساء بملعب الدفاع الجوي.وشهدت مباراة ملعب السلام بين المنتخب الوطني ونظيره الملغاشي ضمن ربع نهائي المسابقة انتفاضة نسور قرطاج ونجاحهم في تحقيق أول فوز في الدورة الحالية بعد 4 تعادلات في الدور الأول لم يرض فيها الأداء جمهورهم وبعد التأهل الى ثمن النهائي بضربات الترجيح مرّ زملاء يوسف المساكني الى السرعة الثالثة حيث وضعوا حدا لأحلام المنتخب الملغاشي في بلوغ دور متقدم في أول مشاركاته ولعل النجاعة التي غابت في المواجهات السابقة حضرت بقوة في مباراة دور الثمانية لتعيد نسور قرطاج الى المربع الذهبي بعد غياب ناهز عقدا ونصف. وأعاد الفوز والتأهل إلى نصف النهائي سيناريو الفرحة الهستيرية بمناسبة التتويج بلقب دورة 2004.
تأهل بعد غياب 51 سنة
نجح المنتخب الوطني في التأهل الى المربع الذهبي لكأس إفريقيا للأمم ليضرب موعدا مع نظيره السينغالي في نصف النهائي المقرر إقامته يوم غدا الأحد بداية من الخامسة مساء. وجدد نسور قرطاج العهد مع المربع الذهبي بعد غياب ناهز 15 سنة ذلك أن آخر مرة كان فيها منتخبنا ضمن «الأربعة الكبار» تعود الى دورة 2004 التي انتظمت ببلادنا وتوج خلالها زملاء زياد الجزيري آنذاك باللقب. وتجدر الإشارة إلى أن المنتخب التقى خلال ربع نهائي دورة 2004 المنتخب السينغالي في ربع النهائي وتمكن من إزاحته بفضل هدف جوهر المناري قبل أن يصطدم بعقبة المنتخب النيجيري في نصف النهائي ويفوز عليه بضربات الترجيح (5 - 3) بعد نهاية المواجهة في وقتيها الأصلي والإضافي بالتعادل بهدف لمثله.
وحقق منتخبنا العبور إلى المربع الذهبي للمرة السابعة في تاريخه بعد دورة 1962 التي احتل خلالها المركز الثالث، دورة 1965 حيث كان الوصيف، دورة 1978 حيث حصد المركز الثالث في دورة 1996 التي خاض فيها النهائي امام جنوب افريقيا لكن الفوز كان من نصيب منتخب «البافانا بافانا». وبعد 4 سنوات وتحديدا في دورة 2000 نجح نسور في بلوغ نصف النهائي لكنهم اكتفوا بالمركز الرابع، وتبقى نسخة تونس 2004 اخر مرة يصعد فيها منتخبنا الى نادي «الأربعة الكبار» ويتربع على عرش القارة السمراء ليستمر الجفاء 15 سنة كاملة تمكن بعدها من التأهل الى ربع النهائي في الدورة الحالية بعد بداية متعثرة ثم تدارك في نسق تصاعدي. وتجدر الإشارة الى أن منتخبنا لم يتسن له تجاوز عقبة ربع النهائي في دورات 2006 و2008 و2012 و2015 و2017، بينما اكتفى بالدور الاول في 2010 و2013.
الفوز 32 في «الكان»
تمكن المنتخب الوطني من تحقيق الفوز رقم 23 خلال 73 مباراة خاضها في إطار كأس إفريقيا للأمم. وجددت عناصرنا الوطنية العهد مع الانتصارات بعد5 مباريات لم تعرف خلالها طعم الفوز إذا ما اعتبرنا المباريات الثلاث ضمن الدور الأول من النسخة الحالية ولقاء ثمن النهائي ضد غانا إضافة الى مباراة ربع النهائي في الدورة الماضية 2017 أمام بوركينا فاسو والتي انهزمت فيها عناصرنا الوطنية بهدفين لصفر ليعود آخر فوز في نهائيات كأس إفريقيا لتاريخ 23 جانفي 2017 ضمن الجولة الثالثة من الدور الأول وذلك على حساب الزيمبابوي بنتيجة (4 - 2).
ونجح نسور قرطاج في المحافظة على عذارة شباكهم في ربع النهائي للمرة الأولى منذ دورة 2004 حيث فازوا آنذاك على السنغال بهدف لصفر. أما في دورة 2006 فقد تعادلوا (1-1) مع نيجيريا لترجح ضربات الجزاء كفة النسور الخضراء بنتيجة (6 - 5). في دورة 2008، انهزم المنتخب في ربع النهائي أمام الكاميرون (3 - 2) وفي نسخة 2012 واجه نفس المصير أمام غانا (2 - 1) وبنفس النتيجة انهزم في دور الثمانية من نسخة 2015 أمام غينيا الاستوائية. أما في دورة 2017 فقد تكبد هزيمة بثنائية نظيفة ضد منتخب بوركينا فاسو.
وتمكن منتخبنا بمعية المنتخب الجزائري الشقيق من بلوغ المربع الذهبي للنسخة الحالية دون هزيمة في حين انهزم منتخب السنغال في الدور الأول أمام «محاربي الصحراء» في حين تكبد منتخب نيجيريا الهزيمة أمام منتخب مدغشقر.
هدف بعد تسلل لكنه حرّر الاقدام
بسط المنتخب الوطني سيطرته على المنتخب الملغاشي منذ الدقائق الاولى من المواجهة رغم التكتل الدفاعي الذي لعب به المنافس وحرم زملاء يوسف المساكني من ايجاد المساحات لنسج عملياتهم الهجومية وهو ما جعل اللعب ينحصر في منطقة وسط الميدان ومع طريقة اللعب التي اعتمدها المنتخب الملغاشي والمحاصرة اللصيقة التي فرضها على مفاتيح اللعب في تشكيلة المدرب الفرنسي ألان جيراس فإن عناصرنا الوطنية وجدت صعوبة في فرض أسلوبها وبناء عمليات هجومية سريعة لتنتهي الفترة الاولى بتعادل سلبي. وكانت انطلاقة الـ45 دقيقة الثانية قوية من نسور قرطاج حيث سجل وهبي الخزري هدفا ألغاه الحكم بداعي التسلل ويبدو أنه كان بمثابة الدافع الذي حرر الأقدام وفتح الباب أمام النجاعة الهجومية لنسور قرطاج يعد تتالي المحاولات وتأكيد الأفضلية الميدانية لينجح متوسط الميدان الفرجاني ساسي في افتتاح النتيجة في الدقيقة 52 اثر تمهيد من يوسف المساكني وتسديدة أرضية من محترف الزمالك غالطت الحارس الملغاشي بمساعدة من نيران صديقة بما أن الكرة اصطدمت بأحد المدافعين. ولم تمض 8 دقائق حتى تمكن يوسف المساكني من مضاعفة النتيجة ليبعث الطمأنينة في صفوف انصار «نسور قرطاج» وانهى محترف ديجون الفرنسي، نعيم السليتي مهرجان التهديف في الدقيقة 90 + 3 اثر تمهيد من وهبي الخزري. وكان المنتخب قادرا على الفوز بنتيجة اعرض لولا عدم دقة بعض المحاولات وتألق الحارس الملغاشي في صد أكثر من فرصة...
رباعي تونسي في التشكيلة المثالية لربع النهائي
شهدت التشكيلة المثالية للدور ربع النهائي من كأس إفريقيا سيطرة تونسية من خلال وجود رباعي تونسي ضمنها ويتعلق الأمر بقائد المنتخب يوسف المساكني الذي تحصل على أفضل عدد في التشكيلة وهو 8.6 كما سجلت وجود كل من وهبي الخزري وفرجاني ساسي وياسين مرياح إضافة الى ثنائي من المنتخب الجزائري ويتعلق الامر بالحارس رايس مبولحي وزميله سفيان فيغولي.
الفرجاني ساسي رجل المباراة
تم اختيار متوسط الميدان الفرجاني ساسي أفضل لاعب في مباراة المنتخب الوطني مع نظيره الملغاشي التي جرت ليلة الخميس ضمن ربع نهائي كأس افريقيا للامم. وقدّم ساسي اداء متميزا في المباراة وأحرز الهدف الأول للمنتخب في الدقيقة 52. وعبر متوسط ميدان الزمالك المصري عن سعادته بفوز نسور قرطاج وتأهلهم إلى الدور نصف النهائي مضيفا: «أهدي هذا الانتصار المستحق إلى الشعب التونسي. حققنا الفوز عن جدارة رغم أننا لم نتمتع بالوقت الكافي للراحة». ذلك ان كتيبة الان جيراس خاضت يوم الاثنين مواجهة قوية مع المنتخب الغاني ضمن ثمن النهائي استمرت 120دقيقة ولم تحسمها الا ضربات الترجيح.
التأهل يرفع سقف الطموحات
قبل بداية المشاركة التونسية في كأس إفريقيا للأمم، رفض المدرب الفرنسي ألان جيراس وضع حد لسقف طموحات نسور قرطاج في «الكان» واعتبر البعض ذلك هروبا من تقديم وعود للجمهور قد تضعه في المحاسبة لو لم تجر رياح النتائج بما اشتهاه. لكن يبدو أن نجاح المنتخب في التأهل الى المربع الذهبي جعل العجوز الفرنسي ينتشي ويرفع من سقف الطموحات إلى التتويج باللقب القاري وقال جيراس في تصريحات إعلامية عقب مباراة مدغشقر: «سننافس بقوة على لقب كأس الأمم الإفريقية، خاصة وأننا أصبحنا على بعد خطوات من التأهل إلى المباراة النهائية للبطولة القارية. سنخوض مواجهة قوية أمام السنغال في المربع الذهبي، ولابد من الاستعداد الجيد لتلك المباراة، خاصة أن المنافس يضم مجموعة متميزة من اللاعبين». مضيفا: «المنتخب الملغاشي كان خصما عنيدا خلال في بعض الفترات من المباراة، خاصة وأن الشوط الأول انتهى بالتعادل السلبي، لكننا نجحنا في التعامل مع اللقاء بشكل جيد خلال شوط المباراة الثاني، لنحسم اللقاء لصالحنا». واختتم جيراس تصريحه: «قدم اللاعبون واحدة من أفضل مبارياتهم ببطولة كأس الأمم الإفريقية، وهو ما سيمثل لنا دافعا لمواصلة التألق في العرس القاري».
4 رحلات إضافية لجمهور المنتخب
قررت الخطوط التونسية برمجة 4 رحلات جوية اضافية لتأمين نقل مشجعي المنتخب الوطني الراغبين في التحول الى مصر لمساندة نسور قرطاج في مباراة الدور نصف النهائي لكأس إفريقيا للأمم غدا الأحد أمام منتخب السنغال بداية من السادسة مساء عقب فوز زملاء يوسف المساكني في ربع النهائي على المنتخب الملغاشي بثلاثية نظيفة.
وجاء هذا القرار بطلب من رئيس الحكومة يوسف الشاهد،وتفاعلت سفارة مصر في تونس مع هذا القرار وقررت تقديم كافة التسهيلات لمنح الجماهير التونسية، تأشيرة دخول مصر في وقت قياسي.
تصريح مستفز من الحاج ضيوف
أدلى الحاجي ضيوف المهاجم السابق للمنتخب السنغالي بتصريح إعلامي تحدث فيه عن حظوظ «اسود التيرنغا» في مباراة نصف النهائي التي ستجمعهم غدا بالمنتخب الوطني. وجاء تصريح ضيوف مستفزا ذلك انه استنقص من قيمة نسور قرطاج عندما اعتبر أن مهمة منتخب بلاده ستكون سهلة وقال الدولي السنغالي السابق: «مهمة السنغال تبدو سهلة أمام تونس، نظرا إلى أن منتخب «أسود التيرنغا» تخطى أوغندا وبنين بسهولة، أما تونس فقد عانت أمام غانا قبل تخطيها بركلات الترجيح ثم فازت بسهولة على مدغشقر».
ويبدو أن الحاجي ضيوف غاب عنه أن أداء المنتخب الوطني شهد نسقا تصاعديا وكانت مباراة غانا فرصة ليظهر وجهه الحقيقي وأكد ذلك أمام مدغشقر لكن من المحتمل أن ضيوف لا يزال يشعر بالمرارة من سيناريو نهائيات 2004 عندما أزاحهم نسور قرطاج من ربع النهائي.
لطفي القادري (مدرب): «اللاعبون اهتدوا إلى ثوابتهم التكتيكية في لقاء مدغشقر وقادرون على تجاوز عقبة السنغال...»
«يمكن القول إن منتخبنا قدّم واحدة من أحسن المباريات على المستوى التكتيكي حيث وجد اللاعبون الثوابت التكتيكية مع تنظيم دفاعي جيد مكّن المنتخب من تحقيق انتصار عريض ومستحق رغم وجود بعض السلبيات في ظل غياب السرعة في البناء الهجومي ووجود بعض الأخطاء الفنية دون ان ننسى غياب الفاعلية على مستوى الأروقة لكنها جزئيات بالإمكان تجاوزها قبل مباراة الغد. نواجه المنتخب السنغالي وهو واحد من ابرز المنتخبات الإفريقية لذلك تبدو كل الفرضيات مطروحة في المواجهة المنتظرة وقد يلعب العامل الذهني دورا كبيرا في تحديد الفائز في ظل الضغط الكبير الذي سيكون مسلطا على اللاعبين...لكن منتخبنا قادر على تجاوز عقبة «اسود الترينغا» شريطة إصلاح بعض الأخطاء حيث من الضروري ان يتحلى لاعبو الارتكاز بالسرعة المطلوبة في التحول من الحالات الدفاعية الى الحالات الهجومية كما أنه على لاعبي الخط الأمامي استغلال الفرص المتاحة فمن المؤكد ان مواجهة الغد ستكون صعبة ولن تتوفر فيها الفرص السانحة للتهديف بكثرة على غرار لقاء الدور ربع النهائي أمام مدغشقر. من الصعب التكهن بالنتيجة النهائية لمباراة الغد لكن اعتقد انها لن تشهد عددا كبيرا من الأهداف والفريقان يتقاسمان نفس الحظوظ في الفوز».