وهي ظاهرة تفشّت في المواسم الأخيرة بعد أن كان طموح اللاعب التونسي في وقت ليس بالبعيد أن يشقّ خطاه نحو تجربة احترافية أوروبية وينهل من بحور الاحتراف الحقيقي بعيدا عما تقدمه بطولتنا من مظاهر الخروج عن النص.
لكن عوض أن يزيد عدد سفرائنا في دوريات القارة العجوز على أمل نحت مسيرة ناجحة تضاهي تألق الأسماء العربية على غرار محمد صلاح مع ليفربول ورياض محرز في مانشستر سيتي والمهدي بن عطية في جوفنتس...فإن الأسماء التي أصبحت تشد رحالها الى أوروبا تعد على أصابع اليد الواحدة بل صرنا نفرح حتى وان تعلق الأمر بفرق أوروبية مغمورة، فالمهم ان لا تقبر مواهبها في بطولات «البترودولار» بحثا عن الأموال الطائلة. الفترة الأخيرة شهدت التحاق أكثر من لاعب تونسي بالبطولة السعودية بمختلف درجاتها على غرار رامي البدوي في الفيحاء وغازي عبد الرزاق بأُحد وزياد العونلي بالباطن وأخيرا زياد الزيادي بنادي النهضة ليرتفع التمثيل التونسي في السعودية.
21 وافدا جديدا وبعقود قصيرة المدى
شهدت فترة الانتقالات الشتوية الأخيرة التحاق 12 لاعبا بالأندية السعودية وانضموا الى الجالية التونسية الموجودة في الملاعب الخليجية بداية بلاعب النجم الساحلي عمر زكري ووصولا الى متوسط نادي حمام الأنف زياد الزيادي والملاحظة الأبرز أن جل العقود لفترة قصيرة المدى لا تتجاوز 6 أشهر الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن الإضافة الحاصلة فهل يمكن للاعب في هذه الفترة الوجيزة ان يحقق اندماجه في الفريق ويفتك مكانه ويصبح عنصرا قارا في المجموعة؟ واي مصير ينتظره بعد نهاية هذه الفترة؟...أسئلة عديدة تتبادر الى الأذهان تبحث عن اجابات واضحة وفي انتظار ذلك هذه قائمة اللاعبين الذين التحقوا بالبطولة السعودية في الميركاتو الشتوي الحالي:
- عمر زكري متوسط ميدان النجم الساحلي التحق بنادي نجران السعودي على سبيل الاعارة لمدة 6 أشهر.
- رامي البدوي مدافع النجم الساحلي انتقل الى نادي الفيحاء السعودي بإعارة لـ6 أشهر.
- منتصر خمير حارس اتحاد تطاوين انضم الى نادي القيصومة السعودي في شكل انتقال حر.
- أحمد العكايشي مهاجم النجم الساحلي التحق بالاتفاق السعودي لمدة 6 اشهر مع أولوية التجديد بموسم.
- زياد العونلي مهاجم النادي البنزرتي انضم الى نادي الباطن السعودي لمدة 6 اشهر على سبيل الاعارة.
- علاء الدين عباس لاعب نجم المتلوي انتقل إلى نادي النهضة السعودي لمدة 6 اشهر مع أولوية التجديد بموسم.
- نوفل اليوسفي المهاجم السابق لاتحاد تطاوين انضم إلى صفوف نادي الرياض السعودي لمدة 6 أشهر.
- وائل الشهايبي لاعب الشبيبة القيروانية التحق بنادي الوطن السعودي لمدة6 أشهر.
- غازي عبد الرزاق لاعب النجم الساحلي انتقل إلى صفوف نادي أحد السعودي لموسم و نصف.
- أيمن الكثيري اللاعب السابق للملعب التونسي ينتقل إلى صفوف نادي حطين السعودي لمدة 6 أشهر.
- خلدون منصور اللاعب السابق للملعب القابسي ينضم إلى صفوف نادي الدرعية السعودي لمدة 6 اشهر.
- زياد الزيادي اللاعب السابق لنادي حمام الانف يتحول إلى النهضة السعودي لمدة 6 اشهر.
أهداف مالية ولكن ليست رياضية
من المؤكد أن الدوريات الخليجية عامة والسعودية خصوصا بدأت تشهد تطورا في السنوات الأخيرة بفضل توفير كل إمكانيات النجاح ولكن رغم ذلك فلاشيء يفسّر استفحال هجرة لاعبين لا يزالون في أوج العطاء الى هذه البطولات، لوكان الأمر يتعلق بلاعب في نهاية مسيرته الكروية يريد أن يظفر ببعض الأموال قبل الاعتزال لأستوعبنا ذلك لكن أن نرى لاعبين واعدين في فرقهم وفي المنتخب يختارون الوجهة الخليجية فهذا أمر غير مفهوم سيعود بالوبال عليهم ويكفي ان نفتح ملف يوسف المساكني الذي خير في اوج عطائه الالتحاق بالبطولة القطرية وقيل آنذاك أنها قاطرة عبور نحور أوروبا وتتالت السنوات دون جديد قبل أن يحاول اللاعب طرق باب تجربة انقليزية مع برايتون وكارديف سيتي لكن مسعاه مُني بالفشل ليحول وجهته نحو فريق اوبن البلجيكي المنضوي تحت لواء أكاديمية اسباير. الثابت أن الهدف الأساسي الذي يحرك اختيار هذه الوجهة مادي بالاساس وليس بحثا عن الاضافة الفنية او تطوير الامكانيات فجل الاسماء التي اختارت البطولة السعودية كانت تنتمي الى اندية عريقة تنافس على مختلف الواجهات على غرار الترجي الرياضي والنادي الافريقي والنجم الساحلي، لكن بحديث الارقام والاموال فإن ما يناله اللاعب في عدة مواسم في هذه الفرق من اجور ومنح وامتيازات قد لا ينفق اكثر من موسم واحد ليناله في السعودية ولعل ما يشجعه ويمهّد له ارضية الاختيار ان يرى ما يحصل عليه زملاؤه السابقون من بطولات «البترودولار». وباتت الاندية ايضا تجد ضالتها في العروض الخليجية لضمان بعض الموارد الاضافية على غرار النجم الساحلي الذي سيستفيد من التفويت في كل من عمر زكري الى نجران السعودي ورامي البدوي الى الفيحاء لمدة 6 اشهر على سبيل الاعارة.
محدودية المستوى تعني حتما محدودية الاختيارات
نتبقى الملاحظة الأبرز ونحن نرى بعض الأسماء التي التحقت مؤخرا بالبطولة السعودية على غرار زياد الزيادي الذي انتدبه نادي النهضة السعودي صحبة علاء الدين عباس وخلدون منصور اللاعب السابق لمستقبل قابس الى نادي الدرعية ومنتصر خمير حارس اتحاد تطاوين سابقا الى نادي القيصومة وقبلهم عمر زكري الى نادي نجران ويوسف الفوزاعي الى نادي العدالة وأيمن الكثيري اللاعب السابق للملعب التونسي ...ان جل هذه الفرق لا تنتمي الى دوري الأضواء في السعودية بل هي اندية مغمورة ورغم ذلك بات اللاعبون يتوافدون عليها بكثافة الى درجة تدعنا تتساءل عن سر هذا الاختيار. الإجابة ابعد ما تكون عن التعقيد ففي ظل غياب التكوين القاعدي على أسس صحيحة لا يمكن أن ننتج لاعبين قادرين على افتكاك مكان في البطولات الأوروبية والمشاركة الأخيرة في مونديال روسيا 2018 زادتنا اقتناعا بذلك. اللاعب التونسي لا يتمتع بروح المثابرة وقوة الشخصية التي تخول له رفع التحدي ومواجهة الصعوبات في بطولات القارة العجوز بل تكوينه الهش يجعله يرمي المنديل ويعود أدراجه عندما تبدأ بوادر الفشل في الظهور لذلك يجد ملاذه في دوريات خليجية لا تتطلب منه بذل مجهود كبير لفرض الذات مقارنة بأوروبا دون أن ننسى تأثير بعض السماسرة سعيا الى ضمان سيولة اكبر دون الاهتمام بالمستقبل الكروي للاعب.
أمام هذا الزحف المستمر على بطولات الخليج وبعض فرقها المغمورة وإذا كانت الفائدة المادية حاصلة للاعب والأندية أليس من المفروض ان نطرح إشكالية الإضافة المنتظرة للمنتخب الوطني أم أنه آخر الاهتمامات متى حضرت الماديات؟.