تتويج المنتخب الوطني ببطولة افريقيا في 2017 ونجاحه في تحقيق هدف التأهل الى كاس العالم بالصين 2019 قبل جولة من نهاية المرحلة الثانية للتصفيات ورغم ذلك لا تحظى هذه الرياضة بنفس الاهتمام الذي تجده كرة القدم رغم ما يغيب عن هذه الأخيرة من فرجة ومتعة حلّت محلها مشاهد العنف والفوضى وطغت الحسابات والاحتجاجات وحتى الشبهات على البطولة.
أصدر الاتحاد الدولي الترتيب النهائي للمنتخبات التي شاركت في النسخة الـ 19 والأخيرة من بطولة العالم التي دارت مشاركة بين ايطاليا وبلغاريا وانسحب منها عناصرنا الوطنية أنهت مشاركتها في هذا المونديال في المركز 23 وقبل الأخير متقدمة بمركز على متذيل الترتيب منتخب الدومينيك الذي كانت مشاركته في هذا المونديال الثانية في تاريخه.
غادر المنتخب الوطني المونديال الأخير مبكرا رغم الامال التي كانت معلقة عليه في تقديم نتائج طيبة وبلوغ الدور الثاني للمرة الثانية في تاريخه بعد 2006 بما أن الفرصة كانت مواتية أمامه للمحاولة ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان بما أنه تعثر في أول خطوة وانقاد إلى هزيمة مخجلة أمام الكامرون الذي أنهى المونديال الأخير في المرتبة 19 ثم انقاد الى هزيمة ثانية أمام أستراليا التي أنهت في المركز 14، تلك الهزيمة أمام الكامرون بان بعدها بالكاشف أن المنتخب مازال ينتظره الكثير من العمل وأن الكرة الطائرة التونسية لم تتعاف بعد من مخلفات اخفاقات المواسم الأخيرة وأن اللقب القاري الذي أحرزته عناصرنا الوطنية في أكتوبر 2017 لا يمكن أن يحجب النقائص الموجودة ويميط اللثام عن ملفات لا بد من الحسم فيها قبل فوات الأوان.
ستلقي هزيمة الكامرون بظلالها على المنتخب في قادم الأيام والمسابقات بما أنه بات منافسا عتيدا ويجب أن يقرأ له ألف حساب وحساب بفضل القيمة الفنية والبدنية التي تتوفر لدى كل عناصره وسيكون عقبة أخرى أمام عناصرنا الوطنية بعد المنتخب المصري في كل منافسة قارية ومهمة الحفاظ على اللقب قد تكون صعبة في «كان» 2019 ما لم تتحرك الجامعة وتجد الحلول المناسبة مبكرا وما لم تقم بتقييم موضوعي للمشاركة الأخيرة في المونديال وتقف بجدية على مجمل الأخطاء التي كانت أساسا وراء هزيمة الكامرون بما أن الهزائم الأخرى تبقى منطقية فالمقارنة لا تجوز مع صربيا وكذلك روسيا بطلة أوروبا وحاملة الرقم القياسي والولايات المتحدة الأمريكية التي أنهت المونديال الأخير في المرتبة الثالثة.
هل يعاد فتح ملف الإحتراف؟
ظهر جليا أن ما ينقص المنتخب هو لاعب له خبرة ومحتك بتجارب خارج البطولة الوطنية المتوسطة المستوى أو أقل لا غير كما ما هو موجود في الكامرون فالمجموعة التي شاركت في المونديال الأخير قدمت ما يمكن تقديمه في اطار ما يتوفر لديها من إمكانات، مجموعة كان بإمكانها الأفضل لو أن الجامعة نسجت على خطى بقية منتخبات العالم ومكنت اللاعبين من فرصة الإحتراف فما يحدث في البطولة الوطنية يمكن اعتباره استثناء فمن غير المعقول أن يرتبط لاعب بفريق لثلاثة عشرة سنة ولا يسمح له بالمغادرة إلا بعد سن الثلاثين مما لن يمكنه حينها من أية فرصة للتواجد في فريق أجنبي.. هذا الملف الهام تبقى فيه المسؤولية مشتركة بين الأندية والجامعة التي لا يمكن أن تتنصل من المسؤولية وتلقي اللوم على الفرق بما أنها هي المسؤول الأول عن الكرة الطائرة التونسية وهي الوحيدة القادرة على تغيير القوانين البالية بخصوص انتقالات اللاعبين وملف الإحتراف والمطالبة في المقام الأول بالتفكير في مصلحة المنتخب دون سواه.
اجبر في السابق أكثر من لاعب «نجم» على مواراة أحلامه على الرغم من ان النجاح كان في انتظاره واليوم أكثر من عنصر من المجموعة الحالية في المنتخب على غرار خالد بن سليمان ومروان المرابط وحمزة نقة وعلي بنقي قد يلقى المصير ذاته ما لم تتعامل الجامعة بجدية مع الملف وتقنع الفرق بتغيير ما يمكن تغييره في قوانينها فالاقتداء بما هو ايجابي يبقى مفيدا والمحاولة لن تضر في شيء والمنتخب الكامروني يبقى مثالا يحتذى فهل يفتح الملف مجددا؟
مسؤولية مشتركة
يبقى ما يحدث في كل المنتخبات وأساسا الأكابر منها مسؤولية مشتركة بين كل الأطراف من فرق وجامعة وإطار فني فالابتعاد وعدم المشاركة في المسابقات العربية والإفريقية هو بالأساس ما ساهم في ما وصل إليه المنتخب اليوم بما أن الفرق الممولة له ابتعدت في المواسم الأخيرة خاصة عن بطولة إفريقيا للأندية البطلة لكن سيطرت في المقابل الفرق المصرية على ألقابها وأيضا على البطولة العربية التي كشفت في نسختها الأخيرة عن البون الشاسع الذي بات موجودا بين أندية البطولة الوطنية ونظيرتها في الخليج، تخلف الفرق عن هذه المسابقات يبقى منطقيا بما أنه سيكلفها الكثير ماديا ولكنه لن يخدم مصلحة المنتخب الذي يبقى لاعبوه في حاجة الى أكثر من تجربة ولو على هذا المستوى بما أن الفرصة لن تتاح إليهم خاصة في ظل القوانين المنظمة حاليا.
تبقى عودة الفرق للمشاركة في مختلف المسابقات أمرا مطلوبا وللمنتخب أيضا الذي لا بد من أن يكون متواجدا في النسخة المقبلة من البطولة العربية من ناحية أولى لاستعادة اللقب الغائب عنه منذ 2013 ومن ناحية ثانية لتحقيق فوز جديد أمام المنظم المنتخب المصري حتى يثبت أحقيته باللقب القاري الذي غنمه أمامه وفي مصر بالذات فالهروب وعدم المشاركة بتعلة الأمور المادية يبقى مرفوضا ومن يريد البناء للأفضل وللغد عليه ان يشرع في الإعداد منذ اليوم.
هل يستحق»جاكوب» فرصة ثانية؟
توج منتخب الأواسط منذ أيام باللقب القاري على حساب المنتخب المصري بقيادة مدربه الشاب مروان الفهري الذي أكد مجددا وعلى غرار مدربينا الشبان المتواجدين في مختلف البطولات الأجنبية أن المدرب التونسي يستحق فرصة وأنه قادر على النجاح كل ما اتيحت له،»الفهري» كسب الرهان في الوقت الذي انقاد فيه منتخب الأكابر الى هزيمة مذلة أمام الكامرون مع الإيطالي «أنطونيو جاكوب» الذي مازال الى حد الان لم يقدم أية إضافة إلى مجموعة وجدها جاهزة من كل النواحي وبرهن أن النتائج التي خرج بها مع سعيدية سيدي بوسعيد والنادي الصفاقسي لم تكن من محض الصدفة.
يستحق أكثر من مدرب شاب فرصة التواجد على رأس الإطار الفني لمنتخب الأكابر بما أن الكرة الطائرة التونسية في حاجة اليوم الى كفاءاتها التي ما انفكت تؤكد جدارتها في كل مرة، «جاكوب» وبعد حصول المنتخب على اللقب القاري العام الماضي غادر الى موطنه وظل هناك لأشهر ولم يتابع لا اللاعبين ولا المباريات ولا منتخبات الشبان بل تمتع في المقابل بعقد لستة أشهر كلف الجامعة قرابة مائة وعشرون ألف دينار كان بالإمكان استغلالها في الأهم واليوم ستجدد معه التجربة الى ما بعد «كان» 2019 ومنحته فرصة ثانية هو في الواقع لا يستحقها في خطوة لا أحد يعرف الى أين ستسير بالمنتخب.. جراية «جاكوب» الذي سيكون مع المنتخب فقط مع انطلاق تحضيراته لـ»الكان» المقبلة التي مازال يفصلنا عنها قرابة العام يمكن ان توفر موارد اضافية تستغل في التكوين ومراكز النهوض ولتحضيرات بقية المنتخبات لقادم الإستحقاقات.. الجامعة ستكتفي بالإيطالي رغم كل ما حصل والفرصة لن تعطى لأي مدرب شاب لا الفهري ولا حفيظ ولا غيرهم بدعوى انه الأنسب.. للتذكير فان اللقب القاري الأخير لمنتخب الاكابر كان نتاجا لسنوات من العمل من الإطار الفني السابق وليس ثمار جهود تحضيرات لشهرين مع «جاكوب».