ة حسابات ثمن النهائي، ماهي إلا ايام معدودة حتى توافدت المنتخبات العربية الى باب الخروج تاركة وراءها اكثر من خيبة وأكثر من نقطة استفهام في نسخة انتظرنا منها المفاجآت خاصة انها المرة الأولى التي شهدت مشاركة 4 منتخبات عربية في ابرز مسابقة عالمية لكنها كانت صفحة اخرى من صفحات الخيبات العربية.
المشاركة العربية في المونديال كان عنوانها هزائم ونكسات عربية متتالية قبل أن يحقق المنتخب السعودي اول انتصار عربي على نظيره المصري دون اعتبار نتيجة مباراة المنتخب التونسي ونظيره البنمي ...لكنها انتفاضات جاءت بعد فوات الأوان ولن تخفف من أعباء الخيبة التي اشترك فيها الجمهور العربي لتطرح نقاط استفهام عديدة عن أسباب الفشل المتلاحق عن تكرار ما أنجزه المنتخب الجزائري في دورة 2014 وتأهله الى الدور الثاني و المنتخب السعودي في 1994 وقبلهما المنتخب المغربي في دورة 1986، اليوم بات العرب ضيوف شرف يكتفون بتسجيل الحضور وعدم تمديد الضيافة ...
سياسات رياضية فاشلة
من ابرز الأسباب التي يمكن ان تفسر الفارق في المستوى بين اللاعب العربي ونظيره في أوروبا أو أمريكا الجنوبية هو التكوين القاعدي على أسس صحيحة وسليمة وهي عملة مفقودة في العالم العربي حيث الاختيارات في الغالب تحكمها العلاقات والمحاباة وأحيانا تدخل العائلات بثقلها والأموال قادرة على ان تصنع ما تعجز عنه الأقدام وفي خضم ذلك تتوه الأسماء الموهوبة في مستنقع التهميش واللامبالاة والنتيجة لاعبون يفتقرون الى القوة البدنية والمهارات الفنية لا يسعهم المحافظة على الاداء ذاته في مباراتين متتاليتين ولذلك فإن الاسماء العربية التي نجحت في نحت مسيرة متميزة في القارة العجوز تعد على اصابع اليد الواحدة وجلها غادرت بلدانها منذ نعومة اظافرها...وعوض ان تبحث الاندية عن مواطن الخلل وتعمل على إصلاح منظومة التكوين فانها تلجأ الى الحل الأسهل وتنتدب اسماء أجنبية بأموال طائلة لا تجني على خزينتها فقط بل تعود بالوبال على المنتخبات الوطنية ويكفي ان نشير انه ذات موسم كدنا نشهد في تونس أزمة حراس بسبب إقبال الاندية الكبيرة على التعاقد مع حراس أجانب مما اجبر المكتب الجامعي على منع انتدابهم.
غياب التقييم وسياسة كبش الفداء
يعرّف التقييم بأنه نشاط إداري يقيس بدقة مدى تحقيق الأهداف والغايات المطلوبة، ويتمحور حول نشاطين رئيسيين يتابعان عملية التنفيذ، ويرصدان الأخطاء فيها ويقدمان تقريرا بذلك لاتخاذ القرار المناسب بشأنها...اما في الكرة العربية فان القرارات تكون جاهزة قبل الاجتماع التقييمي بفترة وفي الغالب يحمل المدرب على عاتقه أوزار الخيبة ومسؤولية الفشل فهو كبش فداء يدفعه اهل القرار للمحافظة على مواقعهم وإخماد غضب الجمهور عوض عقد جلسة تقييم مع أهل الاختصاص لتحديد اسباب الفشل في تحقيق الاهداف المسطرة لكن عندما يدرك المسؤولون أن النتائج ستضعهم في قفص الاتهام بسبب سوء اختياراتهم وسياستهم الفاشلة فإنهم يسعون حتما الى تجاوز هذه النقطة والنتيجة فشل جديد واقالة جديدة واصل الداء لا يزالون يحافظون على مواقعهم.
العامل الذهني يحظى بدور كبير
ضربت لعنة الدقيقة 90 المنتخبات العربية في مشاركتها العالمية الحالية فالمنتخب المصري خسر مباراته الاولى امام الاوراغواي في الدقيقة 89 وتكرر نفس السيناريو امام المنتخب السعودي والمنتخب المغربي انهزم امام ايران بهدف في الدقيقة 90 + 5 والمنتخب التونسي افلت منه التعادل امام انقلترا في الدقيقة 90 + 1 مما يقيم الدليل على ان المشكل ذهني بالأساس حيث تتفاقم الضغوط مع اقتراب المباراة من نهايتها وتصبح الاقدام مكبلة والعقول تائهة وكلها اسباب تؤدي الى عدم النجاح في مجاراة الدقائق الاخيرة من المباراة. كما يعاني اللاعب العربي من هشاشة ذهنية تعسّر عليه التعامل مع المباراة عندما يكون متأخرا في النتيجة فغالبا ما تنهار المعنويات وتتراجع الامكانيات وتزيد رقعة الهزيمة اتساعا...
الاحتراف ليس مالا فحسب
الاحتراف كلمة يختزلها العرب للاسف في الاموال حيث يسود الظن ان المال قادر على صنع المعجزات ...صحيح ان المال قوام الاعمال لكن اكتمال صورة الاحتراف يتطلب تخطيطا جيدا وتسطير برنامج تحضيرات واضح بعيدا عن الارتجال وقرارات اللحظات الاخيرة، على غرار ما تشهده البطولة التونسية على سبيل المثال من تغيير مواعيد الجولات اكثر من مرة. الاحتراف ايضا يمر عبر انشاء بطولات محترمة يكون فيها التنافس نزيها بعيدا عن لغة الحسابات ولكن في بطولات محلية ضعيفة تسيطر عليها الولاءات والمحاباة ويطوّع فيها التحكيم لخدمة فرق معينة لا يمكن ان ننشد النجاح في المونديال.والمؤسف ان الخيبات تتكرر وسببها معروف لكننا في حاجة الى ثورة رياضية تطيح بالاطراف المتسببة في الفشل المتلاحق.