على خلاف ماعهدناه في الماضي ،فإن الاحتراف التونسي في الدوريات الخليجية ذاع صيته في السنوات الأخيرة ولم يعد محطة ختامية للمسيرة الكروية فالبعض اختاره أول درجة في سلّم الاحتراف مبررا ذلك بأنه سيكون محطة انطلاق نحو السوق الأوروبية لكن اين الحقيقة من الخيال ونحن نرى مواهب كروية خرجت من تونس في عنفوانها فتاهت في ملاعب الخليج وعجزت عن إثبات الذات بل باتت على مشارف أن يلفظها التاريخ الى متاهات النسيان.
المساكني، الشرميطي، الهمامي والقائمة تطول...
عندما وافق يوسف المساكني على الانتقال إلى لخويا القطري منذ 2013 في صفقة حطمت كل الأرقام القياسية عربيا على المستوى المادي (23 مليارا من مليماتنا) لم يكن قراره محل إجماع في الشارع الرياضي فالبعض اعتبر انه اخطأ الاختيار وان محطة لخويا ستؤثر على إمكانياته التي ظهر بها سابقا خاصة مع الترجي الرياضي فيما رأى البعض الآخر أن «النمس» قادر بما يمتلكه من فنيات على المحافظة على نسقه التصاعدي خاصة انه كانت هناك وعود بـأن ينتقل بعد موسم الى باري سان جرمان الفرنسي لكن مرّ الموسم الأول بلا جديد وعقبته مواسم أخرى ليست أفضل منه ففي كل ميركاتو تطفو على السطح أخبار العروض الأوروبية من فرنسا الى اسبانيا لكن يغلق الميركاتو أبوابه وتنتهي معه الإشاعات تاركة المجال لغيرها في المواعيد القادمة ،في الميركاتو الحالي لا يزال المساكني الذي قضى 4 مواسم في البطولة القطرية وتوج مع لخويا بدوري نجوم قطر 2014 و2015، كاس سمو ولي عهد قطر 2013 و2015 وكاس السوبر القطري 2015 ...يبحث عن فريق جديد خاصة مع دمج فريقه لخويا والجيش في فريق واحد تحت مسمى «الدحيل» وبين عرض سالتا فيغو الذي سقط في الماء وما يروج عن عرض اوساسونا الاسباني وقيصري سبور التركي وخروج أهلي جدة من سرب المنافسة على خدمات اللاعب بسبب الأزمة الخليجية فإن اللاعب قد يجد نفسه في بطولة خليجية جديدة أو العودة إلى البطولة التونسية من بوابة الترجي وفي أفضل الحالات قد يكون مآله تجربة مع فريق أوروبي مغمور....
المساكني ليس الاسم الوحيد الذي تاه في زحام الخليج فلا ننسى ابن الشبيبة القيروانية واللاعب السابق للنجم الساحلي أمين الشرميطي الذي تألق مع فريق جوهرة الساحل في رابطة أبطال إفريقيا 2007 وفي مونديال الأندية خلال نفس السنة .في موسم (2008 - 2009) انتقل مهاجم الشبيبة سابقا الى هرتا برلين الألماني في تجربة لم تعمر اكثر من سنة التحق بعدها باتحاد جدة السعودي ورغم عودته إلى الاحتراف الأوروبي من بوابة اف سي زيوريخ و اجاكسيو الفرنسي قبل أن يعود الى طرق باب تجربة خليجية مع العربي الكويتي. ولاننسى أيضا ياسين الشيخاوي الذي لقبوه بزيدان تونس لكن من سويسرا مع آف سي زيوريخ توقفت التجربة الأوروبية وفتح ابن رادس بدوره صفحة الاحتراف الخليجي مع الغرافة القطري ومع تقدمه في العمر (30 سنة) فإن حلم خوض تجربة أوروبية ناجحة قد تحول الى سراب.
القائمة طويلة و الأسماء أكثر من أن تحصى لكن قد ننفض الغبار عن شادي الهمامي الذي تغنى أحباء النادي الصفاقسي بفنياته و عزيمته محليا وقاريا لكنه غادر منذ 2012 الى نادي الكويت قبل ان يلتحق بدبي وبالكاد بات الشارع الرياضي يسمع اخباره...
المال، الانضباط وأشياء أخرى
رغم أن الالتحاق بالبطولات الخليجية يظل أسوء القرارات التي يختارها اللاعب التونسي فهو بمثابة الوجود في مفترق طرق الضوء الوحيد فيه هو إغراءات «البترودولار» فنحن نتفق على أنّ جل الأندية التونسية لا تقدر على توفير أجور منتفخة للاعبين لذلك نجدهم يحرصون على سبر أغوار البطولات الخليجية فهم يتجنبون بذلك عائق اللغة والعادات وما يؤثر على التأقلم ويتمكنون من ضمان عائدات مالية في موسم وحيد تعادل ما يجنونه في 3 أو 4 مواسم في الفرق التونسية تفتح لهم سبل ضمان مستقبلهم المالي.
واختيار الوجهة الخليجية تفرضه عوامل أخرى فاللاعب التونسي يعجز عن الالتزام بدرجة الانضباط في البطولات الأوروبية حبث الخروج عن النص يساوي حزم حقائب الرحيل على خلاف البطولات الخليجية التي لا تختلف فيها العادات والانفلات وغياب الانضباط وهو ما يفسّر المستوى الفني المحدود الذي لا يفوق بطولتنا في شيء.
أنور بن حميدة
(مدرب حراس):
«سوء الاختيار مسؤولية وكيل الأعمال...»
لا يمكن لنا الحكم على البطولات الخليجية اكثر من الفنيين الذين عاينوها عن قرب وفي هذا الاطار كان لـ«المغرب» لقاء مع أنور بن حميدة مدرب الحراس الذي كانت له تجربة مع قرمبالية الرياضية والملعب التونسي كما خاض تجارب خارحية في السعودية والامارات حاليا وفي اجابة عن تساؤلنا هل أن اختيار اللاعب التونسي الاحتراف الخليجي هل هو لاختيارات فنية أم لإغراءات مالية قال: «من المعلوم أن الإغراءات المالية هي النقطة الأبرز في البطولات الخليجية لكن يجب أن لا ننسى أن الهيئات المديرة أو مجالس الإدارة توفر لك كل إمكانيات النجاح كلاعب أو مدرب من المنشآت الرياضية إلى التربصات والمنح والرواتب المنتظمة لذلك نجد إقبالا على الهجرة إلى الخليج حيث يكون اللاعب حتى من هو متوسط الإمكانيات قادرا على النجاح لان اللاعبين في الخليج محدودي الإمكانيات».
ويؤكد بن حميدة على أن العقلية تلعب دورا كبيرا في النجاح حتى في الخليج: «قد لا يدرك البعض صعوبة الاحتراف في الخليج لان القدرة على البقاء أكثر من سنتين هناك يعد تحديا خاصا فاللاعب التونسي تعود على السهر والترفيه الذي يزيد في الغالب عن الحد في حين ان الوضع في الخليج يتطلب الانضباط وإذا لم تكن لاعبا ممتازا جدا من الناحية الفنية فيجب عليك ان تكون منضبطا على الأقل لتضمن مكانك في الفريق لكن للاساف فعقلية اللاعب التونسي تعجز عن استيعاب الأمر لذلك لا نرى تجارب نجاح خارقة...» وفيما يتعلق بملف يوسف المساكني اعتبر محدثنا أن: «المساكني «قتل» موهبته لأنه فكّر في المال بدرجة أولى، كان عليه اختيار أوروبا ثم أنهى تجربته في الخليج لكن الحقيقة ان العرض المالي كان مغريا حينئذ ومن الصعب أن يرفضه أي لاعب يبحث عن ضمان مستقبله». ويرى أنور بن حميدة أن سوء الاختيار مسؤولية وكيل الأعمال بنسبة هامة خاصة أن هذا الأخير يبحث في الغالب عن مصلحته وعن توفير مناب اكبر له من الصفقة وعادة لا يمكن أن نحمل المسؤولية للاعب الذي تغريه الأموال قبل كل شيء...»