من مونديال فرنسا التي عجز حتى عن إنهائها في المركز 17 بعد تعثره أمام منتخب بولونيا في اللقاء الترتيبي الأول ووجد نفسه يراهن على مرتبة 19 أمام منتخب لا يملك تقاليد في هذه اللعبة حتى عربيا منتخب العربية السعودية.
بان بالكاشف أن المنتخب لم يكــن جاهزا لخوض المونديال والتحضيرات التي قام بها لقرابة الشهر لا تفـــــي بالغرض ولم تمكنه مــن الجاهزية بعد أن استهل تدريباته مــع نهاية الأسبوع الأول من ديسمبر الماضـــي في وقت قاربت فيه تحضيرات بعض المنتخبات الأخرى المنتصــف واكتفى ببعــــض المباريات الودية لــم تقدم الإضافـــة المطلوبة في مقدمتها الود الذي خاضه مع منتخب مقاطعة الباسك الذي طرح بعده أكثر من سؤال عن جديـــــــة الإستعدادات لهذا المونديال الذي علقت عليه امال كبيرة في استعادة كرة اليد التونسية لهيبتها والمسؤولية هنا مؤكد تتحملها الإدارة الفنية التي لـــم تعط تحضيرات المنتخب القيمة الــتـــــي تستحقها كما كان الحال مع منتخـــب الكبريات فحتى الدورات الودية الدولية غابت عنها تونس والسبب الإدارة الفنية والجامعة على حد السواء بعد أن تركوا المنتخب طيلة ثمانية أشهر دون مدرب.
تفرغ الكل لانتخابات الجامعة وكان المنتخب آخر همهم والإدارة الفنيــــة بدورها انخرطت في المنظومة ونسيت دورها الأول وضع برمجة واضحـــة وهادفة لتحضيرات المنتخب الذي ذهب ضحية حسابات ضيقة بعد أن أبعـــد مدربه الأول «حسن سعد أفنديتـــش» في مونديال قطر وأعتبر المســـؤول الأول عن تلك النتائج وتحمل ذنبها كاملة ثم وبالكيفية ذاتها وإن اختلــف الزمان والمكان والحدث أقصي مدربه الثاني «سلفان نوي» صحبة مساعده أنور عياد بعد أن اعتبر رجل المرحلة والمنقذ وصاحب مشروع المستقبـــل والدور ات مؤكد على حافظ الزوابــي والحصيلة ثلاثة مدربين في أقل مـــن عامين والنتائج ذاتها منتخب عاجز لا يقدر على تخطي الدور ثمن النهائي والأول من المونديال ككل مشاركة ولا يقدر للمرة الثانية على التوالي على رفع التاج الإفريقي، حصيلــة هزيلة تتحمل الإدارة الفنية جانبا كبيـــرا منها لأنها عجزت عن تحمل مسؤولياتها ولم تكن قادرة على اختيار الربان الأنسب في جامعة كل عضو فيها «يغني على ليلاه» وكل عضو يسعى لوضع مصلحته اولا حتى لو كانت علــى حساب المصلحة العامة.
يذكر الكل بعد مونديال قطر أن النية كانت متجهة للتعاقد مع المدرب سامي السعيدي والمدير الفني للجيش القطري عمر خذيرة ولكن سرعان ما تغيــرت الاراء لا لشيء إلا لأن فلان لا يخدم هذا الثنائي مصلحته ونصب مكانه الرجل الثاني في كرة اليد الفرنسية «سلفاــن نوي» الذي وجدت بعض الأشخــاص حججا واهية ووضعته خارجا حتـــى يفسح لها المجال لتتحكم في المنتخب كما تشتهي وتريد في وقت غابت فيه المحاسبة من سلطة الإشراف التـــي ظلت تتابع من بعيد وكأن الأمر لا يتعلق برياضة تونسية ولا يعنيها والأزمة هنا انطلقت مع ما حدث مع الرئيس السابق كريم الهلالي ووزارة صابر بوعطي لم تحرك ساكنا وقتها ومن بعدهــا وزارة ماهر بن ضياء التي وقفت «تتفــرج» شأنها شأن اللجنة الأولمبية والهياكل المسؤولة في خيبة «الكان» وما تبعها من أحداث مخجلة ومهينة مست صورة الرياضة التونسية بأكملها لا فقط كرة اليد ثم الخيبة التي تلتها في أولمبياد ريو وسننتظر لنرى إن كــانت الوزيرة ماجدولين الشارني ستتبع هذه الخطى وتترك السفينة تغرق برمتها بحجة عدم التدخل في شؤون الجامعات أم سيكون لها رأي مخالف وستفتح تحقيقا جديا يمكن من تصحيح مسار كرة اليد اللعبة الشعبية الثانية في بلادنا.
تضاف هذه المشاركة إلى سلسلة اخفاقات المنتخب الذي ظلت تنخره المصالح الخاصة والحسابات الضيقة فالكل كان يخال أن منتخبنا الذي حقق فوزا تاريخيا على ألمانيا وأحرج بطل العالم المنتخب الفرنسي في مونديال إسبانيا قد استعاد مساره الصحيـــح والمستقبل سيكون لشبانه ولكــن ذلك لم ولن يحصل مادامت «دار لقمان على حالها» ومــا دام الأشخـــاص ذاتهم يتحكمون في كل شيء فمن أعاد هيكل مقنم بعد أن أعلن اعتزاله دوليا ووسام حمام هو ذاته من كان سببا في إبعاد بطريقة أو بأخرى محمود الغربــــي وسليم الهدوي وبطريقة غير مباشرة كمال العلويني والسيناريو تكرر مؤخرا بطريقة مغايرة اعتمدت فيها سياسة الإقصاء الممنهجة تجــــاه من هم أجدر بالتواجد مع المنتخب ذنبهــــم الوحيد أنهم ليسوا أتباعا لنائب رئيس لجنة منتخبات الذكور وكيل أعمال اللاعبين الذي بـــــات مجرد تواجده في محيط المنتخب شبهة تضارب للمصالح ولا ندري حقيقة لم رضي هيكــــل مقنم الذي لا يمكن لأحد أن يشكك في قيمته وفي ما قدمه لكرة اليد التونسية بهذا المنصب وهو على دراية جيدة بأنــــه سيضر بطريقة أو بأخرى بمصلحـــة المنتخب وهو الذي سبق وأعلن أيــضا أنه لن يكون مع المكتب الجامعــــي الحالي.
سيعود المنتخب اليوم إلى أرض الوطن بمرتبة 19 أو 20 والأمر واحدا مرتبة مذلة ونتائج مخجلة رغم تألــق بعض العناصر عكست المسرحيــــة رديئة الإخراج التي تعيشها هذه اللعبة بانقساماتها وتجاذباتها وفوز الأصاغر والأواسط بتاج إفريقيا مؤخرا لا يمكن أن يحجب الخور الملم بهذه اللعبـــة والوضع الصعب الذي تعيشه والـــذي يقتضي وقفة حازمة من عائلة كرة اليد إذا أردنا فعلا إيجاد الحل الصائــــب ومعالجة مكمن الداء وسياسة الانطواء على الذات لن تكون مجدية ومن يريد التفرد بالرأي عليه أن يدرك أن المنتخب ملك عام وليس مطية لتحقيق أغراضه الشخصية الضيقة فكرة اليد عائلــــة لا بيتا للتجاذبات والإنقسامات ومـن يريد فرض سلطانه وبسط نفوذه عليه البحث عن ذلك خارج المنتخب الـــذي يضم عناصر شابة لها إمكانيات طيبة لا بد من حمايتها من كل صراع قد تنجرف إليه عنوة مستقبلا.
سيكون الأمر صعبا للمنتخب فــي قادم الأيام بعد هذا التراجع الرهيــــب والإخفاقات المتكررة التي كـــــــان الأشخاص ذاتهم سببا فيها والمحاسبة ستكون ضرورية وكل طرف عليه تحمل مسؤولياته كاملة فالمحاسبة شرط أساسي إذا أردنا فعلا السيـــر إلى الأمام فبالتقييم الواضح والشفاف تصطلح الأمور لا بطي الصفحة فــــي كل مرة والتنصل من الواجب ولــكن الواضح اليوم أننا مازلنا نعيش تحت وطأة الإنقسامات التي كانت انتخابات الجامعة شاهدا عليها وأيضا على الإنقسام الذي عاشه ومازال يعيشه المكتب الجامعي الذي لا ندري إن كان قادرا على مدنا بأسباب مقنعة عن هذه الخيبة أم سيواصل سياسة اللامبالاة والتنصل من المحاسبة مثل ما كــــان الحال بعد «كان» مصر وأولمبياد ريو ومن قبلهما مونديال قطر؟ ســـــؤال نطرحه وننتظر حجج الجامعـــة ورأي سلطة الإشراف في هذه المشاركة التي لا تليق بمنتخب عانق العالمية.