التي ظهرت بتونس سنة 1867، وبعد الطبعة الثالثة التي نشرها “بيت الحكمة” سنة 1990. وتأتي إعادة نشر هذا الكتاب تحقيقا لغايات علميّة هامة و معرفيّه إذ يتضمّن دراسة تحليلية عن خير الدين تشمل جدولا زمنيا جامعا لترجمته منزّلة في عصره، وجدولا ثانيا يبيّن بوضوح أثره في تطور النثر السياسي و فن الرحلة في القرن التاسع عشر، كما يتضمّن تمهيدا “لأقوم المسالك” كاملا (المقدمة و الكتاب الأولّ و فيه وصف عشرين بلدا، و الكتاب الثاني و فيه أقسام الكرة الأرضية و الخاتمة و التقاريظ).
وفي الكتاب بيبليوغرافيا تناولت ترجمة خير الدين ومذهبه الإصلاحي وأعماله وعصره بالاعتماد على ما جدّ من دراسات، وفيه أيضا فهارس لآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأعلام والأشعار الأماكن والكتب الوارد ذكرها والمصطلحات.
والمتأمّل في تجربة خير الدين من خلال “أقوم المسالك” يلمس دعوته إلى التجديد والإصلاح في مختلف أوجه الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في تونس. ومعلوم أن خير الدين لم يطبق مجمل ما جاء في كتابه من أفكار تحرّرية ورؤى سياسية بسبب تعدد المناورات السياسية وكثرة المناوئين لهذا الخط الإصلاحي. ورغم ذلك لفت الكتاب انتباه النخبة العلمية والسياسية آنذاك وما يزال إلى اليوم يعدّ من أبرزالمؤلفات في ميدان إصلاح أنظمة الحكم والدعوة إلى الاستفادة من المنجزات الحضارية للأمم الأخرى، مما يبرز أن تونس كانت رائدة في هذا المجال.