خففي من حدتك حتى تتمكن الالهة من معانقة نغماتك ومراقصة الحانك، ايها «basse» العجيب بنوتاتك الساحرة مهلا فالجمهور مازل في مرحلة النشوة ورفقا بالحلم يا عازف الدرامز فطريق الحلم جميلة والكل يريد ان يسير فيها بتؤدة لمزيد من المتعة وحتى تكون السفرة أجمل.
«سفر» ثلاثة احرف ولكنها عنوان للحب والجمال والسحر، سفرة موسيقية قوامها درامز عماد العليبي وايقاعات جهاد خميري وكمان زياد الزواري وباس باسكال تايي ، سفر، سفرة سرمدية في عالم تكون الموسيقى فيه سيدة المكان هي رحلة مبهرة اتحدت فيها كل مقومات الجمال لتسحر الروح والقلب وتمنحك فرصة للحلم سفر عرض للتونسي عماد العليبي عرض موسيقي وكانه قولة درويش.
يا نشيدُ ! خذ العناصر كُلَّها
واصعدْ بنا
سفحاً فسفحاً
واهبط الوديان --
هيّا يا نشيدُ
فأَنت أَدرى بالمكانِ
وأَنت أَدرى بالزمانِ
وقُوَّةِ الأَشياء فينا
خمرة الموسيقى اسقنيها
غير بعيد عن البحر وضع الركح وصعد العازفون ليرحلوا بالجمهور في سفرة الموسيقى الهادئة الساحرة، تصمت الموجات وتخير ترك المكان لالات الكمان والدرامز، تنسحب اوراق الشجر المتطايرة ويخفت حفيفها لتفسح المجال لآلة الباس حتى تمتع جمهور قرطاج.في فضاء سان سيباريان ضرب جمهور قرطاج في دورته الثانية والخمسين موعد مع الحلم، حلم قاده فنانون تونسيون عشقوا الموسيقى فابدعوا وقدموا سفرة موسيقية عنوانها سفر.
عماد العليبي على الة الدرامز وجهاد خميري ايقاع وباسكال تايي على الة الباس وزياد الزواري على الة الكمان جميعهم اتفقوا على أن يقدموا للجمهور سهرة لن ينساها سهرة برائحة وعطور تونس المميزة.
سفر لعماد العليبي عرض ولد في مدينة «مونبيللي» الفرنسية قال صاحب العرض، هو رحلة موسيقية ودعوة للإنسانية عرض يدعو للتسامح والسلم في وقت كثرت فيها المشاحنات.
يصمت الكل وتكون الكلمة الحق للدرامز والآلات الايقاعية تونسيان عشقا الايقاع فأبدعا عماد العليبي وجهاد خميري جمعهما حب الايقاع ليقدما اجمل النغمات والنوتات، العليبي اشتغل على الموسيقى الغربية والخميري اشتغل على الموسيقى الصوفية ليكونا على الركح في عرض واحد ونسق اوحد ونوتة موحدة امتعت جمهور قرطاج في سفر.
«سفر» هو خلاصة لعديد السفرات التي قام بها هذا الثنائي والتي ناهز عددها الخمسين بلدا، فقد حاولا في هذا المشروع أن يقيما جسرا للتواصل بين الثقافات والحضارات، سفر عنوان للتسامح فوحدها الموسيقى قادرة على توحيد الشعوب ونبذ التفرقة ولها القدرة على تجاوز الازمات كما قال قبل العرض.
و يمثل عماد العليبي الجيل الجديد من الموسيقيين في المغرب العربي والشرق الأوسط الذي يجمع في موسيقاه بين الهويات التقليدية المنغرسة في الواقع وبين منتجات التكنولوجيا الحديثة ، شباب امن بالموسيقى فاتخذها دينه وديدنه واداته للتعبير عن مواقفه وارائه.
وفي هذا السياق ينضوي الموسيقي الشاب عماد العليبي عازف الإيقاع ضمن هذا التمشي وهو بعمله «سفر» يكتب ملحمة رائقة بين الأصوات يرتد فيها صدى روح الثورات يرفرف بإيقاعات صوفية مدوية بهيئة بربرية ويصاحبه في صياغة هذا التصور زياد الزواري الذي يلقي بكمنجاته العواطف والانفعالات الشرقية من خلال التوزيعات الموسيقية الفنية لستيفان بوياش مدعومة بدفقة دقيقة من الموسيقى الإلكترونية.
في فضاء سان سيباريان، وسط نصائح القديس يتجول عماد العليبي وايقاعاته الغربية والهندية والتركية والتونسية بالجمهور يدفعه للاغماض عينيه والحلم حينا ثم الابتسام والتحليق مع النغم فالوقوف للرقص مشاعر متباينة تعيشها وانت تعانق موسيقى الات الايقاعية وتستمتع بما يقدمه عماد العليبي وجهاد خميري.
موسيقى ساحرة صاحبها صوت الفنانة المتمردة كما يسمونها غالية بن علي صاحبة الصوت القوي والحضور الركحي المميز، غالية غنت وتألقت على الركح وامتعت الجمهور وانتشى معها الحضور فكانت السفرة كاملة الاوصاف فتنت الحضور واسرته.
في حديث الباس والكمنجة...تحضر النشوة والمتعة
نغمات هادئة ورقيقة، موسيقى تنساب كموسيقى الشلال او هي ضحكة طفل صغير لازال يتعلم النطق او ربما همس عاشقين فرقتهما الايام، تنساب الموسيقى في حوار ثنائي جد مميز، غنج كمان زياد الزواري واناقة باس باسكال تايي، كلاهما فنان بامتياز له خصوصيته في العزف ليجتمعا في سفر ويبدعا امام جمهور جاء للمتعة.
يقولون انه لا ينافس الكمان في تحريك أعماق العواطف البشرية سوى آلة الناي في الموسيقى العربية. غير أن اعتماد الكمان في تطوير الموسيقى الأوروبية والموسيقى العربية على السواء، أوجد بين المستمع وآلة الكمان علاقة أرحب مساحة وأوسع أفقاً وأعمق تأثيراً من علاقة المستمع بأية آلة موسيقية أخرى كذلك هي العلاقة بين زياد الزواري وكمانه، العازف العاشق لالته، مبدع يجدد في كل عرض وكلما تشاهده تشعر انك تستمع لنغمات الكمان للمرة الاولى.
كمان زياد الزواري كانت اميرة عرض سفر ، اميرة عصية على الفهم ونوتاتها لينة حينا ومتمردة حينا اخر، بموسيقاه ابهر المتفرج وبعزفه الثنائي مع باسكال تايي تحقق المتعة لجمهور الدورة الثانية والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي.
يعانق الفنان كمانه السحرية، يداعبها فتكون نغماتها ساحرة وكانها موجة من الحب وهالة من السحر نغمات رقيقة يقابلها الق من الة الباس تتحادثان وتترافقان وتصاحبان الجمهور في سفرة موسيقية عنوانها المتعة والذوبان في الموسيقى حد التلاشي والتماهي معهاموسيقى
كتلك التي قال عنها باولو نيرودا:
حيث نَسْمَعُ فيها صَمَتَ النباتِ معَ الكواكبْ
وما أكثرَ ما سوفَ تَمُرُّ أشياءُ نقيةْ
وستكونُ للكمنجاتِ رائحةَ القمرْ
وفي فضاء سان سيباريان كان للكمنجة رائحة القمر وعذوبة الرياحين وشدو الطبيعة في القها واثبت زياد الزواري انه سيكون رمزا من رموز عازفي الكمان في تونس وسيكون اسطورة كما دافيد أويستراخ، و استفان غارابيللي، و أنـور منسي وأحمـد الحفـناوي، لانه يعشق ما يقدم.
«سفر» هو سفر حقيقي بين الإيقاعات البدوية التونسية وايقاعات الروك والإيقاعات المغاربية قناوة وأخرى من الهند وايران وتركيا والبلقان نجح من خلالها في شد الجمهور الذي صفق كثيرا لمختلف القطع الموسيقية الساحرة التي اقترحها «عماد العليبي» على مدى ساعة في بازيليك «سان سيبريان» واختصر فيها كل ما استفاده من سفره الطويل ولقائه بموسيقيين وثقافات متنوعة جعلته ينتج عرضا يفلت من التحديد، يمزج بطريقة عجيبة بين البدوي والروك والإلكترو وغيرها من الموسيقات التي ولدت إيقاعات فريدة اختصرت الجغرافيا ومحت الحدود.