في مسرح الحمامات كان الموعد مع مسرح النهايات، وليس مسرح البدايات، مسرح التساقط. وفي مسافة التساقط لا يعود ثمة قياس لتطوّر أو لتفكير، سوى تزامنية التساقط وكلّ شيء، العالم، القامات، الأجساد، التواريخ، الذاكرة كما كتب بول شاوول الذي ترجم كتابات صاموييل بيكيت الى اللغة العربية.
حين تخرس الافواه وتتكلم الاجساد وجيعة
ظلام يسود المكان، ستار اسود توسط الركح، القمر يضيء المكان وانعكاسه على البحر زاد الفضاء هيبة، جمهور من مختلف الشرائح العمرية جاء ليواكب اول العروض الراقصة في الدورة الثانية والخمسين، 10 اجساد تتوسط الركح رؤوسها مائلة الى اليمين يلبسون الابيض، ثياب رثة وطين ابيض على الوجه هو انعكاس لصراع ابدي مع الوجود، صراع الانا والاخر صراع الانسان والطبيعة والانسان صراع الحياة والموت.
يتحرك الاشخاص العشرة مع انطلاق صوت الموسيقى القوي حركة واحدة لثوان محسوبات، نفس الحركة وفي الوقت ذاته وكانك تشاهد جسدا واحدا لا عشرة اجساد، يتحركون وباقدامهم يحدثون صوتا ويلونون الركح الاسود بالابيض هو رمز للارهاق والغبار رمزية لرفض السائد ومحاولة التغيير وان كان للاسوء.
«ماي ب» عرض صدر عام 1981 جاب انحاء العالم طيلة 35 سنة وقدم اكثر من 600 عرض عبر الخمس قارات يشارك فيه عشرة راقصين 5 رجال و 5 نساء يجسدون قراءات في اعمال الكاتب المسرحي الايرلندي صامويل بيكيت و يصور كفاح الإنسان ضد الوجودية، طيلة الساعة والنيف من الحركات واللوحات يحاول الجسد استيعاب مشاكل العصر ويتشابك مع غيره يعاند الوقت احيانا ويتماهى مع الالم حينا اخر يموت ولكنه يواصل البحث فكلما مات جسد الا وبعث اخر جديد ليواصل مسيرة البحث عن الحياة وتجلياتها ومفاهيمها.
موسيقى قوية لكل من franz sclubert وgilles de binche و gavin dryars هي المستعملة في العرض منذ ثلاثين عاما، موسيقى حزينة وتائهة موجعة كما حركات الاجساد والثياب الرثة والحركات التائهة في خضم بحثها عن معنى الوجود، مشاهد قاتمة و اخرى مشرقة في «ماي بي» هو فن المسرح الراقص مع استخدام ....