فتمتلئ لذلك قلوبهم حسرة وكمدا، لأنهم لم يؤمنوا به، ولم يأخذوا طريق النجاة على هداه.. لقد كان مركب النجاة أقلع، ولن يلحقوا به.
قوله تعالى: وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ..أي هذا القرآن هو حق من حق.. وأنه الحق المستيقن، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. وفى إضافة الحق إلى اليقين، إشارة إلى أنه من موارد اليقين، وأنه حق هذا اليقين، وخلاصة ما فيه.. فهو حقّ مصفّى من حق، إن كان الحق في حاجة إلى تصفية!! قوله تعالى: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ.
هو دعوة للرسول الكريم أن يلقى هذه المنّة العظيمة بنزول القرآن عليه، بتسبيح ربه العظيم، وبحمده، وتنزيهه، والولاء له.. فهذا هو بعض ما ينبغي في مواجهة نعم اللّه، وفى مقام الشكر عليها.
وإذا كان القرآن الكريم هو مأدبة اللّه التي يعصم منها المؤمنون، وينالون منها الشّبع لقلوبهم، والري لأرواحهم- فإن التسبيح بإسم اللّه العظيم مطلوب منهم، بعد هذا الشبع، وذلك الري، للقلوب والأرواح.. فلينتظموا صفوفا وراء إمامهم الكريم، رسول اللّه، صلى الله عليه وسلم وليسبحوا معه باسم ربهم العظيم.
والتسبيح باسم اللّه، هو تسبيح لذات اللّه سبحانه وتعالى، في اسمه الكريم، أما ذاته سبحانه فلا يعرف لها كنه، ولا يقع لها في العقل تصور، تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا.